الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 162 ] ( قوله وإن قال : بعني هذا لفلان فباعه ثم أنكر الأمر أخذه فلان ) أي أنكر المشتري أن يكون فلان أمره بالشراء لأن قوله السابق إقرار منه بالوكالة عنه فلا ينفعه الإنكار اللاحق ( قوله إلا أن يقول : لم آمره به ) أي فلان لم آمر المشتري بشرائه فإنه لا يأخذه فلان لأن الإقرار ارتد برده ولم يذكر المؤلف أنه ينفذ الشراء على المشتري لكن قوله بعده ( إلا أن يسلمه المشتري إليه ) يدل على أنه نفذ الشراء عليه وصار ملكا له ثم تسليمه بعده لفلان وأخذ فلان له بيع بالتعاطي فتكون العهدة عليه وفي الهداية ودلت المسألة على أن التسليم على وجه البيع يكفي للتعاطي وإن لم يوجد نقد الثمن وهو يتحقق في النفيس والخسيس لاستتمام التراضي وهو المعتبر في الباب ا هـ .

                                                                                        وقلت : ودلت أيضا على أن بعني لفلان ليس إضافة إلى فلان إذ لو كان إضافة الشراء له لتوقف لقولهم إن شراء الفضولي لا يتوقف إلا إذا أضافه إلى غيره وصورة إضافته إلى غير المشتري أن يقول : بع عبدك من فلان كما في فتح القدير من بحث الفضولي فلم يضفه المشتري إلى نفسه وإنما أضافه إلى الغير بخلاف بعني لفلان فإنه أضافه إلى ياء المتكلم وقوله لفلان يحتمل بشفاعة فلان كما قال محمد لو أن أجنبيا طلب من الشفيع تسليم هذه الدار فقال الشفيع سلمتها لك بطلت الشفعة كأنه قال لأجلك لكن إذا أقر فلان بالأمر جعلنا اللام للتمليك .

                                                                                        وفي فروق الكرابيسي شراء الفضولي على أربعة أوجه : الأول أن يقول البائع : بعت هذا لفلان بكذا والفضولي يقول : اشتريت لفلان بكذا أو قبلت ولم يقل لفلان فهذا يتوقف الثاني أن يقول البائع : بعت من فلان بكذا والمشتري يقول اشتريته لأجله أو قبلت يتوقف الثالث بعت هذا منك بكذا فقال : اشتريت أو قبلت ونوى أن يكون لفلان فإنه ينفذ عليه الرابع أن يقول : اشتريت لفلان بكذا والبائع يقول : بعت منك بطل العقد في أصح الروايتين ا هـ .

                                                                                        قيد بالتسليم لأن فلانا لو قال : أجزت بعد قوله لم آمره لم يعتبر ذلك بل يكون العبد للمشتري لأن الإجازة تلحق الموقوف دون الجائز وهذا عقد جائز نافذ على المشتري كذا في المعراج وفي كافي الحاكم ولو أن رجلا اشترى عبدا وأشهد أنه يشتريه لفلان فقال فلان : قد رضيت فأراد المشتري أن يمنعه كان له ذلك فإن سلمه له وأخذ الثمن كان هذا بمنزلة بيع مستقبل بينهما ا هـ .

                                                                                        وفي الواقعات الحسامية ولو أن رجلا أمر رجلا بأن يشتري له عبد فلان بألف فقال صاحب العبد للوكيل : بعت عبدي هذا من فلان الموكل بألف فقال الوكيل : قبلت لزم الوكيل لأن الموكل أمره أن يقبل على نفسه حتى تلزم العهدة الوكيل دون الآمر وهو قبل على الموكل فصار مخالفا قلت : يجب أن يعتبر فضوليا لأن هذا قبول لغيره لأن البائع أوجب البيع للموكل والوكيل قبل ذلك الإيجاب فصار كما لو قال : قبلت لفلان الموكل وإذا كان قبولا لغيره تعذر تنفيذه عليه فيتوقف وقد ذكرت ذلك لأستاذنا فصوبني ا هـ .

                                                                                        [ ص: 162 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 162 ] ( قوله أي فلان ) تفسير للضمير المستتر في يقول ( قوله ولم يذكر المؤلف أنه ينفذ الشراء على المشتري إلخ ) قال الرملي : محله ما إذا قال : بعني لفلان أما إذا قال : بعه لفلان أو بع فلانا عبدك أو بعه من فلان ونحوه فلا ينفذ عليه أيضا وقد وضحه هذا الشارح بقوله ودلت أيضا إلخ ( قوله وقد ذكرت ذلك لأستاذنا فصوبني ) أي نسبني إلى الصواب وقال الرملي : أي قال لي أصبت وتقدم في شرح قوله والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه أن ابن ملك فهمه من الخلاصة والبزازية فراجع ذلك وانظر ما كتبناه في الحاشية ا هـ قلت : الذي مر عن الخلاصة والبزازية هناك مخالف لما فهمه ابن الملك وقدمنا أن الذي في ابن الملك منقول عن الفصول نقله عنها في شرحه على المجمع نعم ما ذكره هنا بحثا تقدم هناك في عبارة الخلاصة والبزازية حيث قال : وقال أبو القاسم الصفار : الصحيح أن الوكيل يصير فضوليا ويتوقف العقد على إجازة الموكل ا هـ .

                                                                                        وانظر ما كتبناه هناك عن نور العين ( قوله ولم يذكر الشارحون فائدة التقييد بالمعنيين إلخ ) قال في حاشية مسكين بعد نقله وتبعه بعضهم كالحموي والدر وغير هما وأقول : دعوى أن التقييد اتفاقي غير مسلم لأنه عند عدم التعيين يبطل التوكيل لعدم تسمية الثمن أو ما يقوم مقامه من بيان النوع كالتركي والحبشي فهذا غفلة عن قول المصنف فيما سبق قريبا أمره بشراء عبد أو دار صح إن سمى ثمنا وإلا فلا ا هـ .

                                                                                        أقول : بيان الثمن أو النوع لا يخرجه عن كونه غير معين وقد قدم المؤلف أن الإضافة إلى المالك مثل جارية فلان لا تعينه ونقل هناك عن البزازية وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى من قطعت يده نفذ على الموكل عند الإمام ولا يخفى أنه مقيد ببيان النوع أو الثمن وإلا لم تصح الوكالة وتقدم متنا أيضا لو وكله بشراء شيء بغير عينه فالشراء للوكيل إلا أن ينوي للموكل أو يشتريه بماله تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية