الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك ) لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل به وهذا لأنه رضي برأيه والناس مختلفون في الآراء إلا أن يأذن له الموكل لوجود الرضا أو يقول له برأيك لإطلاق التفويض إلى رأيه وإذا وكل الوكيل بالقبض بلا إذن فدفع له المديون فإن وصل إلى الوكيل الأول برئ وإلا فإن وكل من في عياله برئ وإلا لا فإن هلك المال في يد الثاني كان للغريم تضمينه وللثاني الرجوع على الوكيل الأول وتمامه في الذخيرة من الفصل الثاني وإذا وكل بإذن أو تفويض كان الثاني وكيلا عن الموكل حتى لا يملك الأول عزله ولا ينعزل بموته وينعزلان بموت الأول وقد مر نظيره في أدب القاضي وفي الخلاصة رجل وكل رجلا ببيع شيء وشرائه وقال له : اصنع ما شئت فوكل الوكيل رجلا بذلك ثم مات الوكيل الأعلى فالوكيل الأسفل على وكالته ولو أخرجه الوكيل الذي وكله جاز ولو أخرجه الموكل كان إخراجه جائزا أيضا سواء كان الوكيل الأول حيا أو ميتا ا هـ .

                                                                                        فقد صحح عزل الوكيل لوكيله وهو مخالف لما في الهداية من أن الثاني صار وكيل الموكل فلا يملك الوكيل عزله إلا أن يفرق بين قوله اصنع ما شئت فيملك عزله وبين قوله اعمل برأيك فلا يملك عزله .

                                                                                        والفرق ظاهر وعلل في الخانية بأنه لما فوضه إلى صنعه فقد رضي بصنعه وعزله من صنعه وفيها إذا وكل ثم قال للوكيل فلانا فإن الوكيل لا يملك عزله إلا إذا قال له : وكل فلانا إن شئت أو وكل من شئت فيملك عزله ا هـ .

                                                                                        والمراد لا يوكل فيما وكل فيه فيخرج [ ص: 176 ] التوكيل بحقوق العقد فيما ترجع الحقوق فيه إلى الوكيل فله التوكيل بلا إذن لكونه أصيلا فيها ولذا لا يملك الموكل نهيه عنها وصح توكيل الموكل كما قدمناه وقيد بقوله اعمل برأيك احترازا عن قوله ما صنعت من شيء فهو جائز قال في القنية قال للوكيل : ما صنعت من شيء فهو جائز من بيع أو شراء أو عتق عبده أو طلاق امرأته فوكل هذا الوكيل غيره بعتق عبد موكله أو طلاق امرأته ففعل لا ينفذ لأن هذا مما يحلف به فلا يقوم غيره مقامه بخلاف البيع والشراء فإنه لا يحلف بهما فقام غيره مقامه ا هـ .

                                                                                        وخرج عن قوله لا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك ما لو وكل بقبض الدين من في عياله فدفع المديون إليه فإنه يبرأ لأن يده كيده ذكره الشارح في السرقة وفي وكالة الخزانة وما لو وكل الوكيل بدفع الزكاة ثم وثم فدفع الآخر جاز ولا يتوقف كما في أضحية الخانية وذكر قبله رجل وكل غيره بشراء أضحية فوكل الوكيل غيره ثم وثم فاشترى الآخر يكون موقوفا على إجازة الأول إن أجاز جاز وإلا فلا ا هـ .

                                                                                        وما إذا قدر الوكيل لوكيله الثمن كما سيأتي .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف ولا يوكل إلا بإذن إلخ ) قال الرملي : المراد نفي النفاذ لا نفي الصحة حتى لو وكل بدونهما فأجاز الموكل نفذ فيكون فضوليا يعلم هذا قولهم كلما صح التوكيل به إذا باشره الفضولي يتوقف ا هـ .

                                                                                        قلت : ويعلم من كلام المؤلف في القولة الآتية ( قوله حتى لا يملك الأول عزله ) قال في الحواشي اليعقوبية : هاهنا كلام وهو أنه ينبغي أن يملك في صورة أن يقول : اعمل برأيك لتناول العمل بالرأي العزل كما لا يخفى فليتأمل ا هـ .

                                                                                        ومثله في الحواشي السعدية ويؤيده ما يأتي عن الخلاصة وإن ادعى المؤلف ظهور الفرق بينهما فإنه كما أن عزله فهو من صنعه فهو من رأيه أيضا تأمل .

                                                                                        [ ص: 176 ] ( قوله وما إذا قدر الوكيل ) معطوف على فاعل خرج أي وخرج ما إذا قدر الوكيل إلخ وقوله كما سيأتي قريبا أي أول المقولة الآتية وقيد بتقدير الوكيل الأول للثمن احترازا عن تقدير الموكل الثمن فإنه لا يجوز للوكيل الثاني الانفراد كما سيأتي تصحيحه عن المنية




                                                                                        الخدمات العلمية