الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 181 ] ( قوله وبقبض العين لا ) أي الوكيل بقبض العين لا يكون وكيلا بالخصومة لأنه أمين محض والقبض ليس بمبادلة فأشبه الرسول حتى أن من وكل وكيلا بقبض عبد له فأقام ذو اليد البينة أن الموكل باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب وهذا استحسان والقياس أن يدفع إلى الوكيل لأن البينة قامت لا على الخصم فلم تعتبر وجه الاستحسان أنه خصم في قصر يده لقيامه مقام الموكل في القبض فتقصر يده حتى لو حضر البائع تعاد البينة على البيع وصار كما إذا أقام البينة على أن الموكل عزله عن ذلك فإنها تقبل في قصر يده كذا هذا وكذا الإعتاق والطلاق وغير ذلك معناه إذا أقامت المرأة البينة على الطلاق والعبد أو الأمة على الإعتاق على الوكيل بنقلهم تقبل في قصر يدهم حتى يحضر الغائب استحسانا دون العتق والطلاق كما إذا ادعى ذو اليد الارتهان من الموكل وبرهن تقصر يد الوكيل عن القبض وفي كافي الحاكم .

                                                                                        ولو وكل رجل عبد رجل بقبض وديعة له عند مولاه أو عند غيره فباع المولى العبد أو أعتقه أو كانت أمة فولدت فالوكيل على وكالته وإذا وكله بقبض عبد له عند رجل فقتل العبد خطأ كان للمستودع أن يأخذ قيمته من العاقلة وليس للوكيل قبضها كالثمن ولو قتل عند الوكيل كان له أخذها ولو جنى على العبد قبل أن يقبضه الوكيل فأخذ المستودع أرشها فللوكيل أن يقبض العبد دون الأرش وكذا لو كان المستودع أجره بإذن مولاه لم يأخذ الوكيل أجره وكذلك مهر الأمة إذا وطئت بشبهة ولو وكله بقبض أمة أو شاة فولدت كان للوكيل أن يقبض الولد مع الأم ولو ولدت قبل أن يوكله بقبضها لم يكن له قبض الولد وثمرة البستان بمنزلة الولد ولو كان المستودع باع الثمرة في رءوس النخل بأمر رب الأرض لم يكن للوكيل أن يقبضها وكذلك الجارية إذا كانت الوديعة مما يكال أو يوزن فوكله بقبضها ثم استهلكها رجل فقبض المستودع من المستهلك مثلها لم يكن للوكيل أخذه قياسا ولكن استحسن أن يأخذه ولا أراه مثل قيمة العبد أرأيت لو أكلها المستودع أما كان للوكيل أخذ مثلها منه إذا وكله بقبض وديعة ثم قبضها الموكل ثم أودعها ثانيا لم يكن للوكيل قبضها علم أو لم يعلم وكذا لو قبضها الوكيل ودفعها إلى الموكل .

                                                                                        ثم أودعها الموكل فإن قبضها فلرب المال تضمينه أو تضمين المودع فإن ضمن الوكيل لم يرجع على المودع وإن ضمن المودع رجع على الوكيل وإذا وكله بقبضها اليوم فله قبضها غدا استحسانا ولو قال : اقبضها بمحضر فلان فقبضها في غيبته جاز ولو أنكر ربها التوكيل وحلف وضمن المودع فله الرجوع على القابض إن كانت قائمة فإن ادعى الوكيل هلاكها أو الدفع إلى الموكل وقد صدقه المودع في الوكالة لم يرجع عليه وإن كان كذبه أو لم يصدقه ولم يكذبه أو صدقه وضمنه المال كان له أن يضمنه ولو جعل للوكيل بقبض الوديعة أجرا جاز وعلى تقاضي الدين لا إلا أن يوقت ا هـ .

                                                                                        [ ص: 181 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 181 ] ( قوله لم يكن للوكيل قبضها ) مخالف لما قدمناه عن الذخيرة قبيل قول المتن إلا في خصومة والظاهر ما هنا ( قوله أو صدقه وضمنه المال ) أي بأن قال له : إن جاء الموكل وأنكر الوكالة تضمن لي المال فقال : نعم تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية