( قوله ومن أمر بدفعه إليه ) لأنه أقر على نفسه لأن ما يقبضه خالص ماله وسيأتي في الكتاب حكم ما إذا ادعى الإيفاء وقد تقدم أن الوكيل بقبض الدين وكيل بالمبادلة والتمليك والتملك فلا إشكال في صحة التوكيل به وبه سقط ما في الذخيرة من السؤال والجواب كما لا يخفى وقول الشارح هذا سؤال حسن والجواب غير مخلص إلخ غفلة عما قدمه والمراد بأمره جبره عليه كما في السراج الوهاج ( قوله فإن حضر الغائب فصدقه وإلا دفع إليه الغريم الدين ثانيا ) لأنه لم يثبت الاستيفاء حيث أنكر ذلك والقول في ذلك قوله مع يمينه فيفسد الأداء إن لم يجز استيفاء حال قيامه ( قوله ورجع به على الوكيل لو باقيا ) أي رجع الدافع بما قبضه الوكيل إن كان باقيا في يده لأنه ملكه وانقطع حق الطالب عنه أطلقه في البقاء فشمل البقاء الحكمي بأن استهلكه الوكيل فإنه باق ببقاء بدله ولذا قال في الخلاصة وإن استهلكه ضمن مثله فإن ادعى أنه وكيل الغائب بقبض دينه فصدقه الغريم حلفه على ذلك وإن مات الموكل وورثه غريمه أو وهبه له وهو قائم في يد الوكيل أخذه منه في الوجوه كلها وإن كان هالكا ضمنه إلا إذا صدقه على الوكالة . ادعى الوكيل هلاكه أو دفعه إلى الموكل
( قوله وإن ضاع لا ) أي فلا رجوع عليه لأنه بتصديقه اعترف أنه محق في القبض وهو مظلوم في هذا الأخذ والمظلوم لا يظلم غيره وأورد عليه أن أحد الابنين إذا صدق المديون في دعواه الإيفاء للميت وكذبه الآخر ورجع المكذب عليه بالنصف فإن للمديون الرجوع على المصدق بالنصف إن كان للميت تركة غير الدين مع أنه في زعمه أن المكذب ظالم وأجيب بأن الرجوع على المصدق لكونه أقر على أبيه بالدين ( قوله إلا إذا ضمنه عند الدفع ) لأن المأخوذ ثانيا مضمون عليه في زعمهما وهذه كفالة أضيفت إلى حالة القبض فتصح بمنزلة الكفالة بما ذاب له على فلان قالوا : ويجوز في ضمنه التشديد والتخفيف فمعنى التشديد أن يضمن الغريم الوكيل فالضمير المستتر عائد إلى الغريم والبارز إلى الوكيل ومعنى التخفيف أن يضمن الوكيل المال الذي أخذه وصورته أن يقول الغريم للوكيل : أنت وكيله لكن لا آمن أن يجحد الوكالة ويأخذ مني ثانيا [ ص: 184 ] ويصير ذلك دينا عليه لأنه أخذه مني ظلما فيضمن ذلك المأخوذ فيصح فالضمير المستتر عائد إلى الوكيل والبارز إلى المال وما في النهاية من أنه عكس ما في التشديد سهو إذ يقتضي أن المستتر للوكيل والبارز للغريم وليس بصحيح وإذا رجع البارز إلى المال . ضاع المقبوض في يد الوكيل
فظاهر الكتاب أن المراد بالمال ما قبضه الوكيل لأنه مرجع الضمير في ضاع وما قبله وليس بصحيح لأن ما في يد الوكيل أمانة لتصديقه على الوكالة فلا يجوز أن يضمنه إذ ضمان الأمانات باطل فتعين أن يكون المراد به ما يأخذه منه الدائن ثانيا وظاهر الكتاب أن لا رجوع على الوكيل حالة الهلاك إلا إذا ضمن وفي الخلاصة والبزازية إلا إذا كان الغريم قال : أخاف إن حضر الدائن أن يكذبك فيها وضمنه أو قال مدعي الوكالة : أقبض منك على أني أبرأتك من الدين كما إذا قال الأب للختن عند أخذ صداق بنته : آخذ منك على أني أبرأتك من مهر بنتي فإن أخذت البنت من الختن الصداق رجع الختن على الأب كذا هذا ا هـ .
فللرجوع عند الهلاك سببان ثم اعلم أنه يصح إثبات التوكيل بالبينة مع إقرار المديون به وله نظائر كتبناها في الفوائد من أن البينة لا تقام إلا على منكر إلا في مسائل ذكرناها في الإقرار ( قوله أو لم يصدقه على الوكالة ودفعه إليه على ادعائه ) معطوف على ضمنه أي إذا لم يصدقه فإنه يرجع عليه لأنه إنما دفع له على رجاء الإجازة فإذا انقطع رجاؤه رجع عليه أطلقه فشمل ما إذا سكت لأن الأصل فيه عدم التصديق وأما إذا كذبه والرجوع في الثاني أظهر وفي الوجوه كلها ليس له الاسترداد حتى يحضر الغائب لأن المؤدى صار حقا للغائب إما ظاهرا أو محتملا فصار كما إذا دفعه إلى فضولي على رجاء الإجازة لم يملك الاسترداد لاحتمال الإجازة .
كذا في الهداية وذكر في جامع الفصولين قولين في الاسترداد من الفضولي وعلى القول به لو دفع إلى رجل ليدفعه إلى رب الدين فله أن يسترد لأنه وكيل المديون ولأن من باشر التصرف لغرض ليس له أن ينقضه ما لم يقع اليأس عن غرضه وكذا لو لم يقبل ولا يكون له حق الاسترداد ولو أراد استحلافه على ذلك لا يستحلف لأن كل ذلك يبتني على دعوى صحيحة ولم توجد لكونه ساعيا في نقض ما أوجبه الغائب ولو أقام الغريم البينة أن الطالب جحد الوكالة وأخذ مني المال تقبل ولو ادعى الغريم على الطالب حين أراد الرجوع عليه أنه وكل القابض وبرهن تقبل ويبرأ وإن أنكر حلفه فإن نكل برئ وفي البزازية أقر بالدين وأنكر الوكالة وطلب زاعم الوكالة تحليفه على عدم علمه بكونه وكيلا أقام الغريم البينة أنه ليس بوكيل أو على إقراره بذلك رحمه الله لا يحلفه وصاحبه يحلفه ا هـ . فالإمام
وفيها وإن أراد الغريم أن يحلفه بالله ما وكلته له ذلك وإن دفع عن سكوت ليس له أن يحلف الدائن إلا إذا عاد إلى التصديق وإن كان دفع عن تكذيب ليس له أن يحلفه وإن عاد إلى التصديق لكنه يرجع على الوكيل وللوكيل أن يحلف الغريم في الجحود والسكوت بالله ما يعلم أن الدائن وكله فإن حلف تم الأمر وإن نكل لا يرجع على الغريم ا هـ .