( قوله : ولو لم يستحلف ) أي عند قال المدعي لي بينة حاضرة وطلب اليمين ، وقال أبي حنيفة يستحلف ; لأن اليمين حقه بالحديث المعروف فإذا طالبه به يجيبه أبو يوسف أن ثبوت الحق في اليمين مرتب على العجز عن إقامة البينة بما رويناه فلا يكون حقه دونه ولأبي حنيفة مع ومحمد فيما ذكره أبي يوسف الخصاف ، ومع فيما ذكره أبي حنيفة أطلق في حضورها فشمل حضورها في مجلس الحكم ، ولا خلاف أنه لا يحلف وحضورها في المصر ، وهو محل الاختلاف وحضورها في المصر بصفة المرض ، وظاهر ما في خزانة المفتين خلافه فإنه قال الاستحلاف يجري في الدعاوى الصحيحة إذا أنكر المدعى عليه ويقول المدعي لا شهود لي أو شهودي غيب أو مرضى . ا هـ . الطحاوي
وقيد بحضورها ; لأنها لو كانت خارج المصر فإنه يحلف اتفاقا ، وفي المجتبى : وقدرت الغيبة بمسيرة السفر . ا هـ .
وقيد بقوله المدعي ; لأنه لو كان له بينة عادلة حاضرة ، ولم يخبر القاضي بها فهو مخير بين الاستحلاف وبين إقامة البينة كذا في القنية ثم رقم بعده لآخر إن غلب على ظنه أنه ينكل فله أن يحلفه ، وإن غلب على ظنه أنه يحلف كاذبا لا يعذر في التحليف ، وفيها أيضا ادعى المديون الإيصال فأنكر المدعي ، ولا بينة له فطلب يمينه فقال المدعي اجعل حقي في الختم ثم استحلفني فله ذلك في زماننا . ا هـ .
ولو فإن القاضي يقبل ذلك منه ، وقيل لا يقبل كذا في خزانة المفتين ، وقدمناه ( قوله ، وقيل لخصمه أعطه كفيلا بنفسك ثلاثة أيام ) كي لا يغيب نفسه فيضيع حقه ، وأخذ الكفيل بمجرد الدعوى استحسانا عندنا ; لأن فيه نظرا للمدعي ، وليس فيه كثير ضرر بالمدعى عليه ، وهذا ; لأن الحضور مستحق عليه بمجرد الدعوى حتى يعدى عليه ويحال بينه وبين أشغاله فصح التكفيل بإحضاره والتقدير بثلاثة أيام يروى عن قال لا بينة لي وطلب يمين خصمه فحلفه القاضي فقال لي بينة ، وهو الصحيح كذا في الكافي وصحح في الخانية أنه إلى جلوس القاضي مجلسا آخر ، وهو مروي عن الثاني ، وفاعله قيل القاضي بطلب المدعي كما في الخانية ، وإلا فلا يطلب القاضي منه كفيلا ، وفي الصغرى هذا إذا كان المدعي [ ص: 211 ] عالما بذلك أما إذا كان جاهلا فالقاضي يطلب رواه أبي حنيفة عن ابن سماعة . ا هـ . محمد
أطلق في الخصم فشمل ما إذا كان خاملا أو وجيها ، وما إذا كان ما عليه حقيرا أو خطيرا كذا في الهداية ، وفي المصباح خمل الرجل خمولا من باب قعد فهو خامل أي ساقط النباهة لا حظ له . ا هـ .
والوجيه إذا كان له حظ ورتبة منه أيضا ، وقيد بقوله لي بينة حاضرة للتكفيل ، ومعناه في المصر حتى لو لا يكفل لعدم الفائدة كذا في الهداية ، وفي المجتبى لو قال المدعي لا بينة لي أو شهودي غيب لا يجبره على الإيفاء بل يمهله ثلاثة أيام بشرط أن يدعي حضور الشهود ، ولو قال شهودي غيب يقضى عليه بغير إمهال ، ولو قال المشتري لي بينة على الإيفاء يمهله ثلاثة أيام ، وقال ادعى الإبراء ، وقال لي بينة حاضرة الطواويسي يؤجله إلى آخر المجلس أجل ثلاثة أيام فإن مضت ، ولم يأت بالبينة أو قال لي بينة غائبة يقضى بالقصاص قياسا كالأموال ، وفي الاستحسان يؤجل استعظاما لأمر الدم . ا هـ . ادعى القاتل أن له بينة حاضرة على العفو
وأطلق الكفيل ، وقيده في البزازية وغيرها بالثقة ، وفسره في البزازية بأن يكون له دار وحانوت ملكا له . ا هـ .
وفسره في الصغرى بأن لا يخفي نفسه ، ولا يهرب من البلد بأن تكون له دار معروفة وحانوت معروف لا يسكن في بيت بكراء يتركه ويهرب ، وهذا شيء يحفظ جدا . ا هـ .
وينبغي أن يكون الفقيه ثقة بوظائفه بالأوقاف ، وإن لم يكن له ملك في دار وحانوت ; لأنه لا يتركها ويهرب ، وفسره في شرح المنظومة بأن يكون معروف الدار معروف التجارة ، ولا يكون لحوحا معروفا بالخصومة ، وأن يكون من أهل المصر لا غريب . ا هـ .
وفي كفالة الفتاوى الصغرى فالكفيل إذا سلم إلى القاضي أو إلى رسوله يبرأ ، وإن سلم إلى المدعي لا يبرأ هذا إذا لم يضف الكفالة إلى المدعي بأن قال القاضي أو رسوله أعط كفيلا بنفسك ، ولم يقل للطالب فترجع الحقوق إلى القاضي أو إلى رسوله الذي أخذ الكفيل حتى لو سلم إليه الكفيل يبرأ ، ولو سلم إلى المدعي لا يبرأ ، وإن أضاف إلى المدعي بأن قال أعط كفيلا بالنفس للطالب كان الجواب على العكس . ا هـ . القاضي إذا أخذ كفيلا من المدعى عليه بنفسه بأمر المدعي أولا بأمره
وفي قضائها ثم تأقيت الكفالة بثلاثة أيام أو نحوها ليس لأجل أن يبرأ الكفيل عن الكفالة بعد ذلك الوقت فإن الكفيل إلى شهر لا يبرأ بعد مضي شهر لكن التكفيل إلى شهر لتوسعة الأمر على الكفيل حتى لا يطالب الكفيل إلا بعد مضي شهر لكن لو عجل الكفيل يصح ، وهذا لتوسعة المدعي حتى لا يسلم الكفيل المدعى عليه للحال فيبرأ الكفيل فيعجز المدعي عن إقامة البينة متى أحضر البينة فإنما يسلم إلى المدعي بعد وجود ذلك الوقت حتى لو أحضر المدعي بينة قبل وجود ذلك الوقت يجب أن يطالب الكفيل هذا هو الظاهر ينظر في باب كفالة القاضي من كفالة عصام . ا هـ .
ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى وذكره في الكافي فقال : وله أن يطلب وكيلا بخصومته حتى لو غاب الأصيل يقيم البينة على الوكيل فيقضى عليه ، وإن أعطاه وكيلا له أن يطالبه بالكفيل بنفس الوكيل ، وإذا أعطاه كفيلا بنفس الوكيل له أن يطالبه كفيلا بنفس الأصيل لو كان المدعى دينا ; لأن الدين يستوفى من ذمة الأصيل دون الوكيل فلو أخذ كفيلا بالمال له أن يطلب كفيلا بنفس الأصيل ; لأن الاستيفاء من الأصيل قد يكون أيسر ، وإن كان المدعى منقولا له أن يطلب منه مع ذلك كفيلا بالعين ليحضرها ، ولا يغيبه المدعى عليه ، وإن كان عقارا لا يحتاج إلى ذلك ; لأنه لا يحتمل التغييب وصح أن يكون الواحد كفيلا بالنفس ووكيلا بالخصومة ; لأن الواحد يقوم بهما فلو أقر وغاب يقضى ; لأنه قضاء إعانة ، ولو أقيمت البينة فلم تزك فغاب المشهود عليه فزكيت لا يقضى عليه حال غيبته في ظاهر الرواية ; لأن له حق الجرح في الشهود ، وعن طلب المدعي وكيلا من المدعى عليه أنه يقضى . ا هـ . بلفظه . أبي يوسف
ولم يذكر المؤلف رحمه الله تعالى ما لو طلب المدعي الحيلولة بين العين والمدعى عليه ، وفي الصغرى طلب المدعي بنفس الدعوى من القاضي وضع المنقول على يد عدل ، ولم يكتف بكفيل [ ص: 212 ] النفس والمدعي فإن كان المدعى عليه عدلا لا يجيبه القاضي ، ولو كان فاسقا يجيبه ، وفي العقار لا يجيبه إلا في الشجر الذي عليه الثمر ; لأن الثمر نقلي . ا هـ .
وظاهره أن الشجر من العقار ، وقدمنا خلافه ، وفي خزانة المفتين فيما إذا أقام البينة ، ولم تزك في الجارية قال يضعها القاضي على يد امرأة ثقة مأمونة تحفظها حتى يسأل عن الشهود ، ولا يتركها في يد المدعى عليه سواء كان عدلا أو لا ، وهذا إذا سأل المدعي من القاضي أن يضعها . ا هـ .
وأشار المؤلف إلى أن فالحكم بالأولى كما لا يخفى ويشير إليه قوله فإن أبى فالحاصل أن أخذ الكفيل والوكيل إنما هو برضا الخصم . المدعي لو أقام البينة ، ولم تزك
( قوله : فإن أبى لازمه أي دار معه حيث دار ) أي بمقدار مدة التكفيل المذكورة أشار إلى تفسير الملازمة بالدوران إلى أنه لا يلزمه في مكان معين ، وفي الصغرى المذهب عندنا أنه لا يلازمه في المسجد ; لأن المسجد بني لذكر الله تعالى وبه يفتى ثم قال فيها وتفسير الملازمة أن يدور معه حيثما دار ويبعث معه أمينا حتى يدور معه ورأيت في زيادات بعض المشايخ أن فللمديون أن لا يرضى عند الطالب لو أمر غيره بملازمة مديونه خلافا أبي حنيفة لهما وجعله فرعا لمسألة التوكيل بغير رضا الخصم لكنه لا يحبسه في موضع ; لأن ذلك حبس ، وهو غير مستحق عليه بنفس الدعوى ، ولا يشغله عن التصرف بل هو يتصرف والمدعي يدور معه ، وإذا انتهى المطلوب إلى داره فإن الطالب لا يمنعه من الدخول إلى أهله بل يدخل المطلوب إلى أهله ، والملازم يجلس على باب داره هكذا ذكر هنا ، وفي الزيادات أن فإما أن يأذن للمدعي في الدخول معه أو يجلس معه على باب الدار ; لأنه لو تركه حتى يدخل الدار وحده فربما يهرب من جانب آخر فيفوت ما هو المقصود منها ، وفي تعليق المطلوب إذا أراد أن يدخل بيته أستاذنا لو فإن الطالب لا يلازمها بنفسه بل يستأجر امرأة فتلازمها ، وفي أول كراهية الواقعات رجل له على امرأة حق فله أن يلازمها ويجلس معها ويقبض على ثيابها ; لأن هذا ليس بحرام فإن هربت ودخلت خربة فلا بأس بذلك إذا كان الرجل يأمن على نفسه ويكون بعيدا منها يحفظها بعينه ; لأن في هذه الخلوة ضرورة . ا هـ . كان المدعى عليه امرأة
وأشار بملازمته إلى ملازمة المدعى لما في خزانة المفتين إذا فللمدعي أن يلازم ذلك الشيء إلى أن يعطيه كفيلا ، وإن كان المدعي ضعيفا عن ملازمته يضع ذلك الشيء على يد عدل . ا هـ . كان المدعى عليه متلافا ، وأبى إعطاء الكفيل بالمدعي
وظاهر ما في السراج الوهاج أنه لا يلازمه إلا بإذن القاضي وذكر فيه أن منها أن يسكن حيث سكن ، وفي المصباح دار حول البيت يدور دورا ودورانا طاف به ودوران الفلك تواتر حركاته بعضها إثر بعض من غير ثبوت ، ولا استقرار ، ومنه قولهم دارت المسألة أي كلما تعلقت بمحل توقف ثبوت الحكم على غيره فتنتقل إليه ثم يتوقف على الأول ، وهكذا . ا هـ .
( قوله : ولو كان غريبا لازمه مقدار مجلس القاضي ) وكذا لا يكفل إلا إلى آخر المجلس فلو قال إلا أن يكون غريبا فإلى انتهاء مجلس القضاء لكان أولى ليرجع إلى الملازمة والتكفيل وعلله في الهداية بأن في أخذ الكفيل والملازمة زيادة على ذلك إضرارا به بمنعه عن السفر ، ولا ضرر في هذا المقدار ظاهرا ، أطلق في مقدار مجلس القاضي فشمل ما إذا كان يجلس في كل خمسة عشر يوما مرة كذا في البزازية والمراد بالغريب المسافر لما في البزازية لو لا يؤخذ منه كفيل ، وأجله إلى آخر المجلس فإن برهن في المجلس ، وإلا خلى سبيله ، ولو قال أنا أخرج غدا أو إلى ثلاثة أيام يكفله إلى وقت الخروج ، وإن أنكر الطالب خروجه نظر إلى زيه أو بعث من يثق به إلى رفقائه فإن قالوا أعد للخروج معنا يكفله إلى وقت الخروج ا هـ . كان المدعى عليه مسافرا وعرف ذلك منه