( قوله : ولو فللحر في الحياة ، وللحي في الموت ) ; لأن يد الحر أقوى ، ولا يد للميت فخلت يد الحر عن المعارض أطلق المملوك فشمل المأذون والمكاتب ، وجعلاهما كالحر ; لأن لهما يدا معتبرة ، وفي خزانة أحدهما مملوكا الأكمل ، وإن فما في البيت قبل عتقها فهو للرجل ، وما بعد العتق قبل أن تختار نفسها فهو على ما وصفنا في الطلاق . ا هـ . أعتقت الأمة فاختارت نفسها
وفي مسألة اختلاف الزوجين تسعة أقوال مذكورة في الخانية إجمالا الأول ما في الكتاب ، وهو قول . الثاني قول الإمام للمرأة جهاز مثلها والباقي للرجل يعني في المشكل في الحياة والموت . الثالث قول أبي يوسف المتاع كله له ، ولها ما عليه فقط . الرابع قول ابن أبي ليلى ابن معن هو بينهما . الخامس قول وشريك كله لها ، وله ما عليه . السادس قول الحسن البصري البيت للمرأة . السابع قول شريح في المشكل للزوج في الطلاق والموت ووافق محمد فيما لا يشكل [ ص: 227 ] الثامن قول الإمام المشكل بينهما . التاسع قول زفر الكل بينهما هكذا حكى الأقوال في خزانة مالك الأكمل ، ولا يخفى أن التاسع هو الرابع .
ثم اعلم أن هذا إذا لم يقع التنازع بينهما في الرق والحرية والنكاح وعدمه فإن وقع قال في الخانية : ولو يقضى بالدار والرجل للمرأة ، ولا نكاح بينهما ; لأن المرأة أقامت البينة على رق الرجل والرجل لم يقم البينة على الحرية فيقضى بالرق ، وإذا قضي بالرق بطلت بينة الرجل في الدار والنكاح ضرورة ، وإن كان الرجل أقام البينة أنه حر الأصل والمسألة بحالها يقضى بحرية الرجل ونكاح المرأة ويقضى بالدار للمرأة ; لأنا لما قضينا بالنكاح صار الرجل في الدار صاحب يد والمرأة خارجة فيقضى بالدار لها كما لو كانت الدار في يد رجل وامرأة فأقامت المرأة البينة أن الدار لها ، وأن الرجل عبدها ، وأقام الرجل البينة أن الدار له والمرأة امرأته تزوجها بألف درهم ودفع إليها ، ولم يقم البينة أنه حر كانت الدار للزوج في قولهما ، ولو اختلف الزوجان في دار في أيديهما فإنه يقضى به عبدا لها وبالمتاع أيضا لها ، وإن برهن على أنه حر الأصل قضي له بالحرية وبالمرأة والمتاع إن كان متاع النساء ، وإن كان مشكلا قضي بحريته وبالمرأة والمتاع لها . ا هـ . اختلفا في المتاع والنكاح فأقامت البينة أن المتاع لها ، وأنه عبدها ، وأقام أن المتاع له ، وأنه تزوجها بألف ونقدها
وأما مسألة اختلافهما في الغزل والقطن فمذكورة في الخانية عقب ما ذكرناه عنها تركتها طلبا للاختصار .
ثم اعلم أن أصحابنا عملوا بالظاهر في مسائل منها مسألة اختلافهما في متاع البيت فرجحوه فيما يصلح له ، وهي فيما يصلح لها عملا بالظاهر ، وفي خزانة الأكمل من آخر الدعاوى قال ظاهر ثم قال في نوادر هشام عن محمد فهو للذي عرف باليسار وكذا رجل يعرف بالحاجة والفقر ليس ببيته إلا بورية ملقاة صار بيده غلام غرف باليسار وعلى عنق العبد بدرة فيها عشرون ألف دينار فادعاه رجل عرف باليسار وادعاه صاحب الدار فهي لصاحب المنزل ، وفي نوادر كناس في منزل رجل وعلى عنق الكناس قطيفة فقال هي لي وادعاه صاحب المنزل أيضا معلى عن أبي يوسف فالدقيق للذي يعرف ببيعه والسفينة لمن يعرف أنه ملاح ، وفي نوادر رجلان في سفينة فيها دقيق فادعى كل واحد السفينة ، وما فيها ، وأحدهما يعرف ببيع الدقيق والآخر يعرف بأنه ملاح معروف عن ابن سماعة أبي يوسف فهو لمن يعرف ببيعه ، ولا يصدق رب المنزل ، وإن لم يكن كذلك فالقول قول رب المنزل . دخل رجل في منزل يعرف الداخل أنه مناد يبيع الذهب أو الفضة أو المتاع ، ومعه شيء من ذلك فادعياه
وفي نوادر ابن رستم عن محمد فهو للذي يعرف به ، وإن لم يعرف فهو لصاحب الدار رجل خرج من دار إنسان على عنقه متاع رآه قوم ، وهو يعرف ببيع مثله من المتاع فقال صاحب الدار ذلك المتاع متاعي ، والحامل يدعيه فهي بين الراكب والممسك والجاذب أثلاثا ، ولا شيء للماد سفينة فيها راكب وآخر يتمسك وآخر يجذب وآخر يمدها وكلهم يدعونها ينظر إن كان على الكل حمل الراكب ومتاعه فكلها للراكب والقائد أجيره ، وإن لم يكن على الإبل شيء فللراكب البعير الذي عليه ، وما بقي فهو للقائد أما لو رجل يقود قطارا من الإبل ورجل راكب بعيرا منها فادعياها كلها فهي للسائق إلا أن يقود شاة معه فيكون له تلك الشاة وحدها هكذا في نوادر كان بقرا أو غنما عليها رجلان أحدهما قائد والآخر سائق معلى . ا هـ .
وفي الملتقط من الدعوى مسائل منها ، وقد استنبط من فرع الغلام أن من شرط سماع الدعوى أن لا يكذب المدعي ظاهر حاله كما هو مصرح به في كتب الشافعية فلو لا تسمع فلا جواب لها ثم رأيت ادعى فقير ظاهر الفقر على رجل أموالا عظيمة قرضا أو ثمن مبيع ابن الغرس في الفوائد الفقهية في أطراف القضايا الحكمية صرح به ، والله أعلم هل هو منقول أو قاله تفقها كما وقع لي فقال .
ومن شروط صحة الدعوى أن يكون المدعى به مما يحتمل الثبوت بأن لا يكون مستحيلا عقلا أو عادة فإن الدعوى والحال ما ذكر ظاهرة الكذب ; لأن المستحيل العادي كالمستحيل العقلي مثال المستحيل عادة [ ص: 228 ] فمثل هذه الدعوى لا يلتفت إليها القاضي لخروجها مخرج الزور والفجور ، ولا يسأل من المدعى عليه عن جوابها . ا هـ . دعوى من هو معروف بالفقر والحاجة ، وهو يأخذ الزكاة من الأغنياء على آخر أنه أقرضه مائة ألف دينار ذهبا نقدا دفعة واحدة ، وأنه تصرف فيها لنفسه ، وأنه يطالبه برد بدلها
قلت اللهم إلا إذا ادعى أنه غصب له مالا عظيما كان ورثه من مورثه المعروف بالغنى فحينئذ تسمع ثم قال ابن الغرس : وفي المبسوط لم تسمع دعواه ; لأن ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهرا . ا هـ . رجل ترك الدعوى ثلاثة وثلاثين سنة ، ولم يكن له مانع من الدعوى ثم ادعى
وقدمنا عنهم أن من القضاء الباطل لكن ما في المبسوط لا يخالفه فإنه ليس فيه قضاء بالسقوط ، وإنما فيه عدم سماعها ، وقد كثر السؤال القضاء بسقوط الحق بمضي سنين بالقاهرة عن ذلك مع ورود النهي من السلطان - أيده الله - بعدم سماع حادثة لها خمسة عشر ، وقد أفتيت بعدم سماعها عملا بنهيه اعتمادا على ما في خزانة المفتين والله أعلم .