ولو دفع إليه في بلدة على الظاهر ( ويبيع ) المضارب في المضاربة الصحيحة ( بالنقد والنسيئة ويشتري ويوكل ويسافر ) برا وبحرا ويأذن لعبد المضاربة في التجارة كالشريك عنانا ومفاوضة بخلاف الأب والوصي يملكان تزويج الأمة ولا يزوج عبدا ولا أمة ( وله الإبضاع والإيداع ) واستئجار العمال للأعمال واستئجار المنازل لحفظ الأموال واستئجار السفن والدواب ولو وله أن يرهن ويرتهن لها وله أن يستأجر أرضا بيضاء ويشتري ببعض المال طعاما ليزرعها أو ليغرس فيها نخلا أو شجرا لم يجز عليها وإن قال له اعمل برأيك ولا يملك الاستدانة فإن رهن شيئا من المضاربة ضمن ولو أذنه رب المال في ذلك كان الدين عليهما نصفين ولو أخر المضارب الثمن جاز على رب المال ولا يضمن بخلاف الوكيل الخاص ولو حط بعض الثمن إن كان لعيب طعن فيه المشتري وكان ما حط حصته أو أكثر يسيرا جاز وإن كان لا يتغابن الناس في الزيادة يصح ويضمن ذلك من ماله لرب المال وكان رأس المال ما بقي على المشتري أخذ نخلا أو شجرا معاملة على أن ينفق في تلقيحها أو تأبيرها من المال والدواعي ولو أذن له رب المال في ذلك . ويحرم على المضارب وطء جارية المضاربة
ولو إن لم يكن في المال ربح جاز وإن كان فيه ربح لا يجوز ومتى جاز خرجت الجارية عن المضاربة وليس له أن يشارك إلا أن يقول له اعمل برأيك ولو عقد مضاربة وكذا تزوج المضارب جارية بتزويج صاحب المال إياه ليس له أن يخلط مال المضاربة بماله ولا بمال غيره إلا أن يقول له اعمل [ ص: 265 ] برأيك وليس لأحد المضاربين أن يبيع أو يشتري بغير إذن صاحبه وليس له أن يعمل ما فيه ضرر ولا ما لا يعمله التجار ولا أن يبيع إلى أجل لا يبيعه التجار فليس بمختلف وما اشتراه على المضاربة ولو اشترى بما لا يتغابن الناس في مثله يكون مخالفا سواء قيل له اعمل برأيك أولا ولو باع بهذه الصفة فهو جائز في قول ولو اشترى بيعا فاسدا مما يملك بالقبض خلافا لهما كالوكيل بالبيع المطلق وليس له أن يقرض ولا أن يأخذ سفتجة كذا في الفتاوى الظهيرية وله أن يحتال وإن كان الثاني أعسر من الأول كذا في فتاوى أبي حنيفة قاضي خان فالقرض والاستدانة لا يملكهما إلا بصريح الإذن ولا يكفي قوله اعمل برأيك وإذا صرح بالاستدانة كانت شركة وجوه .
وإذا اشترى بأكثر من المال كانت الزيادة له ولا يضمن بهذا الخلط الحكمي ولو كان المال دراهم فاشترى بغير الأثمان كان لنفسه وبالدنانير للمضاربة لأنهما جنس هنا ولو كان في يده عرض لها فاشترى شيئا لها لبيع العرض وينقد الثمن لم يجز حالا كان الثمن أو مؤجلا لأنه استدانة ولا بد أن يشتري متاعا في يده مثله من جنسه وصفته وقدره ولا يملك المضارب في الفاسدة شيئا من ذلك إلا الإيداع كذا في الفوائد التاجية ولم يتعد عما عينه إن كان التعيين مقيدا من بلد وسلعة ووقت ومعامل كما في الشركة فإن تعدى صار ضامنا فإذا اشترى بعده كان له ولو لم يشتر حتى عاد إلى الوفاق برئ من الضمان وعاد المال مضاربة ولو عاد إليه في البعض كان مضاربة فيه اعتبارا للجزء بالكل ولو كان التقييد غير مفيد كسوق من مصر لا يتقيد به إلا إذا صرح بالنهي وكان مفيدا في الجملة كالسوق بخلاف ما إذا لم يكن مفيدا أصلا كنهيه عن بيع الحال فلا يعتبر .
وقوله مصر أو لتعمل به أو فاعمل به أو بالنصف بمصر أو في مصر أو على أن تعمل بمصر تقييد فلا يتجاوزه كقوله على أن تشتري به الطعام أو فاشتر به الطعام أو لتشتري به الطعام أو خذه بالنصف مضاربة في الطعام أو على أن تشتري من فلان وتبيع منه بخلاف واعمل به في خذ مضاربة تعمل به في مصر أو على أن تشتري به من أهل الكوفة أو من الصيارفة وتبيع منهم ليس بتقييد بالنسبة إلى أهل الكوفة فله البيع من غير أهلها ومن غير الصيارفة تقييد بالنسبة إلى المكان والصرف فليس له أن يخرج من الكوفة ولا أن يعمل في غير الصرف وليس له أن يشتري من يعتق على رب المال بقرابة أو يمين فلو اشتراه كان لنفسه بخلاف الوكيل بالشراء له أن يشتريه إلا إذا قامت قرينة على خلافه كقوله اشتر لي عبدا أبيعه أو أستخدمه أو جارية أطؤها ولا من يعتق عليه إذا كان في المال ربح وضمن إن فعل والمراد من الربح هنا أن يكون قيمة العبد المشترى أكثر من رأس المال سواء كان في جملة مال المضاربة ربح أو لم يكن حتى لو كان لا يصح عتقه . المال ألفا فاشترى بها المضارب عبدين قيمة كل واحد منهما ألف فأعتقهما المضارب
وأما بالنسبة إلى استحقاق المضارب فإن يظهر في الجملة ربح حتى لو أعتقهما رب المال في هذه الصورة صح وضمن نصيب المضارب منهما وهو خمسمائة موسرا كان أو معسرا كذا في الفتاوى الظهيرية وإن لم يظهر ربح بالمعنى المذكور جاز شراؤه لعدم ملكه فإن ازدادت قيمته عن رأس المال عتق نصيب المضارب ولم يضمن لرب المال وسعى المعتق في قيمة نصيب رب المال ولو اشترى الشريك من يعتق على شريكه أو الأب أو الوصي من يعتق على الصغير نفذ على العاقد والمأذون إذا اشترى من يعتق على المولى فإنه يصح ويعتق عليه إن لم يكن مستغرقا بالدين وإلا لا فإن كان نفذت دعوة المضارب فيه لظهور الربح فيه وقبله لا لعدم ظهوره إذ قيمة كل لا تزيد على رأس المال ولزمه عقرها لإقراره بوطئها ويكون في مال المضاربة كذا في المحيط بخلاف ما إذا عتق الولد ثم ظهرت الزيادة حيث لا ينفذ إعتاقه السابق لأنه إنشاء فيشترط وجود الملك وقته كما لو أعتق عبد الغير ثم ملكه لا ينفذ عتقه أما الدعوة [ ص: 266 ] فإخبار لا يشترط وجوده وقته كما لو أقر بحرية عبد الغير ثم ملكه يعني اشتراه فإنه ينفذ وإذا نفذت لا ضمان على المضارب في حصة رب المال من الولد سواء كان موسرا أو معسرا لأن النفوذ بالملك ولا صنع له فيه وعتق من الولد حصة المضارب عند مع المضارب ألف بالنصف واشترى بها جارية قيمتها ألف فوطئها فجاءت بولد يساوي ألفا فادعاه ثم بلغت قيمة الغلام ألفا وخمسمائة فقط وولاء الولد بين المضارب ورب المال بالحصة وخير رب المال إن شاء استسعى الغلام في ألف ومائتين وخمسين وإن شاء أعتقه . أبي حنيفة
ثم إذا قبض رب المال الألف له أن يضمن المضارب نصف قيمة الأم لظهور أن الجارية ربح فنفذت دعوة المضارب فيها أيضا وصارت أم ولد له ولا فرق بين كونه موسرا أو معسرا لأنه ضمان تملك وهو لا يختلف بهما ولا يتوقف على التعدي لأنه ضمان تمليك بخلاف ضمان الولد فإنه ضمان عتق وهو يعتمد التعدي ولم يوجد ولو لم تزد قيمة الولد على ألف وزادت قيمة الأم حتى صارت ألفا وخمسمائة صارت الجارية أم ولد للمضارب ويضمن لرب المال ألفا ومائتين وخمسين إن كان موسرا وإن كان معسرا فلا سعاية عليها لأن أم الولد لا تسعى وما لم يصل إلى رب المال رأس ماله فالولد رقيق ثم يأخذ منه مائتين وخمسين على أنه نصيبه من الربح ولو زادت قيمتها بأن صارت قيمة كل واحد ألفي درهم عتق الولد وصارت أم ولد له ويؤخذ رأس المال منه وهو ألف وما بقي من قيمة الجارية وهو ألف درهم ويضمن له عقر مائة درهم وإذا استوفي ذلك من المضارب فللمضارب أن يستوفي من ربح الولد مقدار ألف ومائة فعتق الولد منه بذلك المقدار وبقي من الولد مقدار تسعمائة ربح بينهما لكل واحد أربعمائة وخمسون فما أصاب المضارب عتق وما أصاب رب المال سعى فيه الولد كذا في البدائع ولو ادعى رب المال أنه ابنه لا المضارب فهو ابنه والجارية أم ولد له ولا يضمن للمضارب شيئا من عقر وقيمة والله سبحانه وتعالى أعلم
[ ص: 263 - 264 ]