( قوله ولو صح ) شروع في المراد بتكبيرة الافتتاح فأفاد أن المراد بها كل لفظ هو ثناء خالص دال على التعظيم ، وقال شرع بالتسبيح أو بالتهليل أو بالفارسية لا يصير شارعا إلا بألفاظ مشتقة من التكبير وهي خمسة ألفاظ : الله أكبر الله الأكبر الله الكبير الله كبير الله الكبار كما في الخلاصة إلا إذا كان لا يحسن التكبير أو لا يعلم أن الشروع في الصلاة يكون به للحديث { أبو يوسف } وهو حاصل بهذه الألفاظ ; لأن أفعل وفعيلا في صفاته تعالى سواء ، ولهما أن التكبير لغة : التعظيم وهذه الألفاظ موضوعة له خصوصا الله أعظم فكانت تكبيرا ، وإن لم تكن بلفظ التكبير المعروف ، وفي البدائع والدليل على أن قول الله أكبر ، والرحمن أكبر سواء قوله تعالى { وتحريمها التكبير قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } ، ولهذا يجوز فكذا هذا ، ثم غاية ما هنا أن الثابت بالنص ذكر الله تعالى على سبيل التعظيم ولفظ التكبير ثبت بالخبر فيجب العمل به حتى يكره افتتاح الصلاة بغيره لمن يحسنه كما قلنا في قراءة القرآن مع الفاتحة ، وفي الركوع والسجود مع التعديل ذكره في الكافي وهذا يفيد الوجوب ، وهو الأشبه للمواظبة التي لم تقترن بترك ، فعلى هذا ما ذكره في التحفة والذخيرة و النهاية من أن الأصح أنه يكره الافتتاح بغير الله أكبر عند الذبح باسم الرحمن أو باسم الرحيم فالمراد كراهة التحريم ; لأنها في رتبة الواجب من جهة الترك فعلى هذا يضعف ما صححه أبي حنيفة السرخسي من أن الأصح أنه لا يكره مستدلا بما روي عن قال : كان الأنبياء يفتتحون الصلاة بلا إله إلا الله ، ونبينا من جملتهم وهذا على تقدير صحته فالمراد غير نبينا صلى الله عليه وسلم بدليل نقل المواظبة عنه على لفظ التكبير ويضعف أيضا ما ذكره مجاهد المصنف في المستصفى من أن مراعاة لفظ التكبير في الافتتاح واجبة في صلاة العيد بخلاف سائر الصلوات لما علمت أنها واجبة في الكل
والظاهر أنه مبني على تصحيح السرخسي بدليل ما ذكره هو في الكافي وأراد المصنف بالتسبيح والتهليل ما ذكرنا من اللفظ الدال على التعظيم لا خصوص سبحان الله والحمد لله فأفاد بإطلاقه أنه لا فرق بين الأسماء الخاصة أو المشتركة حتى يصير شارعا ب " الرحيم أكبر " أو " أجل " كما نص عليه في المحيط والبدائع والخلاصة وصرح في المجتبى بأنه الأصح وأفتى به المرغيناني فما في الذخيرة عن فتاوى الفضلي أنه لا يصير شارعا بالرحيم ضعيف وقيده في شرح المنية بأن لا يقترن به ما يفسد الصلاة [ ص: 324 ] أما إذا قرن به ما كان كذلك فلا يصير شارعا اتفاقا كقوله العالم بالمعدوم والموجود أو بأحوال الخلق كما أن القول بأنه لا يجوز بكل اسم مشترك مقيد بما إذا لم يقترن بما يزيل اشتراكه .
أما إذا قرن بما يزيله لا يفسد الصلاة كقوله القادر على كل شيء والرحيم بعباده وعالم الغيب والشهادة ، فينبغي أن يصير شارعا باتفاقهم على قولهم ا هـ .
وأشار بذكر التسبيح والتهليل إلى أنه لا يصير شارعا إلا بجملة تامة فلا يصير شارعا بالمبتدأ وحده كالله أو أكبر ، وهو ظاهر الرواية كما نقله في التجريد وعلل له بأن التعظيم الذي هو معنى التكبير حكم على المعظم فلا بد من الخبر ومنهم من قال : يصير شارعا بكل اسم مفرد أو خبر لا فرق بين الجلالة وغيرها ، وهو رواية الحسن وفرق قاضي خان في فتاويه بين الألفاظ ، فقال : لو قال الله أو الرب ولم يزد يصير شارعا ، ولو قال التكبير أو الأكبر أو قال أكبر لا يصير شارعا قال في فتح القدير كان الفرق الاختصاص في الإطلاق وعدمه ، وفائدة الاختلاف تظهر في مسائل ، منها : أن الحائض إذا طهرت على عشر ، وفي الوقت ما يسع الاسم الشريف فقط لا تجب تلك الصلاة عليها على ظاهر الرواية وتجب على تلك الرواية ، ومنها : أنه ينبغي فيما إذا أدرك الإمام في الركوع فقال : الله أكبر إلا أن قول الله كان في قيامه ، وقوله أكبر كان في ركوعه أنه يكون شارعا على رواية الحسن لا على الظاهر لكن الذي في الخانية والخلاصة أنه لا يكون شارعا ولم يحكيا غيره فكأنهما بنياه على القول المختار
ومنها : ما لو وقع الله مع الإمام وأكبر قبله لا يكون شارعا على الظاهر ، وأما إذا شرع بالفارسية فإنما يصح لما بيناه من أن التكبير هو التعظيم ، وهو حاصل بأي لسان ولأن الأصل في النصوص التعليل فلا يعدل عنه إلا بدليل فهو كالإيمان فإنه لو آمن بغير العربية جاز إجماعا لحصول المقصود ، وكذا يجوز كما سيأتي التلبية في الحج والسلام والتسمية عند الذبح بها مع ومحمد في العربية حتى يصير شارعا بغير لفظ التكبير من العربية حيث دل على التعظيم ومع أبي حنيفة في الفارسية حتى لا يكون شارعا في الصلاة بها حيث كان يحسن العربية وعلى هذا الخلاف الخطبة والقنوت والتشهد ، وفي الأذان يعتبر التعارف . أبي يوسف