الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ووضع يمينه على يساره تحت سرته ) كما قدمناه ولم يذكر كيفية الوضع ; لأنها لم تذكر في ظاهر الرواية واختلف فيها والمختار أنه يأخذ رسغها بالخنصر [ ص: 326 ] والإبهام ; لأنه يلزم من الأخذ الوضع ولا ينعكس وهذا لأن الأخبار اختلفت ذكر في بعضها الوضع ، وفي بعضها الأخذ فكان الجمع بينهما عملا بالدليلين أولى ولم يذكر المصنف أيضا وقت الوضع ففي ظاهر الرواية وقته كلما فرغ من التكبير فهو سنة قيام له قرار فيه ذكر مسنون فيضع حالة الثناء ، وفي القنوت وتكبيرات الجنازة ، وقيل سنة القراءة فقط فلا يضع في هذه المواضع وأجمعوا أنه لا يسن الوضع في القيام المتخلل بين الركوع والسجود ; لأنه قرار له ولا قراءة فيه وبهذا اندفع ما في فتح القدير من أن الإرسال في القومة بناء على الضابط المذكور يقتضي أن ليس فيها ذكر مسنون ، وإنما يتم إذا قيل بأن التحميد والتسميع ليس سنة فيها بل في نفس الانتقال إليها لكنه خلاف ظاهر النصوص ، والواقع أنه قل ما يقع التسميع إلا في القيام حالة الجمع بينهما ا هـ .

                                                                                        لما علمت أن كلامهم إنما هو في قيام له قرار ، وفي القنية ، ولو ترك التسميع حتى استوى قائما لا يأتي كما لو لم يكبر حالة الانحطاط حتى ركع أو سجد تركه ويجب أن يحفظ هذا ويراعي كل شيء في محله . ا هـ .

                                                                                        وهو صريح [ ص: 327 ] في أن القومة ليس فيها ذكر مسنون وذكر في شرح منية المصلي أن شيخ الإسلام ذكر في شرح كتاب الصلاة أنه يرسل في القومة التي تكون بين الركوع والسجود على قولهما كما هو قول محمد وذكر في موضع آخر أن على قولهما يعتمد فإن في هذا القيام ذكرا مسنونا ، وهو التسميع أو التحميد وعلى هذا مشى صاحب الملتقط . ا هـ .

                                                                                        وهو مساعد لما بحثه المحقق آنفا وعلى هذا فالمراد من الإجماع المتقدم اتفاق أبي حنيفة وصاحبيه على الصحيح وصحح في البدائع جواب ظاهر الرواية مستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم { إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة } من غير فصل بين حال وحال فهو على العموم إلا ما خص بدليل وذكر الشارح أنه لا يصح في تكبيرات العيد وعند بعضهم أنه سنة القيام مطلقا حتى يضع في الكل وحكي في البدائع اختلاف المشايخ في الوضع فيما بين التكبيرات .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف ووضع يمينه على يساره ) قال في النهر : يعني الكف على الكف ويقال على المفصل قاله العيني وكلامه يحتملهما ، وفيه إيماء إلى بيان كيفية الوضع فما في البحر من أنه لم يبين ذلك لعدم ذكره في الظاهر فيه نظر وعن الثاني [ ص: 326 ] يقبض باليمنى رسغ اليسرى واختاره الهندواني ، وقال محمد يضعهما كذلك ويكون الرسغ وسط الكف قال السرخسي واستحسن كثير من المشايخ أخذ الرسغ بالإبهام والخنصر ووضع الباقي ليكون جامعا بين الأخذ والوضع المرويين في السنة وهو المختار ا هـ .

                                                                                        وفي معراج الدراية بعد عزوه هذا القول للمجتبى والظهيرية والمبسوط بزيادة ليكون عملا بالحديثين والمذاهب احتياطا قال وقيل هذا خارج عن المذاهب والأحاديث فلا يكون العمل به احتياطا ا هـ .

                                                                                        ( قوله فهو سنة قيام له قرار ) قال الرملي هو صريح في أنه لا يسن في حق من صلى قاعدا ولم أر من نبه على ذلك والناس عنه غافلون وإذا لم يسن في حقه كيف يضع ؟ الظاهر أنه يضع يديه على فخذيه ويبسط أصابعه كما يفعل في القعود الأول والثاني ، ثم رأيت في شرح الوقاية المسمى بتوفيق العناية في شرح قوله ويضع يمينه إلخ صورة المسألة : يضع المصلي كفه اليمنى على كفه اليسرى ويحلق بالخنصر والإبهام على الرسغ في حالة القيام ا هـ

                                                                                        فقوله في حالة القيام يفهم منه أنه لا يفعل ذلك حالة الجلوس تأمل ورأيت في كتب الشافعية أنه يفعل في الجلوس كما يفعل في القيام ا هـ .

                                                                                        قلت : ذكر نحو ذلك تلميذه الشيخ علاء الدين الحصكفي ، وقال لم أره ، ثم رأيت في مجمع الأنهر المراد من القيام ما هو الأعم لأن القاعد يفعل كذلك ( قوله وأجمعوا إلخ ) قال في النهر في الإجماع نظر فقد ذكر في السراج عن النسفي والحاكم والجرجاني والفضلي أنه يعتمد في القومة والجنازة وزوائد العيد ، وهو المناسب لما حكاه الشارح عن بعضهم أنه سنة لكل قيام وحكى شيخ الإسلام في موضع أنه على قولهما يمسك في القومة التي بين الركوع والسجود ; لأن في هذا القيام ذكرا مسنونا ، وهو التسميع أو التحميد وخص قولهما لما أنه عند محمد سنة القراءة ، وقولهما هو ظاهر الرواية كما في السراج وهذا التعليل في حق المؤتم ، والإمام في حيز المنع بناء على أن التسميع أو التحميد إنما هو سنة حالة الانتقال نعم هو في حق المنفرد بناء على أنه يجمع بينهما مسلم لما أنه يقول ربنا لك الحمد إذا استوى قائما في الجواب الظاهر ، وهو الصحيح كما في القنية ولا نسلم أن هذا قيام لا قرار له مطلقا لقولهم إن مصلي النافلة ولو سنة يسن له أن يأتي بالأدعية الواردة نحو ملء السموات والأرض إلى آخره بعد التحميد واللهم اغفر لي وارحمني بين السجدتين واعلم أن الحدادي قيد الإرسال فيما ليس فيه ذكر مسنون بما إذا لم يطل القيام أما إذا أطاله فيعتمد ، وفي الخلاصة ، وكذا يرسل في ظاهر الرواية في كل قيام لا ذكر فيه ولا يطول وهذا يقتضي أن يزاد في الضابط السابق أو يطول والله تعالى الموفق ا هـ .

                                                                                        قال الشيخ إسماعيل بعد نقله عن شرح مسكين التقييد بالطويل قال البرجندي وضع اليد على الوجه المذكور سنة في كل قيام شرع فيه ذكر فرضا كان الذكر أو واجبا أو سنة والمراد بالمسنون المشروع ، وفي شرح ابن مالك فيضع في الأحوال المذكورة عندهما لأن ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في سنة الوضع عام أحوال القيام لكن خصت القومة من الركوع من تلك الأحوال لعدم امتدادها فبقي ما عداها على الأصل ومثله في غرر الأذكار والمنبع وفي الأولين أيضا في تعليل قول محمد لأن شرع الوضع للصيانة عن اجتماع الدم في رءوس الأصابع وذلك إنما يكون في الحالة التي السنة فيها التطويل وهي حالة القراءة . ا هـ .

                                                                                        والظاهر أن هذا الامتداد والتطويل هو المراد من قول البحر له قرار ا هـ . كلامه

                                                                                        ثم اعترض على النهر في نقله عن الفضلي الاعتماد أنه ليس بصحيح بل الذي في السراج عنه أنه يرسل في المذكورات فالصواب عدم ذكره مع النسفي ومن بعده ا هـ .

                                                                                        هذا واعتراضه على التعليل في قول شيخ الإسلام لأن في هذا القيام ذكرا مسنونا إلخ وحمله له على المنفرد غير ظاهر لأن التسميع والتحميد ذكر بأو التي لأحد الشيئين والمنفرد يأتي بهما على ما ذكره فلا يصح تسليمه في المنفرد أيضا بل الظاهر موافقته لما بحثه في فتح القدير كما قاله صاحب البحر فقول شيخ الإسلام وهو التسميع أي لو كان المصلي إماما وقوله أو التحميد لو كان مؤتما أو منفردا كما يأتي في المتن [ ص: 327 ] ( قوله وعلى هذا فالمراد من الإجماع المتقدم إلخ ) أي قوله : وأجمعوا أنه لا يسن الوضع في القيام إلخ وبهذا أسقط اعتراض النهر السابق كما لا يخفى .

                                                                                        والحاصل أن الإجماع بين أئمة المذهب ، والاختلاف المذكور إنما هو بين مشايخ المذهب ، ولكن قد يقال : لو صح الإجماع كيف يسوغ للمشايخ النزاع تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية