قال رحمه الله ( والأجرة لا تملك بالعقد ، بل بالتعجيل أو بشرطه أو بالاستيفاء أو بالتمكن منه ) يعني وهي المنفعة أو بالتمكن من الاستيفاء بتسليم العين المستأجرة في المدة ا هـ . كلام الشارح . الأجرة لا تملك بنفس العقد ، سواء كانت عينا أو دينا وإنما تملك بالتعجيل أو بشرطه أو باستيفاء المعقود عليه
والظاهر من إطلاق الماتن والشارح أن الأجرة تملك بالتمكن من الاستيفاء في المدة ، سواء استعملها في المدة أو لا ويخالفه ما في الخلاصة حيث قال لم تجب الأجرة . ا هـ . استأجر دابة ليركبها إلى مكان كذا مثلا فحبسها في بيته
والظاهر من إطلاق المؤلف رحمه الله تعالى أن الأجرة تجب باستيفاء المنفعة سواء كان ذلك في مدة الإجارة أو بعد مدة الإجارة وسواء استأجرها ليركبها في المصر أو خارجه ، ويخالفه ما ذكره بعض العلماء حيث قال : ولو لم تجب الأجرة . ا هـ . وفي العتابية هذا إذا ذكر مدة ومسافة فركبها إلى ذلك المكان بعد مضي المدة تجب الأجرة ، قال في المحيط : والتمكن من الاستيفاء في غير المدة المضاف إليها لا يكفي لوجوب الأجرة ، وكذا التمكن في غير المكان لا يكفي لوجوب الأجرة ، فلو قال رحمه الله تعالى أو بالتمكن منه في المدة واستوفى لكان أولى ، وقال الإمام استأجرها ليركبها خارج المصر ، ولو كان ليركبها في المصر وحبسها في بيته تملك بنفس العقد ويجب تسليمها عند تسليم العين المستأجرة ; لأنها عقد معاوضة ولنا أنه عقد معاوضة فيقتضي المساواة بينهما وذلك بتقابل البدلين في الملك والتسليم وأحد البدلين وهو المنفعة لم يصر مملوكا بنفس العقد لاستحالة ثبوت الملك في المعدوم ، ولو ملك الأجرة لملكها من غير بدل وهو ليس من قضية المعاوضة فتأخر الملك فيه ضرورة جواز العقد ; لأن المنفعة عوض لا يبقى زمانين والمنفعة إنما جعلت موجودة في حق الإيجاب والقبول وما ثبت للضرورة يتقدر بقدرها ، لا يقال لو لم يجعل المعدوم موجودا في حق العقد والأجرة لما جاز الإيجار بالدين ; لأنا نقول إنما جاز الإيجار بالدين ; لأن العقد لم ينعقد في حق المنفعة فلم يصر دينا في المدة وإنما ينعقد في حق الارتباط ، وعند انعقاد العقد وهو زمان حدوثها تصير هي مقبوضة فلا يكون دينا بدين أصلا ، ولو كان العقد ينعقد في حق المنفعة لما جازت الإجارة بالدين المؤجل أصلا كما لا يجوز السلم به ، ولو جاز أن يجعل المعدوم كالمستوفى لجاز ذلك في السلم أيضا ، وإذا عجلها أو اشترط تعجيلها فقد التزمه بنفسه وأبطل المساواة التي اقتضاها العقد . الشافعي
قال في العناية : واعترض بأن شرط التعجيل فاسد ; لأنه يخالف مقتضى العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين وله مطالب فيفسد العقد .
والجواب أن كونه مخالفا إما أن يكون من حيث كونه إجارة أو من حيث كونه معاوضة ، والأول مسلم وليس شرط التعجيل باعتباره ، والثاني ممنوع فإن تعجيل البدل واشتراطه لا يخالف من حيث المعاوضة ، وفي المحيط وحينئذ وحقه الفسخ أن الحاكم يعجل ا هـ . فللمؤجر حبس المنافع حتى يستوفي الأجرة ويطالبه بها ويحبسه
ولو حيث يكون الشرط باطلا ولا يلزم للحال شيء ; لأن امتناع وجوب الأجرة ليس بمقتضى العقد ، بل بالتصريح بالإضافة إلى وقت في المستقبل ، والمضاف إلى وقت لا يكون موجودا قبل ذلك الوقت فلا يتغير هذا المعنى بالشرط وفيما نحن فيه إنما لا يجب لاقتضاء العقد المساواة ، وقد بطل بالتصريح لا يقال يصح الإبراء عن الأجرة بعد العقد ، ولو لم يملكها لما صح ، وكذا يصح الارتهان والكفالة بها ، وكذا لو أجر إجارة مضافة واشترط تعجيل الأجرة ليس لها أن تمنع نفسها ، ولو لم تملك المنفعة لمنعت نفسها ; لأنا نقول لا يصح الإبراء عن الثاني لعدم وجوبه كالمضاف بخلاف الدين المؤجل ; لأنه ثابت في [ ص: 6 ] الذمة فجاز الإبراء عنه والجواب على قول تزوج امرأة بسكنى داره سنة وسلم أنه وجد سببه فجاز الإبراء عنه كالإبراء عن القصاص بعد الجرح والرهن والكفالة للوثيقة فلا يشترط فيه حقيقة الوجوب ، ألا ترى أنهما جائزان في البيع المشروط فيه الخيار وبالدين الموعود وجازت الكفالة بالدرك وإنما لم يكن للمرأة أن تحبس نفسها بعد تسليم الدار إليها ; لأنه أوفى ما سمى لها برضاها وفي المحيط ولو محمد قال وهب المؤجر أجرة رمضان هل يجوز ؟ إن استأجره سنة لا يجوز وإن استأجره مشاهرة يجوز إذا دخل رمضان ولا يجوز قبله ، وعن محمد لا يجوز إلا بعد مضي المدة ، ولو مضى من السنة نصفها ، ثم أبرأه عن الجميع أو وهبها منه فإنه يبرأ عن الكل في قول أبي يوسف ، وعند محمد برئ عن النصف ولا يبرأ عن النصف ا هـ . أبي يوسف
وعبر المؤلف بقوله لا تملك ; لأن لفظ في الجامع الأجرة لا تملك بنفس العقد ، قال صاحب النهاية : الأجرة لا تجب بالعقد معناه لا يجب تسليمها وأداؤها بمجرد العقد وليس بواضح ; لأن نفي وجوب التسليم لا يستلزم نفي الملك كالمبيع فإنه يملكه المشتري بمجرد العقد ولا يجب تسليمه ما لم يقبض الثمن ، والصواب أن يقال معناه لا تملك ; لأن محمد ذكر في الجامع الصغير أن محمدا وما لا يملك لا يجب إيفاؤه ، فإن قلت فإذا لم يستلزم نفي الوجوب نفي الملك كان أعم منه ، وذكر العام وإرادة الخاص ليس بمجاز شائع لعدم دلالة الأعم على الأخص أصلا ، وقال صاحب الهداية الأجرة لا تملك قال : الأجرة لا تجب بالعقد تاج الشريعة أي وجوب الأداء أما نفس الوجوب فيثبت بنفس العقد ، وقال صاحب الكفالة المراد نفس الوجوب لا وجوب الأداء وبيان ذلك إجمالا وتفصيلا أما إجمالا ; فلأن الأجرة لو لا يعتق فلو كان نفس الوجوب ثابتا لصح الإعتاق كما في البيع . ا هـ . كانت عبدا فأعتقه المؤجر قبل وجود أحد المعاني الثلاثة
وإذا لم يتملك بنفس العقد ليس له أن يطالبه بالأجرة وفي المحيط لو جاز لتضمينه تعجيل الأجرة ، وقال أيضا وإذا لم يوجد أحد هذه الأمور يأخذ الأجرة يوما فيوما في العقار وفي المسافات كل مرحلة وفي المنتقى طالبه بالأجرة عينا وقبض بالكوفة إلى الري بدراهم أي النقدين يجب على المستأجر قال نقد رجل استأجر دابة الكوفة ; لأنه مكان العقد فينصرف مطلق الدراهم إلى المتعارف فيها ، وفي العتابية وإذا لا يملك الاسترداد ، ولو عجل الأجرة إلى ربها فهو كالتعجيل . ا هـ . كانت الأجرة عينا فأعارها ، ثم أودعها إلى رب الدار
وفي شرح الطحاوي فإن كانت معجلة فإن له أن يتملكها وله أن يطالب بها وإن كانت مؤجلة ، فليس له أن يطالب إلا بعد الأجل وإن كانت منجمة فله أن يطالب عند كل نجم وإن كانت مسكوتا عنها تقدم بيان ذلك في العقار وفي المسافة إذا امتنع من الحمل فيما بقي يجبر عليه ا هـ . الأجرة لا تخلو إما أن تكون معجلة أو مؤجلة أو منجمة أو مسكوتا عنها
بالمعنى ، وفي النسفية نلزمه جميع الأجرة ، ولو استأجر حانوتا مدة معلومة بأجرة معلومة وسكن فخرب الحانوت في بعض المدة وتعطل وكان يمكنه الانتقال فلم يفعل وسكن المدة فلا أجر له استأجره ليحمل هذا إلى موضع كذا فحمل نصف الطريق وأعاده إلى مكانه الأول مكة فلم يركبها ومضى راجلا إن كان بغير عذر في الدابة فعليه الأجرة وإن كان لعذر في الدابة لا أجر عليه طالبه بالأجرة بعد المدة فقال قصرت في العمل فلك بعض الأجرة ، وقال لم أقصر فله الأجرة كاملة استأجر دابة إلى قال استأجره ليحمل له العصير فحمله فإذا هو خمر : لا أجر له ، وقال أبو يوسف إن علم أنه خمر فلا أجر له وإن لم يعلم فله الأجر ، وفي الذخيرة من الفصل السابع والعشرين في الاختلاف لو محمد يحكم الحال ، وإن أقاما بينة فالبينة بينة رب المنزل . ا هـ . اختلف المستأجر والآجر بعد شهر والمفتاح مع المستأجر ، وقال لم أقدر على فتحه ، وقال المؤجر ، بل قدرت على فتحه وسكنت ولا بينة لهما
وفي القنية تسليم المفتاح في المصر مع التخلية قبض وفي السواد ليس بقبض وفي فتاوى الولوالجي ولو كان ذلك إقالة ، ومراد استأجر دارا على عبد بعينه ، ثم وهب العبد من المستأجر قبل القبض ، وقال المستأجر قبلت المصنف الإجارة المنجزة ; لأن المضافة لا تملك الأجرة فيها بشرط التعجيل وقوله أو بالاستيفاء أو بالتمكن منه يعني يجب بالاستيفاء للمنفعة أو بالتمكن وإن لم يستوف ، وفي الهداية وإذا فعليه الأجرة وإن لم يسكن قال في النهاية : وهذه مقيدة بقيود ، أحدها : التمكن فإذا لم يتمكن بأن منعه المالك أو الأجنبي أو سلم [ ص: 7 ] الدار مشغولة بمتاعه لا تجب الأجرة . الثاني : أن تكون الإجارة صحيحة فإن كانت فاسدة فلا بد من حقيقة الانتفاع . والثالث : إن التمكن إنما يجب أن يكون في مكان العقد حتى لو استأجرها قبض المستأجر الدار للكوفة فسلمها في بغداد حين مضت المدة فلا أجر عليه . والرابع : أن يكون متمكنا من الاستيفاء في المدة فلو الكوفة في هذا اليوم وذهب بعد مضي اليوم بالدابة ولم يركب لم يجب الأجر ; لأنه إنما تمكن بعد مضي المدة وفي المحيط استأجر دابة إلى ، قال أمر رجلا أن يستأجر له دارا سنة كاملة فاستأجرها وتسلمها الوكيل وسكنها هو سنة لا أجر على المؤجر والأجرة على المأمور ، وقال أبو يوسف الأجر على الموكل ; لأن قبض وكيله كقبض نفسه والمأمور غاصب للسكنى فلا يجب عليه أجر . محمد