الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن عطبت بالإرداف ضمن النصف ) يعني إذا استأجر دابة فأردف عليها غيره ضمن نصف القيمة ولا يعتبر بالثقل ; لأن الدابة يعقرها الراكب الخفيف ويخف عليها ركوب الثقيل لعلمه بالفروسية ; ولأن الآدمي غير موزون فلا يمكن معرفته بالوزن فيتعلق الحكم بالعدد كالجناية في باب الجناية هذا إذا كانت الدابة تطيق حمل الاثنين وإن كانت لا تطيق ضمن جميع قيمتها ذكره في الكافي ، قالوا هذا إذا كان الرديف يستمسك بنفسه وإن كان صغيرا لا يستمسك بنفسه يضمن بقدر ثقله قال في النهاية قيد بالرديف احترازا عما إذا حمله على عاتقه فإنه يضمن جميع القيمة ; لأن ثقله مع الذي حمله يجتمعان في مكان واحد فيكون أشق على الدابة ، وقال الحدادي الرديف مثال وليس بقيد حتى لو جعل المستأجر نفسه رديفا وغيره أصيلا فالحكم واحد وفي غاية البيان قيد بكونه رديفا ; لأنه لو أقعد الأجنبي في السرج صار غاصبا ولم يجب عليه شيء من الأجرة .

                                                                                        قال قاضي خان استأجر دابة ليركبها إلى موضع كذا فحمل عليها صبيا صغيرا فعطبت ضمن قيمتها كما لو حمل عليها حملا وأطلق في ضمان النصف فشمل ما إذا هلكت قبل الوصول أو بعده قال وعليه جميع الأجرة إذا هلكت بعدما بلغ مقصده ونصف القيمة إذا هلكت قبله وفي المحيط إذا عطبت بعد البلوغ من الركوب فعليه الأجر كاملا ونصف القيمة كان الرديف أخف أو أثقل أما الأجرة ; فلأنه استوفى المعقود عليه ، وأما الضمان ; فلأن التلف حصل بركوبهما ولم يبين من عليه الضمان فالمالك بالخيار إن شاء ضمن الرديف وإن شاء ضمن المستأجر فإن ضمن المستأجر لا يرجع بما ضمن وإن ضمن الرديف [ ص: 16 ] يرجع إن كان مستأجرا وإلا فلا وفي الخانية فإذا أراد صاحب الدابة أن يضمن الرديف نصف القيمة كان له ذلك وفي التتارخانية استأجر دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة فأجرها من غيره فحمل عليها عشرين فتلفت يخير المالك في التضمين إن شاء ضمن الثاني ويرجع على الأول ; لأنه غره وإن ضمن الأول لا يرجع على الثاني . ا هـ .

                                                                                        وأقول : ينبغي أن يفصل بأنه إن علم أنه مستأجر لما ذكر ينبغي أن لا يرجع على الأول وإن علم أنه مالك أو لم يعلم ينبغي أن يرجع وأطلق المؤلف في الإرداف فشمل ما إذا أردف في كل المدة أو بعضها ، وفي المحيط استأجر دابة ذاهبا وراجعا بعلفها فركبها ذاهبا وحمل عليها متاعا وأردف آخر راجعا فعليه أجرة مثلها في الذهاب ; لأن الإجارة وقعت فاسدة لجهالة العلف وفي الرجوع ركبها اثنان فهلكت فعليه نصف القيمة ولما زاد من الحمل ويعرف ذلك بالرجوع إلى أهل الخبرة ، وهذا إذا لم يركب على الحمل أما إذا ركب عليه يضمن جميع قيمتها ; لأنه يحتمل ثقله وثقل الحمل عليها ، ولو استأجر محمل الولد معها فتلفت ضمن بقدر الولد ، وكذا لو ولدت الناقة فحمل ولدها عليها وقيد بالعطب ; لأنها لو سلمت يجب عليه الأجر تماما .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية