( قوله وركع ووضع يديه على ركبتيه وفرج أصابعه ) لما رواه من صفة صلاته عليه السلام أشار إلى أن التطبيق المروي عن أنس منسوخ ، وهو أن يضم إحدى الكفين إلى الأخرى ويرسلهما بين فخذيه بما في الصحيحين ، وفي فتح القدير ويعتمد بيديه على ركبتيه ناصبا ساقيه ، وإحناؤهما شبه القوس كما يفعل عامة الناس مكروه ، ذكره في روضة العلماء ، وإنما يفرج بينهما ; لأنه أمكن من الأخذ بالركب ولا يندب إلى التفريج إلا في هذه الحالة ولا إلى الضم إلا في حالة السجود ، وفيما عدا ذلك يترك على العادة ( قوله وبسط ظهره وسوى رأسه بعجزه ) فإنه سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم فلهذا لا يرفع رأسه ولا يخفضه ، وفي المجتبى والسنة في الركوع إلصاق الكعبين واستقبال الأصابع للقبلة ( قوله وسبح فيه ثلاثا ) أي في ركوعه بأن يقول " سبحان ربي العظيم " ثلاثا لحديث ابن مسعود { ابن ماجه } إذا ركع أحدكم فليقل سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه وإذا سجد فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه
وفي صحيح أنه صلى الله عليه وسلم { مسلم } . كان يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى
، وفي سنن أبي داود { فسبح باسم ربك العظيم } قال اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت { سبح اسم ربك الأعلى } قال اجعلوها في سجودكم } وظاهر هذا الأمر الوجوب روي عن لما نزلت { أبي مطيع البلخي أن التسبيحات ركن لو تركه لا تجوز صلاته كما في الذخيرة ، والذي في البدائع عنه : أن من نقص من الثلاث في والسجود لا تجوز صلاته قال وهذا فاسد ; لأن الأمر تعلق بفعل تسبيحات الركوع والسجود مطلقا عن شرط التسبيح فلا يجوز نسخ الكتاب بخبر الواحد فقلنا بالجواز مع كون التسبيح سنة عملا بالدليلين بقدر الإمكان ا هـ . الركوع
وقد بحث فيه العلامة ابن أمير حاج الحلبي بأنه لا يتعين العمل بالدليلين في جعل التسبيح سنة بل يكون ذلك أيضا في جعله واجبا والمواظبة الظاهرة من حاله صلى الله عليه وسلم والأمر به متظافران على الوجوب فينبغي إذا تركه سهوا أن يجب السجود وإذا تركه عمدا يؤمر بالإعادة ونقل ابن هبيرة وغيره أنه مرة واحدة في كل منهما واجب في الرواية المشهورة عن والتسميع والتحميد وسؤال المغفرة بين السجدتين والتكبيرات إلا أنه إن ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته وسهوا لا ، ويسجد للسهو . ا هـ . أحمد
وقد يقال إنما لم يكن واجبا عندنا لوجود الصارف ، وهو أنه عليه الصلاة والسلام لم يذكره للأعرابي حين علمه ، ولو كان واجبا لذكره ، والمواظبة لم تنقل صريحا وهذا الصارف منع من القول بها ظاهرا ، فلهذا كان الأمر للاستحباب كما صرح به غير واحد من المشايخ فعلى هذا فالمراد من الكراهة في قولهم لو ترك التسبيحات أصلا أو نقص عن الثلاث فهو مكروه كراهة التنزيه ; لأنها في مقابلة المستحب
واختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم { } فقيل : كمال السنة ، وقيل أدنى كمال [ ص: 334 ] التسبيح ، وقيل : أدنى القول المسنون والأول أوجه وعلى كل فالزيادة على الثلاث أفضل ويستحب أن يختم على وتر خمس أو سبع أو تسع لحديث الصحيحين { وذلك أدناه } ولا ينبغي للإمام أن يطيل على وجه يمل القوم ; لأنه سبب للتنفير وأنه مكروه ، ولهذا قال إن الله وتر يحب الوتر الإسبيجابي ولو كان إماما يقولها ثلاثا على قول بعضهم ، وقال بعضهم يقولها أربعا حتى يتمكن المقتدي من الثلاث ، ولو أطال الركوع لإدراك الجائي لا تقربا لله تعالى فهو مكروه ، وفي الذخيرة والبدائع وغيرهما : قال سألت أبو يوسف عن ذلك ، فقال : أخشى عليه أمرا عظيما يعني الشرك أبا حنيفة
وقد وهم بعضهم في فهم كلام فاعتقد منه أن يصير المنتظر مشركا يباح دمه فأفتى بإباحة دمه وهكذا ظن صاحب منية المصلي فقال : يخشى عليه الكفر ولا يكفر وكل منهما غلط ولم يرده الإمام رحمه الله تعالى أراد أنه يخاف عليه الشرك في عمله الذي هو الرياء ، وإنما لم يقطع بالرياء في عمله لما أنه غير مقطوع به لوجود الاختلاف فإنه نقل عن الإمام الشعبي أنه لا باس به ، وهو قول في القديم ، وقد نهى الله عن الإشراك في العمل بقوله تعالى { الشافعي فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية وأعجب منه ما نقله في المجتبى عن أنه تفسد صلاته ويكفر ، ثم نقل بعده عن الجامع الأصغر أنه مأجور على ذلك لقوله تعالى { البلخي وتعاونوا على البر والتقوى } وعن أنه حسن وعنه التفصيل بين أن يعرف الجائي فلا أو لا فنعم وأشار أبي الليث المصنف إلى أنه لا يأتي في ركوعه وسجوده بغير التسبيحات وما ورد في السنة من غيرها فمحمول على النوافل تهجدا أو غيره ، لو فيه روايتان أصحهما وجوب المتابعة بخلاف ما لو سلم قبل أن يتم المقتدي التشهد فإنه لا يتابعه ; لأن قراءة التشهد واجبة كذا في فتاوى رفع الإمام رأسه قبل أن يتم المأموم التسبيحات قاضي خان .