الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وتفسخ بالعذر وهو عجز أحد العاقدين عن المضي في موجبه إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق به كمن استأجر رجلا ليقلع ضرسه فسكن الوجع ) يعني تفسخ الإجارة بالعذر الذي هو العجز عن المضي في موجب العقد إلا بتحمل ضرر زائد لم يستحق بالعقد أي بنفس العقد كمن استأجر إلخ ، وقال الإمام الشافعي لا تفسخ بالأعذار إلا بالعيب ; لأن المنافع عنده بمنزلة الأعيان كما تقدم ، وقد فسر العذر في التجريد حيث قال : والعذر أن يحدث في العين ما يمنع الانتفاع به أو ينقض المنفعة وفسره في الهداية كما فسره المؤلف وفي المحيط وكل عذر يمنع المضي في موجبه شرعا كمن استأجر رجلا ليقلع ضرسه فسكن الوجع تنقض الإجارة من غير نقض ; لأنه لا فائدة في بقائه فتنتقض ضرورة وكل عذر لا يمنع المضي في موجب العقد شرعا ، ولكن لا يمكنه المضي إلا بضرر زائد يلزمه فإنه لا ينتقض إلا بالنقض وهل يكون قضاء القاضي والوصي شرطا في النقض ذكره في الزيادات وجعل قضاء القاضي شرطا قال شمس الأئمة السرخسي هو الأصح وذكر في المبسوط والجامع الصغير أنه ليس بشرط وينفرد العاقد بالنقض وهو الصحيح ، وقد تقدم الكلام عليه وفي الخلاصة وإن انهدم منزل المؤجر وليس له منزل آخر وأراد أن يسكن البيت المؤجر ويفسخ الإجارة ليس له ذلك ، ولو استأجر دكانا ليبيع فيه ويشتري فأراد أن يترك هذا العمل ويعمل غيره فهذا عذر ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط ذكر في فتاوى الأصل إن تهيأ له العمل الثاني على ذلك الدكان ليس له النقض وفيها لو استأجر ليبيع الطعام ، ثم بدا له أن يأخذ في عمل آخر فهذا ليس بعذر في الأصل ، وقال في الأصل إذا استأجر حانوتا ليبيع فيه الطعام ، ثم بدا له أن يقعد في سوق الصيارف فهو عذر ، وفي التجريد لو أجر نفسه في عمل أو صناعة ، ثم بدا له أن يترك ذلك العمل فإن كان ذلك العمل ليس من عمله وهو مما يعاب به كان له أن يفسخ . ا هـ .

                                                                                        ومن الأعذار الموجبة للفسخ شرعا لو استأجره ليقطع يده لأكلة فيها فبرئ منها وفي التتارخانية ولو استأجره للحجامة أو الفصد ، ثم بدا له أن لا يفعل كان عذرا ، ولو امتنع الأجير عن العمل في هذه الحالة يجبر عليه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية