الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( كاتب مملوكه ، ولو صغيرا يعقل بمال حال أو مؤجل أو منجم وقبل صح ) أما جوازها مع الصغير ; فلأنه تصرف نافع والصغير الذي يعقل من أهل التصرف النافع ، وأما جوازها بمال حال أو مؤجل أو منجم فلإطلاق الدليل الصادق بالثلاث حالات ; ولأن البدل في الكتابة معقود به كالثمن في البيع والقدرة على تسليم الثمن ليس بشرط لصحة العقد ألا ترى أن من ليس عنده شيء جاز أن يشتري ما شاء بما شاء ; ولأن الكتابة عقد إرفاق فالظاهر أنه يسامحه ولا يضيق عليه قال في المبسوط كاتب عبدا صغيرا لا يعقل لم يجز فإن أدى عنه [ ص: 46 ] أجنبي لم يعتق ; لأن الكتابة إيجاب وقبول وقبول من لا يعقل لا يصح .

                                                                                        ولو كاتب عن عبد لرجل رضيع وقبل عنه أجنبي آخر ورضي به المولى لم يجز وإن أدى الولد الكتابة عتق استحسانا لا قياسا وجه الاستحسان أن الكتابة انعقدت بقبول من عقد الإيجاب إلا أنه لم يظهر وجوب المال على العبد بهذه الكتابة في حق المطالبة نفيا للضرورة ، ولكن اعتبر المال واجبا عليه في حق صحة الأداء من المتبرع ; لأنه لا ضرر عليه ، بل له منفعة مختصة ; لأنه يعتق بغير مال يلزمه وذلك أن نقول أنتم قلتم لو وكل مجنونا صح ; لأنه لما وكل في هذه الحالة صار راضيا بقبوله فينبغي أن يعتق فيما إذا قبل الصغير الذي لا يعقل وأدى عنه الأجنبي وأطلق في قوله بمال ولم يقيده بالمعلوم قدرا وصفة ونوعا ; لأن الأصل أن مبادلة ما ليس بمال بالمال كالنكاح والكتابة جهالة الجنس والقدر لا يمنع صحته وجهالة وصفه لا يمنع صحة تسميته بيان ذلك لو كاتب عبده على مكيل أو موزون جاز وله الوسط وعلى دابة وثوب لا يجوز حتى يبين الجنس ; لأن جهالة الجنس متفاحشة فتمنع صحة التسمية وفي الأول جهالة وصف وهي لا تمنع صحة التسمية ، ولو كاتبه على لؤلؤة أو دار ولم يعين لم يجز ; لأن جهالة الوصف هنا متفاحشة بمنزلة جهالة الجنس ، ولو كاتبه على أن يخدمه شهرا جاز استحسانا ، ولو كاتبه على أن يخدمه غيره يجوز ; لأن البدل يجوز للمولى ، وقد أقام غيره مقام نفسه .

                                                                                        ولو كاتبه على ألف على أن يؤديها إلى غريم من غرمائه جاز ، ولو كاتبه على ألف وخدمته سنة أو وصف جاز ، ولو كاتبه على ألف وخدمته أبدا فهي فاسدة ويعتق بأداء قيمته دون خدمته وقوله عبده ليس بقيد قال في المحيط ، ولو كاتب نصف عبده جاز فنصفه مكاتب ونصفه مأذون في التجارة وعتق بأداء نصفه وما وصل في يده من الكسب نصفه له ونصفه للمولى ويسعى في نصف قيمته ; لأن الكتابة تقبل التجزؤ ; لأن أحكامها قابلة للتجزؤ . ا هـ .

                                                                                        وفي المبسوط كاتب عبده على ألف درهم منجمة على أن يؤدي مع كل نجم ثوبا قد سمى جنسه أو على أن يؤدي مع كل نجم عشرة دراهم فذلك جائز بمنزلة ما لو كاتبه على كذا ، وكذا ، وقال على أن تؤدي مع كتابتك ألف درهم ، وإذا ظهر أن جميع ذلك بدل الكتابة فإذا عجز عن شيء من بعد أجله رد إلى الرق . ا هـ .

                                                                                        ولو كاتبه على ما في يده من الكسب في رواية كتاب الشراء يجوز وفي رواية المكاتب لا يجوز ، ولو كاتب على ألف درهم معينة جاز ويعتق بأداء غيرها بخلاف ما لو قال له إن أديت إلي هذه الألف فأدى غيرها لا يعتق ، وإذا شرط في الكتابة شرطا لا يقتضيه العقد لا يفسدها . ا هـ .

                                                                                        وفي المبسوط ، وإذا أدى إليه المال واستحق من يده فهو على الحرية ويرجع عليه السيد ببدله . ا هـ .

                                                                                        ولو كاتب على ألف درهم عن نفسه وماله فهو جائز فإن كان في يده مال السيد لم يدخل ويدخل كسبه من رقيق ومال وغير ذلك ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية لو كاتب عبده المأذون المديون ودينه يحيط برقبته فللغرماء أن يردوا الكتابة كما لو باعه المولى ، ولو مات المكاتب عن وفاء وعليه دين وله وصايا من تدبير وغيره بدأ من تركته بدين الأجانب ، ثم بدين الموالي إن كان ثم دين الكتابة وما بقي فهو ميراث وتبطل وصاياه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية