قال رحمه الله ( وإن لم تفسخ ) ، وهذا قول مات وله مال وبه أخذ علماؤنا ، وقال ابن مسعود تنفسخ الكتابة بموته وبه أخذ الإمام زيد بن ثابت له أن العقد لو بقي لبقي لتحصيل العتق بالأداء . الشافعي
وقد تعذر إثباته فبطل ، وهذا ; لأن العتق لا يخلوا إما أن يثبت العتق قبل الموت أو بعده مقتصرا أو مستندا لا وجه إلى الأول لعدم شرطه وهو الأداء والشيء لا يسبق شرطه ولا إلى الثاني ; لأن الميت ليس بمحل لنزول العتق عليه ; لأن العتق إثبات قوة الميت وهو لا يتصور في المالكية بخلاف ما إذا مات المولى ; لأنه ليس بمعقود عليه ، بل عاقد والعقد يبطل بموت المعقود عليه لا بموت العاقد ; ولأن المولى يصلح أن يكون معتقا بعد الموت كما إذا ولنا أن الكتابة عقد معاوضة لا تنفسخ بموت أحد المتعاقدين وهو المولى فلا ينفسخ بموت الآخر وهو العبد كالبيع ; ولأن قضية المعاوضة المساواة فإذا بقي العقد بعد موت المولى لحاجته إلى الولاء وغيره جاز أن يبقى بعد موت العبد لحاجته إلى الحرية ليتوصل إلى حرية أولاده ، ولو مات عاجزا تفسخ الكتابة ، ولو قذفه إنسان بعد الأداء يلزمه الحد ، وقيل الأداء لا يلزمه الحد ; لأن العتق ثبت مستندا إلى آخر جزء من أجزاء حياته فلا يظهر الاستناد في حق هذا الحكم قال رحمه الله ( وتؤدى كتابته من ماله ) يعني يؤدي من خلفه فيكون أداء الخليفة كأدائه بنفسه فإن قيل الأداء فعل والاستناد يكون في أحكام الشرعية قلنا نعم لكن فعل الثابت مضافا إلى حسي الثبوت وهذه الإضافة شرعية ألا ترى أن من قال أنت حر بعد موتي صار مالكا له حتى يورث عنه والمالك ليس بأهل لكن لما صح السبب والملك يثبت بعد تمام السبب وتمامه بالإضافة إليه وهو ليس أهلا له ثبت الملك من حين الإمكان وهو آخر جزء من أجزاء حياته . رمى صيدا فمات قبل أن يصيبه ، ثم أصابه
فكذا هنا وفي الأصل إذا يبدأ من تركته بدين الأجنبي ، ثم بدل الكتابة وتبطل وصاياه وما بقي يقسم بين ورثته وإن لم يبق بعد قضاء الدين شيء يبدأ ببدل الكتابة ولا يبدأ بالدين وإن لم يترك مالا إلا دينا على الناس فاستسعى المولود في الكتابة فعجز يرد في الرق فإذا خرج الدين بعد ذلك فذلك للمولى ا هـ . مات المكاتب عن وفاء وعليه ديون لأجنبي سوى بدل الكتابة وله مال يوفى وله وصايا
قال رحمه الله ( وحكم بعتقه في آخر حياته ) بأن يقام الترك الموجود منه في آخر حياته مقام التخلية بين المال والمولى وهو الأداء المستحق عليه وما بقي فهو لورثته قال في نوادر بشر عن الثاني فهو ميراث ولا يرث الابن الميت وما تركه الابن الميت فهو لأمه وإخوته ، ولو كان الولد معه في عقد الكتابة ، ثم مات بعد أبيه ، ثم أديت الكتابة لم يرث أباه وفي نوادر مات مكاتب عن وفاء وله أولاد من أمته فمات بعض قبل الأداء فأدى ما عليه وبقي مال عن ابن سماعة محمد فإن الألفين ميراث بينهما ولا يرجع الابن بما أدى في الألفين وإن لم يؤد الابن ذلك من ماله فله أن يؤدي ذلك من مال الأب وفي المنتقى مكاتب مات وترك ابنا ولدا له في الكتابة وترك ألفي درهم دينا على الناس فاكتسب الابن ألف درهم وأداها في كتابة أبيه ، ثم خرج دين الأب وله أخ فالفاضل بين الولد الحر والمولود في الكتابة ويرث الابن الحر أخاه [ ص: 70 ] الذي مات بعد موت الأب والابن المولود في الكتابة لا يرث من أخيه الذي مات بعد موت الأب . مكاتب مات وله دين على الناس وله مولود ولد في الكتابة يسعى في الكتابة على نجومها وله ابنان حران أيضا ، ثم مات أحد الابنين الحرين ، ثم خرج ما للمكاتب على الناس فأديت من ذلك بدل الكتابة
وفي التتارخانية يؤدي من ذلك بدل الكتابة ويكون بين الورثة الذكور والإناث وما فضل بعد ذلك وليس للمكاتب وارث فهو للذكور من ورثة المولى دون الإناث وفي المحيط مات المكاتب عن وفاء يبدأ بالدين ، ثم ببدل الجناية ، ثم ببدل الكتابة ، ثم بمهر امرأة تزوجها بغير إذن مولاه ، ثم الباقي ميراث بين أولاده الذين عتقوا بعتقه والذين كانوا أحرارا قبله ; لأن الديون متى اجتمعت يبدأ بالأقوى ودين المداينة أقوى من دين الجناية ; لأنه عوض من كل وجه ودين الجناية عوض من وجه ; لأن مبدله ليس بمال ولهذا لا يملك قبل القبض ودين الجناية أقوى من بدل الكتابة ; لأنه لا يسقط بالعجز ودين الكتابة أقوى من دين المهر ; لأنه وجب بإذن السيد والمهر وجب بعقد محجور عليه وإن مات عن وفاء دين المولى يبدأ بدين المولى ، ثم بالكتابة والباقي ميراث فإن لم يوف بالدين والكتابة بدأ بالكتابة ; لأنه إذا بدأ بها يموت حرا والولد المولود في الكتابة والولد المكاتب معه كتابة واحدة سيأتي في الإرث ; لأنهما يعتقان معه في آخر جزء من أجزاء حياته فإن كان الولد منفردا بالكتابة فأدى بعد موت الأب بعد قضاء مكاتبة الأب أو قبله لم يرث ; لأنه كان عبدا يوم مات الأب فلم يعتق بعتقه وإنما عتق بعد موت أبيه مات الرجل عن مكاتبه وله ورثة ذكور وإناث ، ثم مات المكاتب عن وفاء فقد مات عاجزا عند كاتب عبدا مشتركا بغير إذن شريكه فمات العبد وترك كسبا ; لأن نصفه يصير مكاتبا فلا سبيل لواحد منهما على كسبه ، وعندهما كله مكاتب ويكون كل الكسب ملكا له فيؤدي من كسبه ويضمن المكاتب نصف قيمته لشريكه ا هـ . الإمام