الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي العناية ولو هلك الثمن في يد المولى وقد أجازوا الغرماء البيع لا ضمان عليه ولو أجاز بعض الغرماء البيع وضمن البعض جاز قال رحمه الله ( : وإن باعه سيده وأعلم بالدين فللغرماء رد البيع ) ; لأن حقهم تعلق به وهو حق الاستسعاء ، والاستيفاء من رقبته وفي كل منهما فائدة فالأول تام مؤخر ، والثاني ناقص معجل [ ص: 119 ] وبالبيع تفوت هذه الخيرة وكان لهم رده وفائدة الإعلام بالدين سقوط خيار المشتري في الرد بعيب الدين حتى يلزم البيع في حق المتعاقدين ، وإن لم يكن لازما في حق الغرماء هذا إذا كان الدين حالا وكان البيع من غير طلب الغرماء ، والثمن لا يوفي بديونهم ، وإن كان دينهم مؤجلا فالبيع جائز ; لأنه باع ملكه وهو قادر على تسليمه ولم يتعلق به حق لغيره ; لأن حق الغرماء يتأخر بخلاف الحال وفي النهاية زاد أو رضي الغرماء بالبيع فلا يكون لهم الرد وهذا بخلاف الرهن بالدين المؤجل حيث لا يجوز له أن يبيعه ; لأن المرتهن ملك الرقبة فلا يقدر على تسليمه ولا يد للغرماء في العبد المأذون ولا في كسبه .

                                                                                        وإذا لم يوجد شيء مما ذكرنا من تأجيل الثمن وطلب الغرماء وفاء الثمن بالدين فالبيع موقوف حتى يجوز بإجازة الغرماء وهي مسألة الكتاب على ما بينا وذكر محمد في الأصل أنه باطل واختلفوا في معناه فقال بعضهم معناه أنه سيبطل ; لأن للغير حق إبطاله وقال بعضهم معناه أنه فاسد بدليل ما قال في الأصل أنه إذا أعتقه المشتري بعد القبض أو دبره صح ذلك ويلزمه قيمته وفي العناية ، فإن قيل إذا باع المولى عبده الجاني بعد العلم بالجناية كان مختارا الفداء فما باله هاهنا لا يكون مختارا لقضاء الدين من ماله الجواب بأن موجب الجناية الدفع على المولى ، فإذا تعذر عليه بالبيع طولب به لبقاء الواجب عليه وأما الدين فهو واجب في ذمة العبد بحيث لا يسقط عنه بالبيع ، والإعتاق حتى يؤخذ به بعد العتق فلما كان كذلك كان البيع من المولى بمنزلة أن يقال أنا أقضي دينه وذلك عدة بالتبرع فلا يلزمه نظر ; لأن قوله أنا أقضي دينه ويحتمل الكفالة فلا يتعين عدة .

                                                                                        والجواب أن العدة أدنى الاحتمالين فيثبت به ; لأنه لا دليل على غيره ، وإذا جنى العبد المأذون طولب المولى بالدفع أو الفداء ; لأن الخصم في رقبة العبد المأذون هو المولى ; لأنها كسب المولى لا كسب المأذون ولهذا لو ادعى إنسان في رقبته حقا ينتصب المولى خصما للمدعي لا للمأذون .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية