الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن أتلفهما ضمن الخل فقط ) يعني لو أتلف الغاصب الخل والجلد المدبوغ في يده قبل أن يردهما إلى صاحبهما ضمن الخل ولا يضمن الجلد المدبوغ وهذا قول الإمام وقالا يضمن قيمة الجلد مدبوغا أيضا ويعطي ما زاد الدباغ فيه ; لأن ملكه باق فيه ولهذا يأخذه وهو مال متقوم فيضمنه له مدبوغا بالاستهلاك وللإمام أن ماليته وتقويمه حاصل بفعل الغاصب وفعله متقوم لاستعماله مالا متقوما فيه ولذا كان له حبسه والجلد تبع للملك وملكه باق فيه ثم قيل يضمن قيمة جلد مدبوغ ويعطي ما زاد الدباغ قال فخر الإسلام وغيره في شرح الجامع الصغير قولهما يعطي ما زاد الدباغ فيه محمول على ما إذا قوم الجلد بالدراهم والدباغ بالدنانير أما إذا قومهما بالدراهم أو بالدنانير فيطرح عنه ذلك القدر ويؤخذ منه الباقي وهو قيمة جلد مذكى غير مدبوغ وفي الكافي ، وإن استهلكه يضمن قيمته طاهرا غير مدبوغ والجمهور على أنه يضمن قيمته مدبوغا ولو جعل الجلد فروا أو جرابا أو زقا لم يكن للمغصوب منه عليه سبيل ، وإن خللها بصب الخل فيها قيل يكون للغاصب بغير شيء عند أبي حنيفة سواء صارت خلا من ساعتها بمرور الزمان عليها ; لأن خلط الخل استهلاك واستهلاك الخمر لا يوجب الضمان وعندهما إن صارت خلا من ساعتها فكما قال أبو حنيفة إنه استهلاك ، وإن صارت بمرور الزمان كان الخل بينهما على قدر حقوقهما كيلا وفي التتارخانية .

                                                                                        وإذا غصب ترابا أو لبنة أو جعله آنية ، فإن كان له قيمة فهو مثل الحنطة إذا طحن ، فإن لم يكن له قيمة فلا شيء عليه من الضمان وفي القدوري المغصوب منه يكون أسوة للغرماء في الثمن ولا يكون أخص بشيء من ذلك وفي الذخيرة اتخذ كوزا من طين غيره كان الكوز له ، فإن قال رب الطين أنا أمرته به فهو أحق به وفي نوادر ابن سماعة رجل هشم طشتا لغيره وهو مما يباع وزنا فربه بالخيار إن شاء أمسك الطشت ولا شيء له ، وإن شاء دفعه وأخذ قيمته وكذا كل مصنوع قيد بقوله أتلفهما ; لأنهما لو هلكا لا يضمن بالإجماع والمجمع عليه لا يحتاج إلى دليل ; لأن دليله الإجماع ولم يظهر لهذا الاختلاف في التقويم فائدة عندي ، فإن قيمة جلد مدبوغ بعد أن يطرح عنه قدر ما زاد الدباغ فيه قيمة جلد ذكي غير مدبوغ بعينها وقولهم لم ينظر إلى قيمته ذكيا غير مذبوح بعينها وإلى قيمته مذبوحا فيضمن فضل ما بينهما صريح في ذلك فما فائدة الاختلاف والمآل واحد ولهذا لو دبغه بما لا قيمة له يضمنه بالاستهلاك وفي السغناقي [ ص: 142 ] ومن أتلف الشاة المذبوحة المتروكة التسمية عمدا لا يضمن . ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية