الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( والشريك في خشبة وواضع الجذوع على الحائط جار ) لا يكون شريكا ; لأن الشركة المعتبرة هي الشركة في العقار لا في المنقول والخشبة منقولة وواضع الجذوع على الحائط لا يصير شريكا بل جار ملاصق لوجود اتصال بقعة أحدهما ببقعة الآخر فيستحق الشفعة على أنه جار ملاصق ولا يرجح بذلك على غيره من الجيران وكذا إذا كان بعض الجيران شريكا في الجدار لا يقدم على غيره من الجيران ; لأن الشركة في البناء المجرد بدون الأرض لا يستحق به الشفعة ولو كان البناء والأرض الذي عليها البناء مشتركا بينهما كان هذا أولى ; لأنه شريك في بعض المبيع ويتأتى ذلك فيما بينا أولا على وجه الشركة ثم تقسم الأرض غير موضع البناء فيبقى البناء وموضعه مشتركا فهو شريك فيقدم على الجار هذه رواية وفي رواية هو والجار سواء في غير موضع الجدار ; لأن الشفعة في غير موضع الجدار بالجوار وهو فيه سواء وفي الجامع الصغير الحسامي ولو كان خليطا من وجه كان مقدما على الجار وفي أدب القاضي للخصاف الجار الذي هو مؤخر عن الشريك في الطريق هو من لا يكون شريكا في الأرض فلو كان شريكا في منزل في الدار أو بيت منها فبيعت الدار كان هو أحق في المنزل لما ذكرنا واستويا في البقعة في رواية ; لأنهم كلهم جيران في حق البقعة ولو كان دار بين رجلين لأحدهما فيها منزل مشترك بينه وبين آخر غير شريكه في الدار فباعها كان الشريك في الدار أولى بشفعة الدار ; لأنه شريك فيها والشريك في البئر أولى بالبئر ; لأنه شريك فيها والآخر جار .

                                                                                        وعلى هذا لو كان سفل بين رجلين وعليه علو لأحدهما مشترك بينه وبين الآخر فباع هو السفل والعلو كان لشريكه في العلو والسفل لشريكه في السفل ; لأن كل واحد منهما شريكه في نفس المبيع وجار في حق الآخر كذا في الشارح وغيره قال ابن قاضي زاده في هذا التمثيل قصور ; لأن المنزل عند الفقهاء دون الدار وفوق البيت وأقله بيتان أو ثلاثة نص عليه في المغرب وقد تقدم ذلك في بيان الحقوق فتمثيل الشريك [ ص: 145 ] في المنزل بشركة في بيت يخالف ما تقدم ولا ضرورة تدعو إليه . ا هـ .

                                                                                        والجواب أنه تقدم أن الفرق بين المنزل والبيت اصطلاح طائفة وعند طائفة أخرى لا فرق فهذا على عدم الفرق فلا قصور وفي المحيط دار بيعت ولها بابان وفي زقاقين ينظر إن كانت في الأصل دارين باب كل منهما في زقاق اشتراهما رجل واحد في رفع الحائط من بينهما وصارت دارا واحدة ولها باب فالشفعة لأهل الزقاقين في الدار جميعا على السواء فكان العبرة للأصل دون العارض ونظير هذين الزقاقين إذا كان أسفله زقاق إلى جانب آخر فرفع الحائط من بينهما فصار الكل سكة واحدة كان لأهل كل زقاق الشفعة في الذي يليهم خاصة ولا شفعة في الجانب الآخر قوم اقتسموا دارا ورفعوا طريقا بينهم فجعلوها نافذة ثم بنوا دورا وجعلوا أبواب الدور مشارعة إلى سكة فباع بعضهم داره فالشفعة بينهم بالسواء ; لأن هذه السكة ، وإن كانت نافذة فكأنها غير نافذة وإذا بيع السفل فلصاحب العلو الشفعة ، فإن لم يأخذ حتى انهدم أو كان مهدوما حين البيع فلا شفعة له عند الثاني وقال الثالث له الشفعة ; لأن الشفعة تستحق بسبب إقرار البناء وهو حق التعلي وهو قائم ولأبي يوسف أن الشفعة إنما تجب بما هو مملوك له وهو البناء والهواء وحق التعلي ليسا بمملوكين

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية