الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( فإن طلب عند القاضي سأل المدعى عليه ، فإن أقر بملك ما يشفع به أو نكل أو برهن الشفيع سأله عن الشراء ، فإن أقر أو نكل أو برهن الشفيع قضى بها ) يعني إذا تقدم الشفيع وادعى الشراء وطلب الشفعة عند القاضي سأل القاضي المشتري عن الدار التي يشفع بها الشفيع هل هي ملك الشفيع أم لا ، وإن أقر بأنها ملكه أو أنكر أو نكل عن اليمين أو أقام الشفيع بينة أنها ملكه سأل القاضي المدعي عن الشراء فيقول له هل اشتريت أو لا ، فإن أقر بأنه اشترى أو نكل عن اليمين أو أقام الشفيع بينة فقضى بالشفعة لثبوته عنده وهذا هو طلب الأخذ الموعود به فذكر هنا سؤال القاضي المدعى عليه عن ملك الشفيع أولا عقيب طلب الشفعة وليس كذلك بل القاضي يسأل أولا المدعي قبل أن يقبل على المدعي عليه عن موضع الدار من مصر ومحلتها وحدودها ; لأنه ادعى فيها حقا فلا بد أن يكون معلوما ; لأن دعوى المجهول لا تصح ، فإن بين ذلك سأله هل قبض المشتري الدار أو لا ; لأنه إذا لم يقبضها لم تصح دعواه على المشتري حتى يحضر البائع ، فإذا بين ذلك سأله عن سبب شفعته وعن حدود ما يشفع به ; لأن الناس يختلفون فيه فلعله ادعاه بسبب غير صحيح أو يكون محجوبا بغيره ، فإن بين سببا صالحا ولم يكن محجوبا بغيره سأله متى علم وكيف صنع حين علم ; لأنها تبطل بطول الزمان وبالإعراض وبما يدل عليه فلا بد من كشف ذلك وسأله عن طلب التقرير كيف كان وعمن أشهد وهل كان الذي استشهد عنده أقرب من غيره أو لا ، فإذا بين ذلك كله ولم يخل بشيء من شروطه تمت دعواه وأقبل على المدعى عليه وسأل كما ذكر المؤلف ، فإذا عجز الشفيع عن البينة وطلب يمين المشتري استحلفه القاضي بالله ما تعلم أنه مالك للذي ذكره مما يشفع به وهذا قول أبي يوسف ; لأن الدار في يد غيره وعند محمد يحلف على البتات ; لأنه يدعي عليه استحقاق الشفعة بهذا السبب وبعد ذلك سأل القاضي المدعى عليه فيقول هل اشتريت أم لا ، فإن أنكر الشراء قال للشفيع أقم البينة أنه اشتراه ; لأن الشفعة لا تجب إلا بالشراء فلا بد من إثباته بالحجة

                                                                                        فإن عجز عن إقامة البينة وطلب يمين المشتري استحلفه بالله ما اشترى أو بالله ما يستحق في هذه الدار شفعة من الوجه الذي ذكره فهذا تحليف على الحاصل وهو قول الإمام ومحمد والأول على السبب وهو قول أبي يوسف ، وإنما يحلف على البتات ; لأنه تحليف على فعل نفسه ، فإن نكل أو أقر أو أقام الشفيع بينة قضى به لظهور الحق بالحجة وفي الجوهرة قال المدعى عليه هذه الدار في يده ولكنها ليست ملكه قال الأول والثالث لا يقضي لهم حتى يقيم البينة أنها ملكه وعن الثاني إذا أقر باليد كان القول قول الشفيع أنها ملكه

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية