الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( أو اشترطا لأحدهما قفزانا مسماة أو ما على الماذيانات والسواقي ، أو أن يرفع رب البذر بذره ، أو يرفع من الخارج الخراج ، والباقي بينهما فسدت ) يعني لو شرطا لأحدهما قفزانا معلومة تفسد لأنه يؤدي إلى قطع الشركة في المسمى كما تقدم ، أو مطلقا لاحتمال ما يخرج إلا هو والمراد بأحدهما هو ، أو من يعود نفعه إليه بالشرط هذا إذا شرطا لأحدهما فلو شرطا لغيرهما قالوا ولو شرطا بعض الخارج لعبد أحدهما فلا يخلو إما أن يكون مشروطا لمن يملك رب الأرض ، وللعامل كسبه كالغائب والقريب ، وكل قسم على وجهين إما أن يكون البذر من قبل رب الأرض ، أو من قبل المزارع أما القسم الأول : لو دفع أرضا ، أو بذرا على أن ثلث الخارج لرب الأرض وثلثه لعبده وثلثه للعامل جاز وشرطا عمل العبد ، أو لم يشترطا لأن ما شرطا للعبد شرط لسيده ، وإن شرط عمل العبد فالمشروط للعبد حتى يقضي منه ديونه والمولى ممنوع من أخذه فكان العبد كالأجنبي فإن كان البذر من المزارع فإن شرطا ثلث الخارج لعبد رب الأرض فالمزارعة جائزة إذا لم يكن على العبد دين ولم يشترط عمل العبد والمشروط للعبد مشروط لمولاه .

                                                                                        وإن شرطا عمل العبد لمولاه ، وإن شرطا عمل العبد ولا دين عليه فالمزارعة فاسدة في ظاهر الرواية ، وإن كان على العبد دين ولم يشترط عمل العبد فالمزارعة جائزة ، وإن شرطا عمل العبد مع ذلك فالمزارعة فاسدة في ظاهر الرواية ، وأما إذا شرطا الثلث لمكاتب أحدهما ، أو قريبه ، أو لأجنبي فإن كان البذر من قبل رب الأرض إن شرط عمله جاز وقد تقدم بيانه هذا إذا شرطا قفزانا فإذا شرطا كله قال فلو شرط الخارج كله لأحدهما فإن كان البذر من قبل رب الأرض جاز ، والخارج كله للمشروط له فيكون العامل متبرعا بعمله ، وإن شرطاه لتعامل جاز ويكون رب الأرض أعاره أرضه واستقرض بذره فإن كان البذر من المزارع وشرطا جميع الخارج لأحدهما فهو على أربعة أوجه : الأول أن يقول ازرع أرضي ببذرك فيكون الخارج كله لي فهو فاسد والخارج كله لرب البذر وعليه أجر مثل الأرض الثاني أن يقول كله لك والمسألة بحالها جاز وصار معيرا أرضه منه الثالث أن يقول ازرع أرضي ببذرك [ ص: 184 ] على أن الخارج بيننا نصفان والبذر قرض على رب الأرض ، والرابع أن يقول ازرع أرضي ببذرك على أن يكون كله لك فهي فاسدة والخارج كله لرب الأرض وصار مستقرضا للبذر .

                                                                                        وكذا في المحيط ، وأما إذا شرطا لأحدهما ما على الماذيانات وهي مجرى الماء والسواقي ، أو يدفع رب البذر بذره ، أو يدفع الخراج فلأنه يؤدي إلى قطع الشركة في البعض ، أو الكل ، وشرط صحتها أن يكون مشتركا بينهما والمراد بالخراج الخراج الموظف نصفا ، أو ثلثا ، أو نحو ذلك أما الجزء الشائع فلا يفسد اشتراطه لأنه لا يؤدي إلى قطع الشركة وهي حيلة لدفع قدر بذره لوشرطا لأحدهما التبن وللآخر الحب فسدت لاحتمال أن يصيب الزرع آفة فلا يخرج إلا التبن فلو شرطا الحب نصفين ولم يتعرضا للتبن صحت لأنه هو المقصود ، والتبن نصفان ولو شرطا الحب نصفين والتبن لرب الأرض صحت لأنه شرط لا يخالفه العقد لأنه نماء ملكه ولو شرطا التبن للعامل فسد فلأنه شرط مخالف لمقتضى العقد فربما يؤدي إلى قطع الشركة بأن يصيب الزرع آفة فلا ينعقد الحب ولا يخرج إلا التبن قال : والعشر عليهما عندهما وعند الإمام على صاحب الأرض فإن لم يأخذ الإمام العشر فهو صاحب الأرض عند الإمام وعندهما لهما ولو قال صاحب الأرض للعامل : لا أدري ما يأخذ الإمام العشر ، أو النصف لأن النصف لي بعدما يأخذ جازت عندهما كذا في المحيط .

                                                                                        قال رحمه الله : ( فإن صحت فالخارج على الشرط ) لصحة الالتزام قال في المحيط : وأما الزيادة والحط في المزارعة والمعاملة فالأصل إن كان المعقود عليه بحال يجوز ابتداء المزارعة والمعاملة جازت الزيادة فيهما ، وإذا أدى أحدهما الآخر في الخارج فإن كان حال الزيادة قبل الاستحصاد وعظم التناهي تجوز الزيادة لأنه يجوز ابتداء العقد ما دام قابلا للزيادة ، وإلا فلا والحط جائز في الحالين حال قبول الزيادة وبعدها لأنه إسقاط ولو باع الأرض المدفوعة مزارعة ، أو معاملة فالبيع موقوف على إجازة المزارع والعامل فإن يجز تبق إلى انتهاء المزارعة والمعاملة ، ويخير المشتري إن شاء انتظر ، أو فسخ ولم يتعرض المؤلف لما إذا وقع في العقد ، أو علق ونحن نبين ذلك قال : وفيه أيضا : دفع الأرض والبذر سنة على أن يزرعها بغير كراب فللعامل ربع الخارج ، وإن كربها فثلثه ، وإن كرب وبنى فنصفه جاز ما شرطاه وكذا لو كان البذر من جهة المزارع .

                                                                                        القسم الثاني : دفع الأرض على أن يزرعها حنطة فالخارج كذا ، وإن زرعها شعيرا فكذا ، وإن زرعها سمسما فكذا فهذا على أربعة أوجه أما إن قال ازرعها ، أو زرعت فيها ، أو زرعت منها ، أو زرعت بعضا منها فالمزارعة في الأولين جائزة لأنه خيره بين العقود الثلاثة فإن زرع شيئا من الأصناف الثلاثة فالخارج على ما شرطاه ولو قال ما زرعت منها ، أو بعضا منها فالمزارعة فاسدة لأنه إن زرع البعض حنطة والبعض شعيرا ، أو سمسما فذلك البعض مجهول ولو كان البذر من قبل العامل وشرطا إن زرعها حنطة فبينهما نصفان ، وإن زرعها شعيرا فذلك للعامل جاز استحسانا وهو في الأول مزارعة ، وفي الثاني إعارة الأرض ، ثم ذكر محمد التخيير بين ثلاثة ولم يذكر هل يجوز التخيير في أكثر من ذلك روى هشام أنه لا يجوز .

                                                                                        القسم الثالث : دفع الأرض على إن زرعها ببذره في أول جمادى الأولى فالخارج نصفان ، وإن أخر فالثلث للمزارع فالشرطان جائزان عندهما ، وبيان الدليل يطلب فيه ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية