قال : رحمه الله ( فإن ) وقال أكل منه البازي أكل وإن أكل منه الكلب أو الفهد لا مالك في القديم : يؤكل وإن أكل منه الكلب كالبازي لما روي عن والشافعي { عبد الله بن عمر أن ثعلبة قال يا رسول الله إن لي كلابا مكلبة فأفتني في صيدها فقال إن كانت لك كلاب مكلبة فكل ما أمسكت عليك الحديث إلى أن قال للنبي صلى الله عليه وسلم وإن أكل منه قال عليه الصلاة والسلام وإن أكل منه } وفعل الكلب إنما صار ذكاة لعلمه وبالأكل لا يعود جاهلا فصار كالبازي ولنا ما روينا من حديث عمر بن عدي وقوله تعالى { وما أكل السبع إلا ما ذكيتم } وقوله : عليه الصلاة والسلام { } رواه إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله تعالى فكل ما أمسكن عليك إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل فإني [ ص: 253 ] أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه البخاري وعن ومسلم أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } رواه إذا أرسلت كلبك المعلم فأكل من الصيد فلا تأكل فإنما أمسكه على نفسه وإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل فإنما أمسك على صاحبه ومرويهما غريب فلا يعارض الصحيح المشهور ولئن صح فالمحرم أولى على ما عرف في موضعه ، والفرق بين البازي والكلب قد بيناه . أحمد
ولو صاد الكلب صيودا ولم يأكل منها شيئا ثم أكل من صيد بعد ذلك لا يؤكل من الذي أكل منه ; لأن أكله علامة جهله ولا مما يصيده بعده حتى يصير معلما على الاختلاف الذي بيناه في الابتداء وأما الصيود التي أخذها من قبل فما أكل منه لا تظهر الحرمة فيه لعدم المحلية وما ليس بمحرز بأن كان في المفازة بعد تثبت الحرمة بالاتفاق وما هو محرز في البيت يحرم عند رحمه الله وعندهما لا يحرم ; لأن الأكل لا يدل على جهله لأن الحرفة قد تنسى وقد يشتد عليه الجوع فيأكل مع علمه ولأن ما أحرزه قد أمضي الحكم فيه بالاجتهاد فلا ينتقض باجتهاد مثله ; لأن المقصود قد حصل بالأول بخلاف غير المحرز ; لأن المقصود لم يحصل فيه من كل وجه لبقاء الصيدية فيه من وجه لعدم الاحتراز فيحرم احتياطا أبي حنيفة رضي الله عنه أن أكله آية جهله من الابتداء ; لأن الحرفة لا ينسى أصلها فبالأكل تبين أن تركه الأكل كان بسبب الشبع لا للتعلم وقد تبدل الاجتهاد قبل حصول المقصود ; لأن المقصود يحصل بالأكل فصار كتبدل اجتهاد القاضي قبل القضاء ولأن علمه لا يثبت إلا ظاهرا فبقي جهله موهوما والموهوم في باب الصيد يلحق بالمتحقق احتياطا ما أمكن والإمكان في حق القائم جميعا دون الفائت . ولأبي حنيفة
وقال بعض المشايخ : إنما تحرم تلك الصيود عند رحمه الله تعالى إذا كان العهد قريبا أما إذا تطاول العهد بأن أتى عليه شهر ، وأكثر وصاحبه قد قدر تلك الصيود لا تحرم تلك الصيود في قولهم جميعا ; لأن في المدة الطويلة يتحقق النسيان فلا يعلم أنه لم يكن معلما في الماضي من الزمان وفي المدة القصيرة لا يتحقق النسيان فيظهر أنه لم يكن معلما حين اصطياد تلك الصيود فتحرم تلك الصيود وقال أبي حنيفة شمس الأئمة السرخسي الصحيح أن الخلاف في الفصلين ، ولو أن صقرا فر من صاحبه فمكث حينا ثم رجع إلى صاحبه فأرسله فصاد لا يؤكل صيده ; لأنه ترك ما صار به معلما فيحكم بجهله كالكلب إذا أكل من الصيد فيبقى حكمه كحكم الكلب فيما ذكرنا ولو أكل ; لأنه ممسك عليه وهذا من غاية علمه حيث شرب ما لا يصلح لصاحبه ، وأمسك عليه ما يصلح له ولو شرب الكلب من دم الصيد ولم يأكل من لحمه شيئا يؤكل ما بقي ; لأنه أمسك على صاحبه وسلمه إليه ، وأكله بعد ذلك مما ألقى إليه صاحبه لا يضره لأنه لم يأكل من الصيد وهو عادة الصيادين فصار كما إذا ألقى إليه طعاما آخر وكذا إذا خطف الكلب منه وأكله ; لأنه لم يأكل من الصيد ، إذ لم يبق صيدا في هذه الحالة والشرط ترك الأكل من الصيد . أخذ الصائد الصيد من الكلب وقطع له منه قطعة وألقاها إليه فأكلها
وقد وجد فصار كما إذا افترس شاة بخلاف ما إذا فعل ذلك قبل أن يحرزه المالك لبقاء جهة الصيدية وسيأتي الفرق فيه ولو نهش الصيد فقطع منه بضعة فأكلها ثم أدرك الصيد فقتله ولم يأكل منه لم يؤكل ; لأنه صيد كلب جاهل حيث أكل من الصيد ولو ألقى ما نهشه واتبع الصيد فقتله ولم يأكل منه حتى أخذه صاحبه ثم ذهب إلى تلك البضعة فأكلها يؤكل الصيد ; لأنه لو أكل من نفس الصيد في هذه الحالة لا يضره فإذا أكل ما بان منه وهو لا يحل لصاحبه أولى بخلاف الوجه الأول ; لأنه أكل في حالة الاصطياد فتبين بهذا أنه جاهل ممسك على نفسه ولأن نهش البضعة قد يكون ليأكلها وقد يكون حالة الاصطياد ليضعفه بالقطع منه ليتمكن منه فإن أكلها قبل الأخذ يدل على الوجه الأول وبعده على الوجه الثاني وفي الهداية لو يؤكل الصيد ; لأنه ما أكل من الصيد والشرط ترك الأكل من الصيد قال في النهاية وطولب بالفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا أكل منه بعد ما قتله فإنه يحرم ; لأن الصيد كما خرج من الصيدية بإذن صاحبه جاز أن يخرج عن الصيدية بقتله وأجيب بأنه إذا لم يتعرض بالأكل حتى أخذه صاحبه دل على أنه ممسك على صاحبه ، وانتهاشه منه لا يدل على جهله وأما إذا أكل بعد قتله قبل أن يأخذه صاحبه دل على أنه ممسك على نفسه فدل على جهله فلهذا حرم واعترض أيضا بأن عبارة المؤلف شاملة [ ص: 254 ] للصورتين فيما إذا وجد افتراقه في الحكم وأجيب بما تقدم وفي المحيط وإن قتله فأخذه صاحبه ثم وثب عليه فأنهش منه قطعة أو رمى صاحبه بها إليه يؤكل الصيد ولو أكل قبل أن يأخذه صاحبه يكره أكله ا هـ . أخذ المرسل الصيد ووثب الكلب على الصيد فأخذ من الصيد ، وأكل
ثم الإرسال على أقسام : الأول يجب أن يكون الإرسال على صيد ولو أرسل على ما ليس بصيد من الإبل والبقر والغنم والأهل فأصاب صيدا لا يحل أكله ; لأن الإرسال على ما ليس بصيد لا يكون ذكاة شرعا ولو سمع حسا وظنه صيدا فأرسل كلبه فأصاب صيدا ثم تبين أن المسموع حس آدمي أو ما ليس بصيد لم يؤكل وكذا لو سمع حسا ولم يعلم أنه حس صيد أو غيره ولو ظنه حس صيد غير مأكول أو مأكول فأصاب صيدا آخر يحل أكله فلو أرسل كلبه على صيد بعينه وهو غير مأكول فأصاب غيره يحل أكله لأن تعيين الصيد غير معتبر في الإرسال ولو سمع حسا فظن أنه حس آدمي فأرسل كلبه فإذا هو صيد يحل أكله لأن تعيين الصيد غير معتبر وفي المنتقى ولو ولم يعلم أنه متوحش أو مستأنس أكل الصيد لأن الأصل في الصيد التوحش فتمسكوا بالأصل وقال رمى ظبيا أو طيرا فأصاب غيره وذهب المرمي إليه لو ظن حين رآه أنه صيد ثم تحول رأيه أنه ليس بصيد يحل الصيد ; لأن الأول عندنا صيد بحكم الأصل حتى يعلم أنه غير صيد ولو رمى إلى بعير ناد أو غير ناد لم يؤكل حتى يعلم أنه ناد لأن الأصل في البعير الألفة والاستئناس ولو رمى إلى ظبي مربوط وظن أنه صيد فأصاب ظبيا آخر لم يؤكل وكذا لو محمد لم يؤكل ولو أرسل كلبه على صيد موثق في يده فصادف غيره لم يؤكل ولو رمى سمكا أو جرادا فأصاب صيدا فعن أرسل فهدا على فيل ، وأصاب ظبيا في رواية لا يؤكل ; لأن السمك والجراد لا تقع عليه الذكاة وفي رواية يؤكل لأن المرمي إليه صيد . أبي يوسف
والقسم الثاني أن يكون فور الإرسال باقيا كما سيأتي فإن وجد وطال قطع الإرسال حتى لو قتله لا يحل أكله وفي الروضة ولو ومن شرائط الإرسال أن لا يوجد بعد الإرسال بول ولا أكل لم يؤكل ; لأنه انقطع فور الإرسال ، وفي الغياثية ولو حبس الكلب على صدر الصيد طويلا ثم أمر به آخر فأخذه وقتله يحل أكله . أرسل كلبين فأخذه أحدهما وقتله الآخر
والقسم الثالث أن يلحقه المرسل أو من يقوم مقامه قبل انقطاع الكلب كما سيأتي قال رحمه الله ( وإن ذكاه ) { أدركه حيا لعدي إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله تعالى عليه فإن أمسك عليك ، وأدركته حيا فاذبحه } رواه لقوله عليه الصلاة والسلام البخاري ولأنه قدر على هذا الأصل قبل حصول المقصود بالبدل ، إذ المقصود هو الحل ، والباز والسهم في هذا كالكلب وفي المحيط فإذا أدركه حيا لم يحل إلا بالذبح قدر على الذكاة أو لم يقدر لفقد الآلة وضيق الوقت بأن كان في آخر الرمق وعن ومسلم أبي حنيفة إذا لم يقدر على التمكن كما ذكرنا يحل وهو اختيار لبعض المشايخ لأنه إذا لم يتمكن لم يقدر على الأصل وذكر وأبي يوسف في مختصره لو أدركه ولم يأخذه فإن كان في وقت أمكنه ذبحه لم يؤكل وإن كان لا يمكنه ذبحه بعد أخذه أكل ; لأن اليد لم تثبت على الذبح ، والتمكن من الذبح لم يوجد والله أعلم وسيأتي بيانه . الكرخي