قال رحمه الله ( فإذا قضى سلم الرهن ) أي إذا إليه فلو قضى الراهن جميع الدين سلم المرتهن الرهن إليه لزوال المانع من التسليم لوصول حق المرتهن إلى الراهن استرد الراهن ما قضاه من الدين ; لأنه تبين بالهلاك أنه صار مستوفيا من وقت القبض السابق فكان الثاني استيفاء بعد استيفاء فيجب رده ، وهذا لأنه بإيفاء الدين لا ينفسخ الرهن حتى يرده إلى صاحبه فيكون مضمونا على حاله بعد قضاء الدين ما لم [ ص: 271 ] يسلمه إلى الراهن أو يبرئه المرتهن عن الدين ، وكذا لو فسخا الرهن لا ينفسخ ما دام في يده حتى كان للمرتهن أن يمنعه بعد الفسخ حتى يستوفي دينه ، ولو هلك بعد الفسخ يكون كما لو هلك قبله فيكون هالكا بدينه بخلاف ما إذا هلك بعد الإبراء حيث لا يضمن استحسانا ; لأنه لم يبق رهنا ; لأن بقاءه رهنا بأمرين بالقبض والدين ، فإذا مات أحدهما لم يبق رهنا ، وقد قدمناه مفصلا قال رحمه الله ( هلك الرهن بعد قضاء الدين قبل تسليمه ) ; لأن الرهن يقتضي الحبس إلى أن يستوفي دينه دون الانتفاع فلا يجوز الانتفاع إلا بتسليط منه ، وإن فعل كان متعديا ولا يبطل الرهن بالتعدي قال في المبسوط ولا ينتفع المرتهن بالرهن استخداما وسكنى ولبسا وإجارة وإعارة ، وليس للمرتهن أن ينتفع بالمرهون إلا بإذن الراهن .
فإذا أذن له جاز أن يفعل ما أذن له فيه ، ولو فعل من غير إذن صار ضامنا بحكم الرهن بحكم وقابضا الغصب ، وإن ترك الاستعمال عاد لكونه رهنا ، ولو استعمل الرهن بإذن المرتهن ، فإن هلك حالة الانتفاع لم يسقط من الدين شيء ; لأنه بالإذن صار مقبوضا بحكم العارية ، وإن خالف وهلك في حال الاستعمال يضمن ضمان الغصب ، وفي المنتقى لو لم يسقط الدين كما لو أعاره من غيره بإذن الراهن فقد خرج من ضمان المرتهن وله أن يستره ; لأن الرهن عقد قائم ولكن حكمه وهو الضمان مرتفع في زمان الإيداع لما بينا ، ولو أجره من أجنبي سنة بغير إذن الراهن وانقضت السنة ، ثم أجاز الراهن الإجارة لم تصح ; لأن الإجارة لاقت عقدا منتفيا مفسوخا وللمرتهن أن يأخذها حتى يصير رهنا كما كان ، وإن أجاز بعد مضي ستة أشهر جاز ونصف الأجرة للمرتهن يتصدق به ونصفها للراهن ، وليس للمرتهن أن يعيدها في الرهن كما بينا ، وذكر أودع المرتهن المرهون بإذنه وهلك في يد المودع في العيون ، ولو أبو الليث ، فإنه يرجع إلى المرتهن ولا يكون أسوة الغرماء ; لأن الرهن لم ينفسخ بالإعارة فيكون الرهن في يد المستعير لكونه في يد المعير فكان مقبوضا له وبالموت انفسخت الإعارة فعادت يد المرتهن كما كانت . أعار المرتهن من الراهن ، ثم مات الراهن
ولو ارتهن جارية ، ثم أعارها الراهن فولدت عند الراهن ، ثم ماتت فللمرتهن أن يعيد الولد بحصته ; لأن الرهن لم ينتقض بإعارة الرهن من الراهن فيسري إلى الولد ، والله تعالى أعلم ، وفي المنتقى إذا فالقول قول الراهن ; لأن المرتهن ادعى البراءة عن الضمان لاستعمال الثوب بإذن الراهن وهو ينكر فيكون القول له ، فإذا كان الرهن ثوبا فأذن له الراهن في لبسه يوما ، ثم جاء به متخرقا ، فقال المرتهن تخرق من لبسه من ذلك اليوم ، فقال الراهن لم يتخرق من لبسك ، ولم تلبسه فالقول قول المرتهن أنه تخرق من لبسه والبينة بينة الراهن ; لأن الظاهر شاهد للمرتهن ; لأن فعله وهو اللبس سبب التخرق ظاهرا وغير موهوم فيه في حال التخرق في السبب الظاهر دون الموهوم ، والله تعالى أعلم . ولم يتعرض أقر الراهن أنه لبسه في ذلك اليوم وتخرق قبل لبسه أو بعده المؤلف للسعر بالعين المرهونة ولا لما إذا أعير الرهن للمرتهن قال في الغياثية وللمرتهن أن يسافر بالرهن إذا كان له حمل ومؤنة أو لم يكن وعن أنه كالوديعة رهن المرتهن وارتهانه موقوف ، ولو رهن عبدا مريضا فقتل فالدين على حاله خلافا لهما ، وكذا إذا قتل قصاصا بعمد أو بسرقة ويصدق المرتهن أنه كان هكذا ، ولو احترق النخل ذهب بحصته . محمد
وفي الخانية رهن عبد أو غاب ثم إن المرتهن وجد العبد حرا ، فإن كان العبد أقر بالرق عند الرهن لم يرجع المرتهن بدينه عليه كان عليها رد الرهن إلى الزوج ، فإن هلك الرهن عندها يهلك بغير شيء ، ولو اختلعت المرأة من زوجها بعد ما وهبت مهرها كان عليها رد الرهن ولا يبطل الرهن بموت الراهن ولا بموت المرتهن ولا بموتها وبقي الرهن رهنا عند الورثة وسيأتي له مزيد بيان . أخذت المرأة بصداقها المسمى رهنا يساوي صداقها ثم وهبت صداقها من الزوج أو أبرأته