الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وفي قطع الكف وفيها إصبع أو إصبعان عشرها أو خمسها ولا شيء في الكف ) أي إذا كان في الكف إصبع أو إصبعان فقطعهما يجب عشر الدية في الإصبع الواحدة وخمسها في إصبعين : ولا يجب في الكف شيء وهذا عند أبي حنيفة وقالا ينظر إلى أرش الكف وإلى أرش ما فيها من الأصابع فيجب أكثرها ويدخل القليل في الكثير ; لأن الجمع بين الأرشين متعذر إجماعا ; لأن الكل شيء واحد ; لأن ضمان الأصابع هو ضمان الكف وضمان الكف فيه ضمان الإصبع وكذا إهدار أحدهما متعذر أيضا ; لأن كل واحد منهما أصل من وجه أما الكف فلأن الأصابع قائمة به ، وأما الأصابع فلأنها هي الأصل في منفعة البطش ، فإذا كان واحد منهما أصلا من وجه ورجحنا بالكثرة كما قلنا فيمن شج رأس إنسان وتناثر بعض شعر رأسه يدخل القليل في الكثير ولأبي حنيفة رحمه الله أن الأصابع أصل حقيقة ; لأن منفعة اليد وهي البطش والقبض والبسط قائمة بها وكذا حكما ; لأنه عليه الصلاة والسلام جعل اليد بمقابلة الأصابع حيث أوجب في اليد نصف الدية ثم جعل في كل إصبع عشرا من الإبل ومن ضرورته أن تكون كلها بمقابلة الأصابع دون الكف والأصل أولى بالاعتبار ، وإن قل ولا يظهر التتابع بمقابلة الأصل فلا يعارض حتى يصار إلى الترجيح بالكثرة ولئن تعارضا فالترجيح بالأصل حقيقة وحكما أولى من الترجيح بالكثرة ألا ترى أن الصغار إذا اختلطت مع الكبار تجب فيها الزكاة تبعا ، وإن كان الصغار أكثر ترجيحا للأصل بخلاف ما استشهد به من الشجة ; لأن أحدهما ليس بتبع للآخر وروى الحسن عنه أن الباقي إذا كان دون الإصبع يعتبر أكثرهما إرشادا ; لأن أرش ما دون الإصبع غير منصوص عليه ، وإنما يثبت باعتباره بالمنصوص عليه بنوع اجتهاد وكونه أصلا باعتبار النص ، فإذا لم يرد النص بأرش مفصل ولا مفصلين اعتبرنا فيه الكثرة والأول أصح ; لأن أرشه ثبت بالإجماع وهو كالنص ولو لم يبق في الكف [ ص: 384 ] إصبع غير منصوص عليه يجب عليه حكومة عدل لا يبلغ بها أرش الأصابع ولا يجب فيه الأرش بالإجماع ; لأن الأصابع أصل على ما بينا وللأكثر حكم الكل فاستتبعت الكف كما إذا كانت كلها قائمة قوله وفي قطع الكف إلخ لا يخفى أنه مكرر مع قوله وفي كل إصبع عشر الدية وقوله ولا شيء في الكف إلخ لا يخفى أنه مكرر مع قوله ولو مع الكف ; لأنه إذا علم أن الكف لا شيء فيه مع كل الأصابع علم بالأولى مع بعضها .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية