الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وإذا حفر الرجل بئرا في الطريق فسقط فيه رجل فتعلق به آخر وتعلق الثاني بثالث وسقطوا جميعا وماتوا جميعا فهو على ثلاثة أوجه إن ماتوا من وقوعهم ولم يقع بعضهم على بعض أو من وقوعهم ووقع بعضهم على بعض وقد علم كيفية الموت أو لم يعلم كيف ماتوا ، فإن ماتوا من وقوعهم ولم يقع بعضهم على بعض فدية الأول على الحافر ; لأنه كالدافع ودية الثاني على الأول ; لأن الثاني مباشر ودية الثالث على الثاني ، وإذا خرجوا أحياء وأخبروا عن حالهم ثم ماتوا فموت الأول على سبعة أوجه إما إن مات من وقوعه لا غير فديته على الحافر ، وإن مات من وقوع الثاني عليه فديته هدر ; لأنه قاتل لنفسه بجره ، وإن مات من وقوع الثالث عليه فديته على الثاني ; لأنه هو جر الثالث ، وإن مات من وقوع الثاني والثالث فنصف ديته هدر ونصفها على الثاني ، وإن مات من وقوعه ووقوع الثالث عليه فالنصف على الحافر والنصف على الثاني ، وإن مات من وقوعه ووقوع الثاني والثالث فالثلث هدر ; لأنه قتل نفسه بجر الثاني عليه والثلث على الحافر ; لأنه كالدافع والثلث على الثاني بجر الثالث مباشرة ، وأما الحكم في الثاني ، فإن مات بوقوع الثالث عليه فديته هدر ; لأنه جره إلى نفسه ، وإن مات من وقوع الأول عليه فديته على الأول ; لأنه صار كالدافع للثاني في البئر ، وإن مات من وقوع الأول والثالث معا فنصف ديته هدر لجره الثالث إلى نفسه ونصفها على عاقلة الأول لجر الأول له وإيقاعه في البئر ، .

                                                                                        وأما دية الثالث فعلى الثاني لجر الثاني له هذا إذا كان يدرى حال وقوعهم فأما إذا كان لا يدرى فلا يخلو إما أن يكون بعضهم على بعض أو وجدوا متفرقين ، فإن كانوا متفرقين فدية الثالث على الثاني ودية الثاني على الأول ودية الثالث على الثاني وهو قول محمد رحمه الله تعالى وفي قول آخر لم يبين محمد قائله في الأصل ويقال هو قول أبي يوسف وهو الاستحسان أن دية الأول أثلاثا ثلث على صاحب البئر وثلث على الثاني ; لأنه جر الثالث عليه وثلث هدر ; لأن الأول هو الذي جر الثاني ودية الثاني نصفان نصف على الأول ; لأنه هو الذي جره ونصف هدر ; لأنه جر الثالث إلى نفسه ودية الثالث على الثاني عبد حفر بئرا على قارعة الطريق فجاء إنسان ووقع فيها فعفا عنه الولي ثم وقع فيها آخر فعلى المولى أن يدفع كله أو يفديه في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يدفع إليه نصف ; لأنهما وقعا معا فعفا عنه أحد الوليين رجل مات وترك دارا وعليه من الدين ما يستغرق قيمتها فحفر فيها ورثته فهو ضامن لنقصان الحفر للغرماء ، فإن وقع فيها إنسان فعليه ضمان ذلك على عاقلته .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية