الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( جنى مدبر أو أم ولد ضمن السيد الأقل من القيمة ومن الأرش ) لما روي عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أنه قضى بجناية المدبر على المولى بمحضر من الصحابة من غير نكير وكان يومئذ أميرا بالشام فكان إجماعا ولأن المولى صار مانعا ما ذكرنا قال القدوري في التقريب قال أبو يوسف يضمن المولى قيمة المدبر وأم الولد بالجناية مدبرا وقال زفر يضمن قيمته عبدا الكرخي في مختصره وجناية المدبر على سيده وفي ماله هدر بالتدبير وكذا بالاستيلاد وإنما يصير مختارا للفداء لعدم علمه بما يحدث فصار كما إذا فعل بعد الجناية وهو لا يعلم وإنما يجب الأقل من القيمة ومن الأرش لأنه لا حق لولي الجناية في أكثر من الأرش ولا منع من المولى في أكثر من العين وقيمتها تقوم مقامها ولا يخير في الأكثر أو الأقل لأنه لا يفيده في جنس واحد لاختياره الأقل .

                                                                                        بخلاف ما إذا كان الجاني قنا حيث يخير المولى بين الدفع والفداء ولا يجب الأقل لأن فيه فائدة لاختلاف الجنس لأن من الناس من يختار دفع العين ومنهم من يختار دفع الفداء على ما هو الأيسر عنده أو يبقى ما اختاره على ملكه ويخرج الآخر عن ملكه ثم الأصل فيه أن جنايات المدبرة لا توجب إلا قيمة واحدة وإن كثرت لأنه لا يمنع منه إلا رقبة واحدة ولأن دفع القيمة فيه كدفع العين في القن ودفع العين لا يتكرر فكذا ما قام مقامها ويتضاربون بالحصص في القيمة وتعتبر قيمته في حق كل واحد منهم في حال الجناية عليه لأنه يستحقه في ذلك الوقت حتى لو قتل رجلا وقيمته ألف ثم قتل آخر وقيمته ألفان ثم قتل آخر وقيمته خمسمائة يجب على المولى ألفا درهم لأنه جنى على الوسط وقيمته ألفان فيكون للمولى الأوسط ألف منها لا يشاركه فيه أحد لأن ولي الأول لا حق له فيما زاد على الألف وإنما حقه في قيمته يوم جنى على وليه وهو ألف درهم وكذلك الثالث لا حق له فيما زاد على الخمسمائة لما ذكرنا ثم يعطي خمسمائة فتنقسم بين الأول والأوسط فيضرب الأول بجميع حقه وهو عشرة آلاف درهم ويضرب الأوسط بما بقي من حقه وهو عشرة آلاف درهم إلى آخره [ ص: 441 ] لأنا ننتظر إلى دية المقتول وما وصل منها وما تأخر منها يضرب له بعشرة آلاف درهم إلى آخره .

                                                                                        قال في المحيط مدبر قتل رجلا وقيمته ألف درهم ثم صارت قيمته ألفين فقتل آخر خطأ فالألف درهم للثاني وتحاصا في الألف الأولى في المرتهن .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية