الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وبألف ، وله عين ودين فإن خرج الألف من ثلث العين دفع إليه ) أي إذا أوصى بألف درهم ، وله عين ، ودين فإن خرج من ثلث العين دفع [ ص: 475 ] إليه لأن إيفاء حق كل واحد ممكن من غير بخس بأحد قال في المبسوط أصل المسألة متى كانت التركة بعضها قائم ، وبعضها غير قائم تقسم القائمة بين الورثة ، والموصى له على السهام التي تقسم لو كانت كلها قائمة اعتبارا للبعض بالكل ثم ما أصاب المديون من العين القائمة من التركة جعل قصاصا بما عليه إذا كان ما عليه مثل حقه في العين أو أكثر فإن كان أقل فبقدره ، وهذا إذا كانت التركة من جنس الدين ، وإن كانت من خلاف جنسه بأن كانت عروضا ، والدين دراهم أو دنانير فعن رواية الوصايا أنه يجعل نصيبه قصاصا بما عليه ، وهو القياس ، وفي رواية هذا الكتاب يحتبس عنه من العين حتى يوفي ما عليه استحسانا فإن لم يوف وطلب صاحب الدين من القاضي أن يبيع نصيبه يبيع القاضي ، ويقضي من ثمنه دينا ثم المسائل مشتملة على فصول : فصل في الوصية بالسهام في العين والدين ، وفصل في الوصية بالدراهم والسهام معينة ، وفصل بالوصية بالدراهم والعروض رجل مات وترك ابنين ، ومائة درهم عينا ومائة دينار على أحد ابنيه ، وأوصى لرجل بالثلث كان له نصف العين ، والنصف لغير المدين لأن العين تقسم بينهم أثلاثا ثلثه للموصى له وثلثه لمن لا دين عليه وثلثه للدين إلا أن المدين لا يعطيه نصيبه لأن ما عليه أكثر مما له ، والتركة من جنس الدين فيحسب ما له قصاصا بما عليه لأن ما عليه أكثر مما له ، والتركة من جنس الدين فإن ما يخص الابن المدين ذهب بحصته مما عليه ستة وستون وثلثان ، ويؤدي ثلاثة وثلاثين وثلثا بين الابن غير المدين ، والموصى له نصفين لأن حقهما سيان ، ولو أوصى بربع العين ، والدين كان له نصف العين لأن جميع مال الميت مائتا درهم للموصى له ربعه .

                                                                                        وذلك خمسون يبقى مائة وخمسون لكل ابن خمسة وسبعون إلا أنه لا يعطى للمدين شيء من العين بل يطرح عنه نصيبه من الدين لأنه لا فائدة في ذلك فيطرح مما عليه نصيبه ، وذلك خمسة وسبعون ، ويؤدي ما بقي عليه ، وهو خمسة وعشرون ، ويقسم ذلك مع المائة العين بين الموصى له وبين غير المدين على خمسة أسهم سهمان للموصى له ، وذلك خمسة ، وثلاثة أخماسه للابن الذي لا دين عليه ، ويبرأ المدين عن مثلها فرق بين الوصية بخمس مطلق وبين الوصية بخمس مقيد ، والفرق أن الوصية بالعين والدين وصية مقيدة ، والموصى له المقيد يضرب بجميع وصيته يوم الموت إذا كانت وصيته تخرج من ثلث ماله لما بينا ، وهذا وصيته تخرج من ثلث ماله لأن وصيته من العين والدين أربعون درهما منهما ، وقد خرج من العين قدر وصيته ، وزيادة فيأخذ وصيته من العين ، وذلك أربعون ، وأما الموصى له المطلق يضرب في المال بقدر عشر ماله في العين يوم القسمة لأن حقه في العين المطلق المرسل لا في العين فيكون له خمس المال المرسل ، وذلك ثلاثة وثلاثون وثلث من العين ، ولو أوصى لرجل بربع ماله ، ولآخر بثلث ماله كان نصف العين بينهما على ثمانية لصاحب الربع أربعة ، وأربعة لصاحب الثلث لأن أصل الفريضة من ثلاثة إذا لم تجز الورثة سهم الموصى له بقي سهمان بين الاثنين نصفين لكل واحد سهم لأن ما يصيب المدين من العين يطرح لأن ما عليه أكثر مما له .

                                                                                        واقسم المائة العين بين الابن غير المدين وبين الموصى لهما نصفين لكل واحد خمسون ، ويحسب للابن المدين ما عليه خمسون مثل ما حصل للابن غير الابن فصار العين من مال الميت حقيقة وحكما مائة وخمسين مائة عين حقيقة وخمسون عين حكما ، وهو قدر ما استوفاه الابن المدين ، وبقي على المدين خمسون ناويا ما دام معتبرا فلا بد من مال الميت ثم ما أصاب الموصى له من نصف العين يقسم بينهما على سبعة لأن أقل حساب له ثلث وربع اثنا عشر فحق الموصى له بالثلث في أربعة ، وحق الموصى له بالربع في ثلاثة فصار جميع ذلك سبعة فاقسم الثلث على سبعة أربعة لصاحب الثلث وثلاثة لصاحب الربع فإن أيسر الابن المدين ، وقدر على الأداء اعتبر المال كله فيكون بين الورثة ، والموصى لهما أثلاثا ثم مال الموصى لهما بينهما على سبعة لأنه لما أيسر ظهر أن مال الميت كان مائتين فيكون ثلث ماله ستة وستين وثلاثين فيقسم دين الموصى لهما على سبعة كما وصفنا ، وإذا كان له مائة درهم عينا ودينا على امرأته ثم مات ، وترك امرأته وابنه ، وأوصى بثلث ماله لرجل قسم العين بين الابن ، والموصى له على أحد عشر للموصى له أربعة فإن قدرت المرأة على الأداء كان للموصى له ثلث كل المال ستة وستون وثلثان ، وللمرأة ثمن الباقي ستة عشر وثلثان تؤدي الفضل فإذا أدت قسم بين الابن والموصى له على أحد عشر قال رحمه الله ( وإلا فثلث العين ، وكلما خرج شيء من الدين له ثلثه حتى يستوفي [ ص: 476 ] الألف ) أي إن لم يخرج الألف من ثلث العين دفع إلى الموصى له ثلث العين ثم كلما أخرج شيء من الدين دفع إليه ثلثه حتى يستوفي حقه .

                                                                                        وهو الألف لأن الموصى له شريك الوارث في الحقيقة ألا ترى أنه لا يسلم له شيء حتى يسلم للورثة ضعفه ، وفي تخصيصه بالعين بخس في الورثة لأن العين مقدمة على الدين ، ولأن الدين ليس بمال في مطلق الحال ، ولهذا لو حلف أنه لا مال له ، وله دين على الناس لا يحنث ، وإنما يصير مالا عند الاستيفاء ، وباعتباره تتناوله الوصية فيعتدل النظر بقسمة كل واحد منهما من الدين والعين أثلاثا هذا إذا أوصى لواحد فلو أوصى لاثنين قال في الأصل في الوصية بالدين والعين والثياب والمتاع والسلاح والذهب والفضة والحديد وما أشبه ذلك ذكر في فتاوى الفضل إذا كان رجل أوصى بثلث ماله الدين لرجل ، والآخر بثلث ماله العين والعين والدين مائة اقتسما ثلث مائة العين نصفين فإن خرج من الدين خمسون ضم إلى العين ، وكان ثلثه جميع ذلك بينهما على خمسة أسهم ، ولو أوصى بثلث العين لرجل ، وبثلث العين لرجل آخر ، والدين لآخر ، ولم يخرج من الدين شيء من الدين اقتسما ثلث ذلك خمسون درهما بينهما أثلاثا في قول أبي يوسف ومحمد ، وأما على قول أبي حنيفة الثلث بينهما في هذه المسألة على خمسة أيضا ، وإذا كان لرجل مائة درهم عينا ، ومائة درهم دينا على أجنبي فأوصى الرجل بثلث ماله لرجل فإنه يأخذ ثلث العين ذكر في فتاوى الفضل أن من أوصى بدين له على رجل أن يصرف على وجوه البر تعلقت الوصية بالدين .

                                                                                        فإن وهب بعض الدين لمديونه بعد ذلك تبطل الوصية بقدر ما وهب كأنه رجوع عن وصيته بذلك القدر قال البقالي ، وتدخل الحنطة في الدين قال هو ، ويدخل في الوصية بالعين الدراهم والدنانير .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية