قال رحمه الله ( وهبته وصية ) يعني حكمها حكم الوصية أي إذا يكون حكمه حكم الوصية أطلق في الهبة فشمل ما إذا عادت للمريض أو لم تعد ، وللأجنبي ، وللوارث قال في المنتقى وهب المريض في مرضه ، والجارية تسلم لورثة الواهب ، ويأخذون من الموهوب له ثلاثة وثلاثين درهما وثلثا لأنه حين باعها إياه كان كأنه قد استملك الجارية وصارت قيمتها دينا عليه ، وهي ثلثمائة فكانت هذه الثلاثمائة زيادة في مال الميت فصار ماله ستمائة إلا أن عليه دين مائة درهم فصار ماله الذي تجوز فيه وصيته خمسمائة درهم فللموهوب له ثلثها . وهب المريض لرجل أمة ، وقيمتها ثلاثمائة ولا مال له غيرها فباعها الموهوب له للواهب ، وهو صحيح بمائة درهم ، ولم يقبض المائة ثم مات الواهب من مرضه
وذلك مائة وستة وستون وثلثان فيكون ذلك وصية له من قيمة الأمة يبقى عليه مائة وثلاثة وثلاثون وثلث ، وقد كان له على الواهب مائة دينا يبقى عليه ثلاثة وثلاثون وثلث ، ولو فإن الجارية تباع ، وتدفع المائتين إلى ورثته لأن الهبة قد نفذت من الثلث فينفذ بيعه من الواهب في الثلث لأن بيع المريض لا يجوز إلا بمثل قيمته ، وقيمته ثلثها مائة درهم فيرد ذلك القدر من ثمنها إلى تركة الموهوب له وهب المريض أمة قيمتها ستمائة درهم فباعها الموهوب له من الواهب بمائتي درهم ثم ماتا جميعا ولا مال لواحد منهما غيرها جاز عتقه لأنه أعتق ما يملكه ، وإن أعتقه بعد موته لم يجز عتقه لأنه تعلق حق الغريم به بيعا واستيفاء وصار مستغرقا بدينه فانقضت الهبة من الأصل ، وعاد إلى قديم ملكه فظهر أنه أعتق ما لا يملكه قال مريض وهب عبده لرجل ، وعليه دين محيط بقيمته ولا مال له غيرها فأعتقه الموهوب له قبل موت المريض محمد قال مريض أقر لعبد رجل أنه ابنه ثم مات إن صدقه السيد في حياة المريض ورثه لأنه ثبت نسبه منه بتصادقهما فإن صدقه بعد موته لا يرثه لأن إقراره قد بطل بموته ، وذكر أبو يوسف عن الحسن بن زياد في أبي يوسف قال إن صدقه في حياته ورثه إذا مات ، وإن صدقه بعد موته لم يرثه لما بينا . مريض له ابن معروف ، وهو عبد لرجل فأقر المريض أن المولى قد أعتق ابنه
ولو أصله أن أجوبتهم لمسائل الباب متفقة ، وتخاريجهم لها مختلفة وهب أحد الزوجين لصاحبه في المرض اعتبر جميع مال الموصي في القسمة وطرح السهم الدائر من جملة المال لأن الدور يقع بسبب المال المستفاد بالميراث ، وأنه لو لم يرث منها شيئا بأن كان عليها دين مستغرق لجميع ماله لم يقع الدور فأبو حنيفة اعتبر القسمة في المال الموصى به وطرح السهم الدائر من المال المستفاد بالوصية لأن الدور يقع من ذلك فإنه لو لم يستفد شيئا بالوصية بأن كان على الزوج دين مستغرق يقع الدور ، والصحيح ما قاله ومحمد لأن الوصية للمرأة ، والمرأة للزوج من وصيتها إنما توزع من مال الزوج لا من مالها فكان العمل من ماله فكان طرح السهم الدائر من نصيبه أولى . أبو حنيفة