ولو فإن كانوا لا يحصون فالوصية باطلة ; لأنا عجزنا عن تنفيذ هذه الوصية ; لأنه لا يمكنه تنفيذها للكل ; لأنهم لا يحصون فبطلت الوصية كما لو أوصى لبني فلان بخلاف ما لو أوصى للفقراء ; لأن الوصية للفقراء وقعت لله تعالى ، والفقراء مصارف ولهذا لا يرتد بردهم وجاز صرفها إلى الواحد منهم عند أوصى لواحد من عرض الناس ; لأنه واحد معلوم فوقعت الوصية له بخلاف الوصية لبني فلان ; لأنها تناولت الأغنياء كما تناولت الفقراء فيقع للغني لا لله تعالى حتى ترتد برده ، ولو أبي يوسف فإن كانوا فقراء جازت الوصية ; لأنها وقعت لله تعالى . أوصى لبني فلان وهم لا يحصون
وإن كانوا أغنياء لا يجوز ; لأنها وقعت للعباد ، وقد تعذر تنفيذها ثم لا يخلو إما إن كان فلان أبا قبيلة أو فلان أب أو جد فإن كان فلان أبا قبيلة وهم ذكور وإناث فالثلث بينهم بالسوية إن كانوا يحصون ; لأن النساء إذا اختلطن بالرجال يدخلن في خطاب الرجال قال الله تعالى : { أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } وقد تناول ذلك الرجال ، والنساء جميعا وقوله تعالى : { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } وقد تناول الذكور ، والإناث فإن كن إناثا خلصا لم يذكره في الكتاب وقالوا على قياس تعليل لهذه المسألة يكون الثلث لهن ; لأنه ذكر ، وقال يحسن أن يقال هذه المرأة من بني فلان إذا كان فلان أبا أو جدا وله أولاد بنات فلا شيء لهن وإن كانوا ذكورا وبنات فالثلث للذكور خاصة عند محمد وعندهما للذكور ، والإناث وذكر في بعض النسخ قول أبي حنيفة مع أبي يوسف وهو الأصح وعند أبي حنيفة : يدخل الإناث محمد أن الإناث متى اختلطت بالذكور يتبعن الذكور ويغلب الذكور على الإناث فإنه يقال بنو لمحمد آدم وبنو هاشم وبنو تميم فإنه يتناول الذكور ، والإناث ولهذا لو فلان دخل الإخوة ، والأخوات تحت الوصية لما ذكرنا من الآية لهما أن حقيقة هذا اللفظ يطلق على الذكور خاصة وإنما يطلق على الذكور ، والإناث حالة الاختلاط مجازا ، والعمل بالحقيقة واجب ما أمكن مع أن في استعمال هذا المجاز اشتراكا ; لأن فلانا إذا كان أبا أو جدا . أوصى لإخوة
فكما يذكر اسم الأب ويراد به الذكور ، والإناث يذكر ويراد به الذكور خاصة دون الإناث ; لأنه قد تخلو أولاده عن الإناث وإطلاق هذا الاسم على الذكور خاصة حقيقة مستعملة وعلى الإناث خاصة مجاز غير مستعمل فحالة الاختلاط وقع الشك في دخول الإناث تحت الوصية فلا يدخل بالشك بخلاف ما لو لبني تميم ; لأن المقصود ليس هو الأعيان ، والأشخاص وإنما المقصود مجرد الأسباب ، والوصية للإخوة على هذا الخلاف تكون وصية للإخوة دون الأخوات عندهما ; لأن اسم الإخوة لا يتناول الأخوات بحقيقته بل بمجازه ولهذا قال الله تعالى : { أوصى وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين } فقد فسر الإخوة بالرجال ، والنساء ولو تناول اسم الإخوة الأخوات لم يحتج إلى هذا التفصيل ولو وجد في الوصية مثل هذا التفسير بأن قال بإخوة فلان رجالا ونساء دخلت الأخوات فيها وليس لولد الولد شيء وإن كانوا مع ولد الصلب وإن لم يكن لفلان ولد صلب فالوصية لابن ابنه دون بنات ابنه ; لأن ولد الابن يسمى ولدا إلا أنه ناقص في الإضافة ، والانتساب إليه ; لأنه يضاف إليه بواسطة ، والناقص لا يدخل تحت مطلق اسم المضاف كأولاد البنات فعند الإطلاق يحمل على ولد الصلب ; لأنه أحق بهذا الاسم فإن تعذر حمله على الحقيقة حمل على المجاز تجريا للجواز ولأن ابن الابن قائم مقام ابن الصلب حال عدم الصلب في الميراث حجبا واستحقاقا وسقط اعتبار نقصان الإضافة إليه شرعا .
فكذلك الوصية ; لأنها أخت الميراث ولو أوصى لبني فلان بالثلث ولم يكن لفلان بنون يوم الوصية فهو لبنيه الذين حدثوا قبل موت الموصي ; لأن الوصية تمليك من الموصي للموصى له بعد الموت فيعتبر وجود الموصى له وقت موت الموصي ولهذا صحت الوصية بثلث ماله وإن لم يكن له مال عند [ ص: 512 ] الوصية وإن كان لفلان بنون أربعة وولد له آخران ثم مات الموصي فالثلث للباقين وللمولودين سواء ; لأنه متى أضاف الوصية إلى بني فلان مطلقا ولم يسم تقع الوصية لبنيه الموجودين وقت الموت لا لبنيه الموجودين وقت الوصية ; لأن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت فيعتبر الملك وقت الموت .