الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وبيع التركة كقبوله ) شرع المؤلف يبين أن القبول تارة يكون باللفظ وتارة يكون بالفعل [ ص: 523 ] فالقبول بالفعل بأن يبيع الوصي التركة قبل القبول باللفظ فهو قبول دلالة الالتزام وهو معتبر بالموت وينفذ البيع لصدوره من الموصي سواء علم بالإيصاء أو لم يعلم بخلاف الوكيل حيث لا يكون وكيلا من غير علم ; لأن التوكيل إنابة في حال قيام ولاية الموكل .

                                                                                        ولا يصح من غير علم كإثبات الملك في البيع ، والشراء فلا بد من العلم وطريق العلم به أن يخبره واحد من أهل التمييز ، وقد تقدم بيانه أما الإيصاء فخلافه ; لأنه مختص بحال انقطاع ولاية الميت فلا يتوقف على العلم كالوراثة قال رحمه الله ( وإن مات الموصي فقال لا أقبل ثم قبل صح إن لم يخرجه قاض منذ قال لا أقبل ) أي الموصي إليه إن لم يقبل حتى مات الموصي فقال لا أقبل ثم قال أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال لا أقبل ; لأن مجرد قوله لا أقبل لا يبطل الإيصاء ; لأن فيه ضررا بالميت وضرر الموصى له في الإبقاء مجبور بالثواب ودفع الضرر الأول أولى إلا أن القاضي إذا أخرجه عن الوصية يصح ذلك ; لأنه مجتهد فيه فكان له إخراجه بعد قوله لا أقبل كما أن له إخراجه بعد قبوله أولا ; لأنه نصب ناظرا فإذا رأى غيره أصلح منه كان له عزله ونصب غيره وربما يعجز هو عن ذلك فيتضرر بالوصية فيدفع القاضي الضرر وينصب حافظا لمال الميت متصرفا فيه فيدفع الضرر من الجانبين ، ولو قال : أقبل بعدما أخرجه القاضي لا يلتفت إليه ; لأنه قبل بعدما بطلت الوصية بإخراج القاضي إياه قال في العناية وطولب بالفرق بين الموصى له ، والموصي إليه .

                                                                                        فإن قبول الأول في الحال غير معتبر حتى لو قبل حال حياة الموصي ثم رده بعد وفاته كان صحيحا بخلاف الثاني فإنه إذا قبله في حال الحياة ثم رده بعد الموت لا يصح ، وفي أن قبوله حال حياته معتبر وقبول الأول في حال الحياة غير معتبر وأجيب بأن الإيصاء يقع للميت فكان ردها بغير علمه إضرارا به فلا يجوز بخلاف الأول وقوله بخلاف الوكيل بشراء عبده بغير عينه أو يبيع ماله حيث يصح رده في غيبته وبغير علمه ; لأنه لا ضرر قال صاحب النهاية : هذا الذي ذكره مخالف لعامة روايات الكتب من الذخيرة وأدب القاضي للصدر الشهيد ، والجامع الصغير للمحبوبي ، وفي كل واحد منهما ما يدل على أن الوكيل إذا عزل نفسه من غير علم الموكل لم يخرج عن الوكالة حال غيبة الموكل وقول المؤلف إن لم يخرجه قاض إلى آخره اختلف المشايخ في هذا الإخراج قال في العناية : فمنهم من قال حكم في فصل مجتهد فيه فينفذ وإليه ذهب الإمام السرخسي واختاره المصنف ومنهم من قال : إنما صح ; لأنها لو صحت بقبوله كان للقاضي أن يخرجه ويصح الإخراج فهذا أولى وإليه ذهب الحلواني .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية