الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وتصح قسمته عن الورثة مع الموصى له ولو عكس لا ) يعني قسمة الوصي مع الموصى له عن الورثة جائزة وعكسه لا يجوز وهو ما إذا قاسم الوصي الورثة عن الموصى له ; لأن الوارث خليفة الميت حتى يرد بالعيب ويرد عليه ويصير مغرورا بشراء الميت شيئا غر فيه الميت .

                                                                                        والوصي أيضا خليفة الميت حتى يرد بالعيب حتى يكون خصما عن الوارث إذا كان غائبا فتنفذ قسمته عليه حتى لو حضر الغائب وقد هلك ما في يد الوصي ليس له أن يشارك الموصى له أما الموصى له فليس بخليفة عنه من كل وجه ; لأنه ملكه بسبب جديد ، ولهذا لا يرد بالعيب ولا يرد عليه ولا يصير مغرورا بشراء الميت فلا يكون خصما عند غيبته حتى لو هلك ما قرر عليه عند الموصي كان له ثلث ما بقي ; لأن القسمة لم تنفذ عليه غير أن الوصي لا يضمن ; لأنه أمين فيه وله ولاية الحفظ في التركة كما إذا هلك بعض التركة قبل القسمة فيكون له ثلث الباقي ; لأن الموصى له شريك الورثة فيتوى ما توى من المال المشترك على الشركة ويبقى ما بقي من على الشركة وله البيع في مال الصغار ، والقسمة في معنى البيع وله ولاية الحفظ في مال الكبار فجاز له بيعه للحفظ إلا العقار فإنه محفوظ بنفسه فلا يجوز له بيعه وقسمته على الورثة الكبار حال غيبتهم في معنى البيع فلا يضمن إذا هلك في يده ، وفي المبسوط وقسمة الوصي إما أن تكون مع الموصى له أو فيما بين الورثة أما قسمته مع الموصى له جائزة مع الصغار ، وفي المنقول وقبض نصيبهم وأما في العقار لا تجوز على الكبير ; لأن القسمة بيع معنى وله ولاية بيع المنقول على الكبار دون بيع العقار هكذا ذكره في المبسوط .

                                                                                        وذكر في اختلاف زفر ويعقوب أن القسمة في العقار لا تجوز عند أبي حنيفة وزفر وعند أبي يوسف ومحمد تجوز قسمة الوصي على الموصى له الغائب مع الورثة وذكر في اختلاف زفر ويعقوب أن عند أبي يوسف تجوز ; لأن الميت أقام الوصي مقام نفسه وأثبت الولاية له فيما يحتاج إليه عند عجزه بنفسه وهو يحتاج في تنفيذ وصاياه إلى إيصال التركة إلى الورثة ; لأنه يثاب بوصول التركة إلى الورثة كما يثاب بوصول الوصية إلى الموصى له فيجب أن يملك ذلك نظرا للموصى وعلى قياس قوله يجب أن يملك القسمة على الكبار الحضور وقضاء الدين من الحاجة الفاضلة فيمكن تأخيرها إذا امتنعوا عن القسمة حتى يحضر الغائب بخلاف الحاجة الضرورية لا يمكن تأخيرها ; لأن في التأخير توهم الضياع ، وفي الضياع ضرر على الميت فلا يجوز تأخيرها ، وفي تأخير الحاجة الفاضلة وإن كانت توهم الضياع ، وفي الضياع ضرر على الميت إلا أنه لا ضرر فيه على الميت فيجوز تأخيرها ، وفي كل موضع لا تحل القسمة إذا ضاع أحد النصيبين يضيع على الشركة وما يبقى يبقى على الشركة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية