الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( ولو دفع الأراضي المملوكة إلى قوم ليعطوا الخراج جاز ) معناه أن أصحاب الأراضي إذا عجزوا عن زراعة الأرض وأداء الخراج دفع الإمام الأراضي إلى غيرهم بالأجرة ، أي يؤاجر الأراضي للقادرين على الزراعة ويأخذ الخراج من أجرتها فإن فضل شيء من أجرتها يدفع إلى أربابها وهم الملاك ; لأنه لا وجه لإزالة ملكهم بغير رضاهم من غير ضرورة ولا وجه إلى تعطيل حق المقاتلة فتعين ما ذكرنا فإن لم يجد من يستأجرها باعها الإمام لمن يقدر على الزراعة لأنه إذا لم يبعها يفوت حق المقاتلة في الخراج أصلا ، ولو باع يفوت حق المالك في العين والفوات إلى خلف كلا فوات فيبيع تخفيفا للنظر من الجانبين وليس له أن يملكها غيرهم بغير عوض وإذا باعها يأخذ الخراج الماضي من الثمن إذا كان عليهم خراج ورد الفضل إلى أصحابها ثم قيل هذا قول أبي يوسف ومحمد ; لأن عندهما القاضي يملك بيع مال المديون بالدين والنفقة [ ص: 547 ] وعند أبي حنيفة لا يملك ذلك فلا يبيعها لكن يأمر صاحبها ببيعها وقيل هذا قول الكل والفرق لأبي حنيفة بين هذا وبين غيره من الديون أن في هذا إضرارا خاصا ونفعا عاما والنفع العام مقدم على الضرر الخاص ولأن الخراج متعلق برقبة الأرض فصار كدين العبد المأذون له في التجارة ودين الميت في التركة فإن القاضي يملك البيع فيهما لتعلق الحق بالرقبة فكذا هذا وذكر في النوادر عن أبي حنيفة أن أهل الخراج إذا هربوا إن شاء الإمام عمرها من بيت المال والغلة للمسلمين وإن شاء دفع إلى قوم وأطعمهم على شيء إذ كأنه ما يأخذ للمسلمين ; لأن فيه حفظ الخراج على المسلمين والملك على أربابها فإذا عمدها من بيت المال يكون بقدر ما ينفق في عمارتها قرضا ; لأن الإمام مأمور بتهيئة بيت المال بأي وجه يتهيأ له .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية