الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وحجبن ببنتين ) أي يحجب بنات الابن ببنتين صلبيتين ; لأن إرثهن كان تكملة للثلثين ، وقد كمل بثلثين فسقطن إذ لا طريق لتوريثهن فرضا وتعصيبا قال رحمه الله ( إلا أن يكون معهن أو أسفل منهن ذكر فيعصب من كانت بحذائه ومن كانت فوقه ممن لم تكن ذات سهم ويسقط من دونه ) أراد بقوله معهن أن يكون الغلام في درجتهن سواء كان أخا لهن أو لم يكن وهذا مذهب علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما وبه أخذ عامة العلماء وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ليسقطن بنات الابن ببنتي الصلب ، وإن كان معهن غلام ولا يقاسمهن ، وإن كانت البنت الصلبية واحدة وكان معهن غلام كان لبنات الابن أسوأ الحالين بين السدس والمقاسمة فأيهما أقل أعطين وتسمى هذه المسائل الإضرار على قول ابن مسعود وحجته في ذلك أن بنات الابن بنات وفي ميراثهن أحد أمرين إما الفرض أو المقاسمة وفرضهن الثلثان والمقاسمة ظاهرة وليس لهن أن يجمعن فإذا استكملت البنات الثلثين فلو قاسمن لزم الجمع بينهما فلا يجوز وإذا كانت الصلبية واحدة أخذت النصف وبقي من فرض البنات السدس فيأخذونه إن كن منفردات ، وإن كن مختلطات مع الذكور كان لهن أقل الأمرين من السدس والمقاسمة للتيقن به ولئلا تأخذ البنات أكثر من الثلثين ولا ميراث لهن مع الصلبيتين عند الانفراد .

                                                                                        فكذا عند الاجتماع كالعمة مع العم وابن الأخ مع أخته وللجمهور قوله تعالى { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } وأولاد الابن أولاد على ما بينا من قبل فتشملهن الآية ، وقضية هذا أن يكون المال مقسوما بين الكل إلا إن علمنا في حق أولاد الابن بأول الآية وفي حق الصلبيتين أو الصلبية الواحدة بما بعدها وليس فيه جمع بين الحقيقة والمجاز ولا شبهة وإنما هو عمل بمقتضى كل لفظ على حدة ومن حيث المعنى أن البنات الصلبيات ذوات فرض وبنات الابن في هذه الحالة عصبات مع أخيهن وصاحب الفرض إذا أخذ فرضه خرج من البين فكأنه لم يكن فصار الباقي من الفرض لجميع المال في حق العصبة فتشاركه ولا يخرجن من العصوبة كما لو انفرد ، ألا ترى أن صاحب الفرض لو كان غير البنات كالأبوين وأحد الزوجين كان كذلك فكذا مع البنات بخلاف العمة مع العم وبنات الأخ مع أخيها ; لأنهن يصرن عصبة معهما مطلقا سواء كان معهن صاحب فرض أو لم يكن فلا يلزم من انتفاء العصوبة في محل لا يقبلها انتفاؤها في محل يقبلها وأخذهن زيادة على الثلثين ليس بمحظور ، ألا ترى أنهن يأخذن بالمقاسمة عند كثرتهن بأن ترك أربعين بنتا ، ثم الأصل في بنات الابن عند عدم بنات الصلب أن [ ص: 565 ] أقربهن إلى الميت ينزل منزلة البنت الصلبية والتي تليها في القرب منزلة بنات الابن وهكذا يفعل ، وإن سفلن .

                                                                                        مثاله : ترك ثلاث بنات : ابن بعضهن أسفل من بعض بهذه الصورة : فالعليا من الفريق الأول لا يوازيها أحد فيكون لها النصف والوسطى من الفريق الأول يوازيها من العليا من الفريق الثاني فيكون لها السدس تكملة للثلثين .

                                                                                        ولا شيء للسفليات إلا أن يكون مع واحدة منهن غلام فيعصبها ومن بحذاها ومن فوقها ممن لم تكن صاحبة فرض حتى لو كان الغلام مع السفلي في الفريق الأول عصبها وعصب الوسطى من الفريق الثاني والعليا من الفريق الثالث وسقطت السفليات ، ولو كان الغلام من السفليات من الفريق الثاني عصبها وعصب الوسطى منه ، والوسطى والعليا من الفريق الثالث عصب الجميع غير أصحاب الفرائض والمعنى ما ذكرنا أن العليا تنزل منزلة البنت ، والباقي منازل بنات الابن ، ولو كان الابن مع العليا من الفريق الأول عصب أخته وسقطت البواقي كما ذكرنا في الأولاد وهذا النوع منه من مسائل تسمى في عرف الفرضيين تشبيب بنات الابن إذ ذكرن مع اختلاف الدرجات وهو إما مشتق من قولهم تشبب فلان بفلانة إذا أكثر من ذكرها في شعره وتشبب القصيدة يحسنها ويرتبها بذكر البناء أو من شبب النار إذا أوقدها ، فالفرس تشب شيئا إذا رفع يديه جميعا وأشببه أنا إذا نصحته بذلك ; لأنه خروج وإيقاع يقال : أشب النار من درجة إلى أخرى كحال الفرس في تراويه أي وشبابته فصار لبنات الابن أحوال ست الثلاثة المذكورة في البنات والسدس مع الصلبية والسقوط بالابن وبالصلبيتين إلا أن يكون معهم غلام .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية