( قوله ) أي يفسدانها لأن كل واحد منهما عمل كثير وليس من أعمال الصلاة ولا ضرورة إليه وعلل والأكل والشرب قاضي خان وجه كونه كثيرا بقوله لأنه عمل اليد والفم واللسان قال العلامة الحلبي وهو مشكل بالنسبة إلى ما لو أو أخذ من خارج سمسمة فابتلعها فإنهم نصوا [ ص: 12 ] على فساد الصلاة في كل من هذه الصور مطلقا ا هـ . وقع في فيه قطرة مطر فابتلعها
أطلقه فشمل العمد والنسيان لأن حالة الصلاة مذكرة فلا يعفى النسيان بخلاف الصوم فإنه لا مذكر فيه وشمل القليل والكثير ولهذا فسره في الحاوي بقدر ما يصل إلى الحلق وقيده الشارح بما يفسد الصوم وما لا يفسد الصوم لا يبطل الصلاة ا هـ .
وهو ممنوع كليا فإنه لو لا تفسد صلاته وفي الصوم يفسد وفرق بينهما ابتلع شيئا بين أسنانه وكان قدر الحمصة الولوالجي وصاحب المحيط بأن فساد الصلاة معلق بعمل كثير ولم يوجد بخلاف فساد الصوم فإنه معلق بوصول المغذي إلى جوفه لكن في البدائع والخلاصة أنه لا فرق بين فساد الصلاة والصوم في قدر الحمصة وفي الظهيرية لو لم تفسد صلاته إذا لم يكن ملء الفم ا هـ . ابتلع دما خرج من بين أسنانه
وقالوا في باب الصوم لو إن كان الغلبة للدم أو كانا سواء فطره لأن له حكم الخارج وإن كانت الغلبة للبزاق لا يضره كما في الوضوء فقد فرقوا بين الصلاة والصوم وفي الظهيرية لو خرج من بين أسنانه دم ودخل حلقه وهو صائم لم تفسد صلاته وإن أعاده إلى جوفه وهو قادر على أن يمجه يجب أن يكون على قياس الصوم عند قاء أقل من ملء الفم فعاد إلى جوفه وهو لا يملك إمساكه لا تفسد وعند أبي يوسف تفسد وإن محمد إن كان أقل من ملء الفم لا تفسد وإن كان ملء الفم تفسد صلاته ا هـ . تقيأ في صلاته
وفي المحيط وغيره ولو فسدت وكذا لو مضغ العلك كثيرا فإن دخل في حلقه منها شيء يسير من غير أن يلوكها لا تفسد وإن كثر ذلك فسدت وفي الخلاصة ولو كان في فمه إهليلجة فلاكها لا تفسد صلاته ولو أكل شيئا من الحلاوة وابتلع عينها فدخل في الصلاة فوجد حلاوتها في فيه وابتلعها تفسد صلاته ا هـ . وأشار بالأكل والشرب إلى أن كل عمل كثير فهو مفسد دخل الفانيد أو السكر في فيه ولم يمضغه لكن يصلي والحلاوة تصل إلى جوفه
واتفقوا على أن الكثير مفسد والقليل لا لإمكان الاحتراز عن الكثير دون القليل فإن في الحي حركات من الطبع وليست من الصلاة فلو اعتبر العمل مفسدا مطلقا لزم الحرج في إقامة صحتها وهو مدفوع بالنص ثم على أقوال أحدها ما اختاره العامة كما في الخلاصة والخانية أن كل عمل لا يشك الناظر أنه ليس في الصلاة فهو كثير وكل عمل يشتبه على الناظر أن عامله في الصلاة فهو قليل قال في البدائع وهذا أصح وتابعه الشارح اختلفوا فيما يعين الكثرة والقلة والولوالجي وقال في المحيط إنه الأحسن وقال الصدر الشهيد إنه الصواب وذكر العلامة الحلبي أن الظاهر أن مرادهم بالناظر من ليس عنده علم بشروع المصلي في الصلاة فحينئذ إذا رآه على هذا العمل وتيقن أنه ليس في الصلاة فهو عمل كثير وإن شك فهو قليل ثانيها إن ما يقام باليدين عادة كثير وإن فعله بيد واحدة كالتعمم ولبس القميص وشد السراويل والرمي عن القوس وما يقام بيد واحدة قليل ولو فعله باليدين كنزع القميص وحل السراويل ولبس القلنسوة ونزعها ونزع اللجام وما أشبه ذلك كذا ذكره الشارح ولم يقيد في الخلاصة والخانية ما يقام باليدين بالعرف
وقيد في الخانية ما يقام بيد واحدة بما إذا لم يتكرر والمراد بالتكرر ثلاث متواليات لما في الخلاصة وإن تفسد صلاته هذا إذا رفع يده في كل مرة أما إذا لم يرفع في كل مرة فلا تفسد لأنه حك واحد ا هـ . حك ثلاثا في ركن واحد
وهو تقييد غريب وتفصيل عجيب ينبغي حفظه لكن في الظهيرية معزيا إلى الصدر الشهيد حسام الدين لو حك موضعا من جسده ثلاث مرات بدفعة واحدة تفسد صلاته ا هـ .
ولم أر من صحح القول الثاني في تحديد العمل وقد يقال إنه غير صحيح فإنه لو فسدت صلاته كذا ذكره مضغ العلك في صلاته كما في البدائع لأن الناظر إليه من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة وليس فيه استعمال اليد رأسا فضلا عن استعمال اليدين وكذا الأكل والشرب يعمل بيد [ ص: 13 ] واحدة وهو مبطل اتفاقا وكذا قولهم لو محمد سواء كان شعر رأسه أو لحيته تفسد صلاته لا يتخرج على أن العمل الكثير ما يقام باليدين لأن دهن الرأس وتسريح الشعر عادة يكون بيد واحدة إلا أن يريد بالدهن تناوله القارورة وصب الدهن منها بيده الأخرى وهو كذلك فإن في المحيط قال ولو دهن رأسه أو سرح شعره لا تفسد وتعليل صب الدهن على رأسه بيد واحدة الولوالجي بأن تسريح الشعر يفعل باليدين ممنوع وأما قولهم ولو تفسد فهو على سائر التفاسير لكن ما في الخلاصة والخانية المرأة إذا أرضعت ولدها تفسد صلاتها لأنها صارت مرضعة فشمل ما إذا حمل إليها فدفعت إليه الثدي فرضعها وأما إذا حملت صبيا فأرضعته ارتضع من ثديها وهي كارهة
ففي الظهيرية والخلاصة والخانية إن مص ثلاثا فسدت وإن لم ينزل اللبن فإن كان مصة أو مصتين فإن نزل لبن فسدت وإلا فلا وفي المنية والمحيط إن خرج اللبن فسدت وإلا فلا من غير تقييد بعدد وصححه في معراج الدراية وأما قولهم لو تفسد كما في المحيط والخلاصة و الظهيرية والمنية فلا يتفرع على ما يقام باليدين بل على الصحيح لكن في الظهيرية لو ضرب إنسانا بيد واحدة أو بسوط لا تفسد وإن ضربها ثلاثا في ركعة واحدة تفسد قال رضي الله عنه وعندي إذا ضرب مرة واحدة وسكن ثم ضرب مرة أخرى وسكن ثم ضرب مرة أخرى لا تفسد صلاته كما قلنا في المشي ا هـ . ضرب دابته مرة أو مرتين
وهذا يصلح أن يتفرع على القولين وأما اعتبارهم المرات الثلاث في الحك كما قدمناه عن الخلاصة فالظاهر تفريعه على قول من فسر العمل الكثير بما تكرر ثلاثا وهو القول الثالث لا على القولين الأولين وأما قولهم لو إن قتل قتلا متداركا تفسد وإن كان بين القتلات فرجة لا تفسد فيصلح تفريعه على الأقوال كلها وأما قولهم لو قتل القملة مرارا فسدت ينبغي تفريعه على القول الأصح وكذا على قول من فسر العمل الكثير بما يستفحشه المصلي وأما على اعتبار ما يفعل باليدين أو بما تكرر ثلاثا فلا وهو مما يضعفهما كما لا يخفى وكذا لو قبل المصلي امرأته بشهوة أو بغير شهوة أو مسها بشهوة بخلاف جامعها فيما دون الفرج من غير إنزال فإنه لا يفسد على المختار كما في الخلاصة وأما قولهم كما في الخانية والخلاصة لو النظر إلى فرجها بشهوة فسدت بشهوة أو بغير شهوة ولو كانت المرأة هي المصلية دونه فقبلها فصلاته تامة فمشكل إذ ليس من المصلي فعل في الصورتين فمقتضاه عدم الفساد فيهما فإن جعلنا تمكينه من الفعل بمنزلة فعله اقتضى الفساد فيهما وهو الظاهر على اعتبار أن العمل الكثير ما لو نظر إليه الناظر لتيقن أنه ليس في الصلاة أو ما استفحشه المصلي لكن في شرح كان هو المصلي فقبلته ولم يشتهها الزاهدي
ولو لا تفسد صلاتها وقال قبل المصلية أبو جعفر إن كان بشهوة فسدت ا هـ .
وهو مخالف لما في الخلاصة والخانية مساو لتقبيله وتقبيلها وفي منية المصلي لا يفسد إذا لم يكن متلاحقا ولم يخرج من المسجد وفي الفضاء ما لم يخرج عن الصفوف هذا كله المشي في الصلاة إذا كان مستقبل القبلة
[ ص: 14 ] إذا لم يستدبر القبلة وأما إذا استدبرها فسدت وفي الظهيرية المختار في المشي أنه إذا أكثر أفسدها وأما قولهم كما في منية المصلي لو تفسد ولو كان أخذ حجرا فرمى به لا تفسد وقد أساء فظاهره التفريع على الصحيح لا على تفسيره بما يقام باليدين وأما قولهم كما في الخلاصة وغيرها لو معه حجر فرمى تفسد وإن كان أقل لا فالظاهر تفريعه على أن الكثير ما يستكثره المبتلى به أو أنه ما تكرر ثلاثا متواليات وأما على الصحيح فالظاهر أن الفساد لا يتوقف على كتابة ثلاث كلمات بل يحصل الفساد بكتابة كلمة واحدة مستبينة على الأرض ونحوها وقد يشهد بذلك إطلاق ما في المحيط قال كتب قدر ثلاث كلمات لو محمد فسدت وإن كتب في صلاته على شيء لا تفسد لأنه لا يسمى كتابة وأما قولهم كما في الذخيرة لو كتب على شيء لا يرى لا تفسد وإن حرك رجلا لا على الدوام تفسد فمشكل لأن الظاهر أن حرك رجليه لا يبطلها حتى يلحق بهما تحريك الرجلين تحريك اليدين في الصلاة
والأوجه قول بعضهم إنه إن لا تفسد وإن كان كثيرا فسدت كما في الذخيرة أيضا ولعله مفوض إلى ما يعده العرف قليلا أو كثيرا وفي الظهيرية إذا حرك رجليه قليلا فسدت صلاتها ولو أغلق الباب لا تفسد وإن تخمرت المرأة تفسد وإن نزع القميص لا تفسد ولو لبس تفسد ولو فتح الباب المغلق تفسد ولو فتح لا تفسد ومن شد السراويل إن كان موضع قبضه نجسا لم يجز وإن كان النجس موضعا آخر جاز وإن كان يتحرك بتحركه هو المختار وإن جذبته الدابة حتى أزالته عن موضع سجوده تفسد ولو أخذ عنان دابته أو مقودها وهو نجس لا تفسد وقيل في الثلاث كذلك والأول أصح ولو آذاه حر الشمس فتحول إلى الظل خطوة أو خطوتين لا تفسد ولو وضعه على الدابة تفسد ولو رفع رجل المصلي عن مكانه ثم وضعه من غير أن يحوله عن القبلة فسدت لا إن حله وإن زر قميصا أو قباء فسدت لا إن خلعه ولو لبس خفيه فسدت لا إن تنعل أو خلع نعليه كما لو ألجم دابة تقلد سيفا أو نزعه أو ووضع الفتيلة في مسرجة أو تروح بمروحة أو بكمه أو سوى من عمامته كورا أو كورين أو لبس قلنسوة أو بيضة
والحاصل أن فروعهم في هذا الباب قد اختلفت ولم تتفرع كلها على قول واحد بل بعضها على قول وبعضها على غيره كما يظهر للمتأمل والظاهر أن أكثرها تفريعات المشايخ لم تكن منقولة عن ولهذا جعل الاختلاف في حد العمل الكثير والقليل في التجنيس إنما هو بين المشايخ وقد ذكرنا من الأقوال أربعة وذكروا قولا خامسا وهو أن العمل الكثير ما يكون مقصودا للفاعل بأن أفرد له مجلسا على حدة ولقد صدق من قال كثرة المقالات تؤذن بكثرة الجهالات ولقد صدق صاحب الفتاوى الظهيرية حيث قال في الفصل الثالث في قراءة القرآن إن كل ما لم يرو عن الإمام الأعظم فيه قول بقي كذلك مضطربا إلى يوم القيامة كما حكي عن أبي حنيفة أنه كان يضطرب في بعض المسائل وكان يقول كل مسألة ليس لشيخنا فيها قول فنحن فيها هكذا ا هـ . أبي يوسف
وإلى هنا تبين أن كلام الناس مطلقا والعمل الكثير ومن المفسد الموت والارتداد بالقلب والجنون والإغماء وكل حدث عمد وما أوجب الغسل كالاحتلام والحيض [ ص: 15 ] ومحاذاة المرأة بشروطه وترك ركن من غير قضاء أو شرط لغير عذر وأما المفسد للصلاة فداخل تحت العمل الكثير استخلاف القارئ للأمي والفتح على غير إمامه
وأما وقدرة المومئ على الركوع والسجود ترك القعدة الأخيرة مع التقييد بالسجدة وتذكر صاحب الترتيب الفائتة فيها وطلوع الشمس في الفجر ونظائرها فمما يفسد وصف الفرضية لا أصل الصلاة وأما فسادها ودخول وقت العصر في الجمعة ومع أداء ركن إن لم يتعمد علم أو لم يعلم ومع المكث قدره إن لم يؤد عند بتقدم الإمام أمام المصلي أو طرحه في صف النساء أو في مكان نجس أو سقوط الثوب عن عورته مع التعمد مطلقا أبي حنيفة كما في الظهيرية فراجع إلى فوت الشرط كما لا يخفى ومحمد
[ ص: 12 ]