( قوله لا ) أي لا يكره قتلهما لحديث الصحيحين { قتل الحية والعقرب } وفي صحيح اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب مرفوعا { مسلم } وأقل مراتب الأمر الإباحة وفي شرح منية المصلي ويستحب أمر عليه الصلاة والسلام بقتل الكلب العقور والحية والعقرب في الصلاة إن أمكن لحديث قتل العقرب بالنعل اليسرى أبي داود كذلك ولا بأس بقياس الحية على العقرب في هذا ا هـ .
أطلقه فشمل جميع أنواع الحيات وصححه في الهداية لإطلاق الحديث وجميع المواضع وفي المحيط قالوا وينبغي أن لا تقتل لأنها جان لقوله عليه السلام { الحية البيضاء التي تمشي مستوية } وقال اقتلوا ذا الطفيتين والأبتر وإياكم والحية البيضاء فإنها من الجن لا بأس بقتل الكل لأن النبي صلى الله عليه وسلم عهده مع الجن أن لا يدخلوا بيوت أمته وإذا دخلوا لم يظهروا لهم فإذا دخلوا فقد نقضوا العهد فلا ذمة لهم والأولى هو الإعذار والإنذار فيقال ارجع بإذن الله فإن أبي قتله ا هـ . الطحاوي
يعني : الإنذار في غير الصلاة وفي النهاية معزيا إلى صدر الإسلام والصحيح من الجواب أن يحتاط في قتل الحيات حتى لا يقتل جنيا فإنهم يؤذونه إيذاء كثيرا بل إذا رأى حية وشك أنه جني يقول له خل طريق المسلمين ومر فإن مرت تركه فإن واحدا من إخواني هو أكبر سنا مني قتل حية كبيرة بسيف في دار لنا فضربه الجن حتى جعلوه زمنا كان لا يتحرك رجلاه قريبا من الشهر ثم عالجناه وداويناه بإرضاء الجن حتى تركوه فزال ما به وهذا مما عاينته بعيني ا هـ .
وأطلق في القتل فشمل ما إذا كان بعمل كثير [ ص: 33 ] قال السرخسي وهو الأظهر لأن هذا عمل رخص فيه للمصلي فهو كالمشي بعد الحدث والاستقاء من البئر والتوضؤ ا هـ .
وتعقبه في النهاية بأنه مخالف لما عليه عامة رواية شروح الجامع الصغير ورواية مبسوط شيخ الإسلام فإنهم لم يبيحوا العمل الكثير في قتلها ا هـ .
وتعقبه أيضا في فتح القدير بأنه يقتضي أن الاستقاء غير مفسد في سبق الحدث وقد تقدم خلافه وبحثه بأنه لا يفسد للرخصة بالنص يستلزم مثله في علاج المار إذا كثر فإنه أيضا مأمور به بالنص كما قدمناه لكنه مفسد عندهما فما هو جوابه عن علاج المار هو جوابنا في قتل الحية ثم الحق فيما يظهر الفساد وقولهم الأمر بالقتال لا يستلزم بقاء الصحة على نهج ما قالوه من الفساد في صلاة الخوف إذا قاتلوا في الصلاة بل أثره في رفع الإثم بمباشرة المفسد في الصلاة بعد أن كان حراما صحيح ا هـ .
وفي النهاية معزيا إلى الجامع الصغير البرهاني إنما يباح قتلها في الصلاة إذا مرت بين يديه وخاف أن تؤذيه وإلا فيكره ، وقيد بالحية والعقرب لأن في اختلافا قال في الظهيرية فإن أخذ قملة في الصلاة كره له أن يقتلها لكن يدفنها تحت الحصى وهو قول قتل القملة والبرغوث وروي عنه إذا أخذ قملة أو برغوثا فقتله أو دفنه فقد أساء وعن أبي حنيفة أنه يقتلها وقتلها أحب إلي من دفنها وأي ذلك فعل فلا بأس به وقال محمد يكره كلاهما في الصلاة ا هـ . أبو يوسف
وذكر في شرح منية المصلي أن دفنهما مكروه في المسجد في غير الصلاة وأن الحاصل أنه يكره التعرض لكل منهما بالأخذ فضلا عن القتل أو الدفن عند عدم تعرضهما له بالأذى ، وأما عند تعرضهما له بالأذى فإن كان خارج المسجد فلا بأس حينئذ بالأخذ والقتل أو الدفن بعد أن لا يكون ذلك بعمل كثير فإنه كما روي عن من دفنها روي عن ابن مسعود أنهم كانوا يقتلون القمل والبراغيث في الصلاة ولعل أنس إنما اختار الدفن على القتل لما فيه من النزاهة عن إصابة دمهما ليد القاتل أو ثوبه في هذه الحالة وإن كان ذلك معفوا عنه وأن أبا حنيفة فعل أحسن الجائزين وإن كان في المسجد فلا بأس بالقتل بالشرط المذكور ولا يطرحها في المسجد بطريق الدفن ولا غيره إلا إذا غلب على ظنه أنه يظفر بها بعد الفراغ من الصلاة وبهذا التفصيل يحصل الجمع بين ما عن ابن مسعود من أنه يدفنها في الصلاة وبين ما عنه أنه لو دفنها في المسجد فقد أساء . ا هـ . أبي حنيفة
[ ص: 33 ]