( قوله والوطء فوقه والبول والتخلي ) أي وكره لأن سطح المسجد له حكم المسجد حتى يصح الاقتداء منه بمن تحته الوطء فوق المسجد وكذا البول والتغوط ولا [ ص: 37 ] يبطل الاعتكاف بالصعود إليه والمراد بالكراهة كراهة التحريم وصرح الشارح بأن ولا يحل للجنب الوقوف عليه حرام لقوله تعالى { الوطء فيه ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } وذكر في فتح القدير أن الحق أنها كراهة تحريم لأن الآية ظنية الدلالة لأنها محتملة كون التحريم للاعتكاف أو للمسجد وبمثلها لا يثبت التحريم ولأن تطهيره واجب لقوله تعالى { أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } ولما أخرجه مرفوعا { المنذري } ا هـ . جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم وإقامة حدودكم وجمروها في الجمع واجعلوا على أبوابها المطاهر
واختلف المشايخ في كراهية وأشار إخراج الريح في المسجد المصنف إلى أنه لا يجوز إدخال النجاسة المسجد وهو مصرح به فلذا ذكر العلامة قاسم في بعض فتاويه أن قولهم إن الدهن المتنجس يجوز الاستصباح به مقيد بغير المساجد فإنه لا يجوز لما ذكرنا ولهذا قال في التجنيس وينبغي لمن أراد أن يدخل المسجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه احترازا عن تلويث المسجد وقد قيل الاستصباح به في المسجد من سوء الأدب وكان دخول المسجد متنعلا يكره خلع النعلين ويرى الصلاة معها أفضل لحديث خلع النعال وعن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان له زوجان من نعل إذا توضأ انتعل بأحدهما إلى باب المسجد ثم يخلعه وينتعل بالآخر ويدخل المسجد إلى موضع صلاته ولهذا قالوا إن علي أقرب إلى حسن الأدب ا هـ . الصلاة مع النعال والخفاف الطاهرة
وفي الخلاصة وغيرها ويكره الوضوء والمضمضة في المسجد إلا أن يكون موضع فيه اتخذ للوضوء ولا يصلى فيه زاد في التجنيس لو فإن وجد الطريق انصرف وتوضأ وإن لم يمكنه الخروج يجلس ولا يتخطى رقاب الناس فإن وجد ماء في المسجد وضع ثوبه بين يديه حتى يقع الماء عليه ويتوضأ بحيث لا ينجس المسجد ويستعمل الماء على التقدير ثم بعد خروجه من المسجد يغسل ثوبه وهذا حسن جدا ويكره سبقه الحدث وقت الخطبة يوم الجمعة لأن حكمه حكم المسجد وإن مسح الرجل من الطين والردغة بأسطوانة المسجد أو بحائط من حيطان المسجد لا بأس به لأن حكمه ليس حكم المسجد ولا له حرمة المسجد وهكذا قالوا أن الأولى أن لا يفعل وإن مسح بتراب في المسجد فإن كان مجموعا لا بأس به وإن كان التراب منبسطا يكره هو المختار وإليه ذهب مسح ببردي المسجد أو بقطعة حصير ملقاة فيه أبو القاسم الصفار لأن له حكم الأرض فكان من المسجد وإن فلا بأس به لأنه ليس لهذه الخشبة حكم المسجد فلا يكون لها حرمة المسجد وكذا إذا مسح بخشبة موضوعة في المسجد لا بأس به لأنه لا حرمة له إنما الحرمة للمسجد . ا هـ . مسح بحشيش مجتمع أو حصير مخرق
ولكون المسجد يصان عن القاذورات ولو كانت طاهرة يكره ولا يلقى لا فوق البواري ولا تحتها للحديث المعروف { البصاق فيه } ويأخذ النخامة بكمه أو بشيء من ثيابه فإن اضطر إلى ذلك كان البصاق فوق البواري خيرا من البصاق تحتها لأن البواري ليست من المسجد حقيقة ولها حكم المسجد إن المسجد لينزوي من النخامة كما ينزوي الجلد من النار
فإذا ابتلي ببليتين يختار أهونهما فإن لم يكن فيها بوار يدفنها في التراب ولا يدعها على وجه الأرض وقالوا إذا نزح الماء النجس من البئر كره له أن يبل به الطين فيطين به المسجد على قول من اعتبر نجاسة الطين وفي الظهيرية وغيرها ويكره لأنه يشبه البيعة إلا أن يكون به نفع للمسجد كأن يكون ذا نز أو أسطوانية لا تستقر فيغرس ليجذب عروق الأشجار ذلك النز فحينئذ يجوز وإلا فلا وإنما جوز مشايخنا في غرس الأشجار في المسجد المسجد الجامع ببخارى لما فيه من الحاجة قالوا لأنه يخل حرمة المسجد فإنه يدخله الجنب والحائض وإن حفر [ ص: 38 ] فهو ضامن بما حفر إلا أن ما كان قديما فيترك ولا يتخذ في المسجد بئر ماء كبئر زمزم في المسجد الحرام ، ولا بأس لأن فيه تنقية المسجد من زرقها وقالوا ولا يجوز أن تعمل فيه الصنائع لأنه مخلص لله تعالى فلا يكون محلا لغير العبادة غير أنهم قالوا في برمي عش الخفاش والحمام لا بأس به للضرورة ولا يدق الثوب عند طيه دقا عنيفا والذي يكتب إن كان بأجر يكره وإن كان بغير أجر لا يكره قال في فتح القدير هذا إذا كتب القرآن والعلم لأنه في عبادة الخياط إذا جلس فيه لمصلحته من دفع الصبيان وصيانة المسجد
أما هؤلاء المكتبون الذين يجتمع عندهم الصبيان واللغط فلا ولو لم يكن لغط لأنهم في صناعة لا عبادة إذ هم يقصدون الإجارة ليس هو لله بل للارتزاق ومعلم الصبيان القرآن كالكاتب إن كان لأجر لا وحسبة لا بأس به ا هـ .
وفي الخلاصة إن كان لغير عذر لا يجوز وبعذر يجوز ثم إذا جاز يصلي كل يوم تحية المسجد مرة ا هـ . رجل يمر في المسجد ويتخذه طريقا
وفي القنية يعتاد المرور في الجامع يأثم ويفسق ولو قيل يخرج من باب غير الذي قصده وقيل يصلي ثم يتخير في الخروج وقيل إن كان محدثا يخرج من حيث دخل إعداما لما جنى ويكره تخصيص مكان في المسجد لنفسه لأنه يخل بالخشوع دخل المسجد للمرور فلما توسطه ندم
[ ص: 37 ]