( قوله وصيرورتها ستا ) أي ويسقط لدخولها في حد الكثرة المفضية للحرج لو قلنا بوجوبه والكثرة بالدخول في حد التكرار وهو أن تكون الفوائت ستا وهو الصحيح وبه اندفع ما روي عن الترتيب بصيرورة الفوائت ست صلوات أن المعتبر دخول السادسة واندفع ما في السراج الوهاج وغاية البيان وكثير أن المعتبر دخول وقت السابعة لتصير الفوائت ستا إذ لا يتوقف صيرورتها ستا على دخول السابعة كما لو ترك صلاة يوم كامل وفجر اليوم الثاني فإن الفوائت صارت ستة بطلوع الشمس في اليوم الثاني ولم يدخل وقت السابعة وقد يقال لما كان فائدة السقوط صحة الوقتية وهي لا تكون إلا بدخول وقت السابعة اعتبر وقت السابعة وجوابه أن فائدة السقوط لم تنحصر فيما ذكر لأنه بدخول وقت السابعة لا يجب عليه الترتيب فيما بين الفوائت أيضا كما سيأتي وعبارة محمد المصنف أولى من عبارة الهداية حيث قالا إلا أن تزيد الفوائت على ست صلوات استثناء من قوله رتبها في القضاء لما يلزم من ظاهرها من كون الفوائت سبعا على ما في فتح القدير أو تسعا على ما في النهاية وإن أجاب عنه في غاية البيان بأن المراد بالفوائت الأوقات مجازا للاشتباه مع ما قدمناه من عدم اشتراط دخول وقت السابعة وصرح في المحيط بأن ظاهر الرواية أن الترتيب يسقط بصيرورة الفوائت ستا موافقا لما في المختصر وصححه في الكافي وبه اندفع ما صححه الشارح والقدوري الزيلعي من أن المعتبر في سقوط الترتيب أن تبلغ الأوقات المتخللة منذ فاتته ستة أوقات وإن أدى ما بعدها في أوقاتها ولهذا ذكر في الفتاوى الظهيرية لو تذكر فائتة بعد شهر لا تجوز الوقتية مع تذكر الفائتة إلا إذا كانت [ ص: 92 ] الفوائت ستا
وقال الصدر الشهيد حسام الدين في واقعاته أنه يجوز ا هـ .
وفي التجنيس أن الجواز مختار الطحاوي وبه نأخذ لأن المتخلل بينهما أكثر من ست صلوات ا هـ . والفقيه أبي الليث
وفي الولوالجية وهو المختار عند المشايخ وهو موافق لتصحيح الشارح وحاصله أنهم اختلفوا هل المعتبر صيرورة الفوائت ستا في نفسها ولو كانت متفرقة أو كون الأوقات المتخللة ستا وثمرته تظهر فيما ذكرنا من الفروع والظاهر اعتماد ما وافق المتون من اعتبار صيرورة الفوائت ستا حقيقة وما ذكره الشارح الزيلعي ثمرة للخلاف المذكور من أنه لو فعلى اعتبار الأوقات سقط الترتيب لأن المتخلل بين الفوائت كثيرة فيصلي ثلاثا فقط وعلى اعتبار الفوائت في نفسها لا يسقط فيصلي سبع صلوات والأول أصح ا هـ . ترك ثلاث صلوات مثلا الظهر من يوم والعصر من يوم والمغرب من يوم ولا يدري أيتها أولى
فغير صحيح لوجهين الأول أنه لا يتصور على قول كون المتخللات ست فوائت لأن مذهبه أن الوقتية المؤداة مع تذكر الفائتة تفسد فسادا موقوفا إلى أن يصلي كمال خمس وقتيات فإن لم يعد شيئا منها حتى دخل وقت السادسة صارت كلها صحيحة كما سيأتي فقوله وقيل يعتبر أن تبلغ الفوائت ستا ولو كانت متفرقة غير متصور على قوله فلا يبني عليه شيء ، الثاني أن اختلاف المشايخ في لزوم السبع أو الثلاث ليس مبنيا على ما ذكر وإنما هو مبني على أن العبرة في سقوط الترتيب لتحقيق فوت الست حقيقة أو معنى فمن أوجب السبع نظر إلى الأول لأنه لم يفته إلا ثلاث فلم يسقط الترتيب فيعيد ما صلى أولا ومن اقتصر على الثلاث نظر إلى الثاني لأن بإيجاب السبع بإيجاب الترتيب تصير الفوائت كسبع معنى فإذا كان الترتيب يسقط بست فأولى أن يسقط بسبع فالحاصل أنا لو قلنا بوجوب الترتيب للزمه قضاء سبع وهي كسبع فوائت فلذا أسقطنا الترتيب أبي حنيفة
وقول من أسقطه أوجه لأن المعنى الذي لأجله سقط الترتيب بالست وهو الدخول في حد الكثرة المقتضية للحرج موجود في إيجاب سبع بعينه واقتصر عليه في التجنيس من غير حكاية خلاف ثم ذكر بعده الخلاف وقال إن السقوط هو مختارنا وغيره لا يعتمد عليه وذكر الولوالجي أن من أوجب الترتيب فيه لا اعتماد عليه لأنه قد زاد على يوم وليلة فلا يبقى الترتيب واجبا . ا هـ .
وصححه في الحقائق معللا بأن مستقيم أما إيجاب سبع صلوات في وقت واحد لا يستقيم لتضمنه تفويت الوقتية ا هـ يعني : أنه مظنة تفويت الوقتية إعادة ثلاث صلوات في وقت الوقتية لأجل الترتيب
فالحاصل أنه لا يلزمه إلا قضاء ما تركه من غير إعادة شيء على المذهب الصحيح إذا كانت الفوائت ثلاثا أو أكثر فيلزمه قضاء ثلاث في الفرع المذكور ولو ترك مع ذلك عشاء من يوم آخر لزمه أربع ولو ترك صبحا آخر لزمه خمس ولا يعيد شيئا مما صلاه وعلى القول الضعيف ففي المسألة الأولى يصلي سبعا لأنه إما أن يصلي ظهرا بين عصرين أو عصرا بين ظهرين لاحتمال أن يكون ما صلاه أولا هو الآخر فيعيده ثم يصلي المغرب ثم يعيد ما صلاه أولا لاحتمال كون المغرب أولا وفي المسألة الثانية يقضي خمس عشرة صلاة السبعة الأولى كما ذكرنا ثم يصلي بعدها العشاء ثم يعيد السبعة الأولى لاحتمال أن تكون العشاء هي الأولى وفي المسألة الثالثة يقضي إحدى وثلاثين صلاة الخمسة عشر الأولى ثم يصلي الفجر ثم يعيد الخمسة عشر لاحتمال أن يكون الفجر هي الأولى وإنما قيدنا بكون الفائت ثلاثة فأكثر لأنه لو فعند فاتته صلاتان الظهر من يوم والعصر من يوم ولا يدري الأول يلزمه قضاء ثلاث صلوات وهو إما ظهر بين عصرين أو عصر بين ظهرين لأن المتروك أولا إن كان هو المؤدى أولا فالأخير نفل وإلا فالأول نفل [ ص: 93 ] وقالا لا يلزمه إلا صلاتان إلحاقا له بالناسي فيسقط الترتيب أبي حنيفة ألحقه بناسي التعيين وهو من وأبو حنيفة يعيد صلاة يوم وليلة بجامع تحقق طريق يخرج بها عن العهدة بيقين فيجب سلوكها وهذا الوجه يصرح بإيجاب الترتيب في القضاء عنده فيجب الطريق التي يعينها لا كما قيل أنه مستحب عندهم فلا خلاف بينهم فاته صلاة لم يدر ما هي ولم يقع تحريه على شيء
وفي فتاوى قاضي خان أن الفتوى على قولهما كأنه تخفيف على الناس لكسلهم وإلا فدليلهما لا يترجح على دليله وقد ذكر في آخر الحاوي القدسي أنه إذا اختلف وصاحباه فالأصح أن الاعتبار لقوة الدليل فالحاصل أن الأصح المفتى به أنه لا يلزمه القضاء إلا بقدر ما ترك سواء كان المتروك صلاتين أو أكثر وقد أفاد كلام أبو حنيفة المصنف أن الفوائت إذا كثرت سقط الترتيب فيما بين الفوائت نفسها كما سقط بينها وبين الوقتية وقد صرح به في الهداية وجزم به في المحيط وعلله في غاية البيان بأن الكثرة إذا كانت مسقطة للترتيب في غيرها كانت مسقطة له في نفسها بالطريق الأولى لأن العلة إذا كان لها أثر في غير محلها فلأن يكون لها أثر في محلها أولى . ا هـ .
ونص الزاهدي على أنه الأصح وبهذا اندفع ما في الظهيرية والخانية من أن الفوائت لو كثرت وأراد أن يقضيها فإنه يراعي الترتيب في القضاء وتفسير ذلك أنه إذا قضى فائتة ثم فائتة فإن كان بين الأولى والثانية فوائت ست يجوز له قضاء الثانية وإن كانت أقل من ست لا يجوز قضاء الثانية ما لم يقض ما قبلها وقيل في حتى لو قضى ثلاثين فجرا ثم قضى ثلاثين ظهرا ثم قضى ثلاثين عصرا جاز ا هـ . الفوائت إذا كثرت سقط الترتيب
وأفاد كلامه أيضا أنه لا فرق بين الفوائت القديمة والحديثة حتى لو فإن الوقتية جائزة مع تذكر الفائتة الحادثة لانضمامها إلى الفوائت القديمة وهي كثيرة فلم يجب الترتيب ولأن بالحديثة ازدادت الكثرة فيتأكد السقوط ولأنه لو اشتغل بهذه الفائتة لكان ترجيحا بلا مرجح ولو اشتغل بالكل تفوت الوقتية فتعين ما ذكرنا وقال بعضهم إن المسقط الفوائت الحديثة وأما القديمة فلا تسقط ويجعل الماضي كأن لم يكن زجرا له عن التهاون بالصلوات فلا تجوز الوقتية مع تذكرها وصححه في معراج الدراية معزيا إلى المحيط ترك صلاة شهر فسقا ثم أقبل على الصلاة ثم ترك فائتة حادثة للصدر الشهيد وفي التجنيس وعليه الفتوى وذكر في المجتبى أن الأول أصح وفي الكافي والمعراج وعليه الفتوى فقد اختلف التصحيح والفتوى كما رأيت والعمل بما وافق إطلاق المتون أولى خصوصا أن على القول الثاني يؤدي إلى التهاون لا إلى زجره عنه فإن من اعتاد تفويت الصلوات لو أفتى بعدم الجواز يفوت أخرى ثم وثم حتى تبلغ الحديثة حد الكثرة كما في الكافي .