( قوله وإن استأنف وإن كثر تحرى وإلا أخذ بالأقل ) لقوله عليه الصلاة والسلام { شك أنه كم صلى أول مرة } بحمله على ما إذا كان أول شك عرض له توفيقا بينه وبين ما في الصحيح مرفوعا إذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم عليه بحمله على ما إذا كان الشك يعرض له كثيرا وبين ما رواه إذا شك أحدكم في صلاته فليستقبل الترمذي مرفوعا { } وصححه بحمله على ما إذا لم يكن له ظن فإنه يبني على الأقل ويساعد هذا الجمع المعنى وهو أنه قادر على إسقاط ما عليه دون حرج لأن الحرج بإلزام الاستقبال إنما يلزم عند كثرة عروض الشك له وصار كما إذا إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين فليبن على واحدة وإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم يلزمه الصلاة لقدرته على حكم الظاهر وحمل عدم الفساد الذي تظافر عليه الحديثان الآخران على ما إذا كان يكثر منه للزوم الحرج بتقدير الإلزام وهو منتف شرعا بالنافي فوجب أن حكمه بالعمل بما يقع عليه التحري قيد بالشك في الصلاة لأنه لو شك أنه صلى أو لا والوقت باق ذكر شك في أركان الحج أنه يتحرى كما في الصلاة وقال عامة مشايخنا يؤدي ثانيا لأن تكرار الركن والزيادة عليه لا تفسد الحج وزيادة الركعة تفسد الصلاة فكان التحري في باب الصلاة أحوط كذا في المحيط الجصاص
وفي البدائع أنه يبني في الحج على الأقل في ظاهر الرواية وأفاد كلامه أن الشك كان قبل الفراغ منها فلو لا شيء عليه ويجعل كأنه صلى أربعا حملا لأمره على الصلاح كذا في المحيط والمراد بالفراغ منها الفراغ من أركانها سواء كان قبل السلام أو بعده كذا في الخلاصة واستثنى في فتح القدير ما إذا وقع [ ص: 118 ] الشك في التعيين ليس غير بأن شك بعد الفراغ منها أنه صلى ثلاثا أو أربعا قالوا : يسجد سجدة واحدة ثم يقعد ثم يقوم فيصلي ركعة بسجدتين ثم يقعد ثم يسجد إلى آخره ولا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن كلامنا في الشك بعد الفراغ وهذا قد تذكر ترك ركن يقينا إنما وقع الشك في تعيينه نعم يستثنى منه ما ذكره في الخلاصة من أنه لو تذكر بعد الفراغ أنه ترك فرضا وشك في تعيينه فإنه يعيد احتياطا لأن الشك في صدقه شك في الصلاة بخلاف ما إذا كان عنده أنه صلى أربعا فإنه لا يلتفت إلى قول المخبر وكذا لو وقع الاختلاف بين الإمام والقوم إن كان الإمام على يقين لا يعيد وإلا أعاد بقولهم ولو أخبره رجل عدل بعد السلام أنك صليت الظهر ثلاثا وشك في صدقه وكذبه يأخذ بقول الإمام وإن كان معه واحد فإن أعاد الإمام الصلاة وأعاد القوم معه مقتدين به صح اقتداؤهم لأنه إن كان الإمام صادقا يكون هذا اقتداء المتنفل بالمتنفل اختلف القوم قال بعضهم صلى ثلاثا وقال بعضهم صلى أربعا والإمام مع أحد الفريقين
وإن كان كاذبا يكون اقتداء المفترض بالمفترض إلى آخر ما في الخلاصة وقيد بكون الشك في العدد بتغييره بكلمة كم لأن قالوا يكون في الظهر والشك ليس بشيء ولو مصلي الظهر إذا صلى ركعة بنية الظهر ثم شك في الثانية أنه في العصر ثم شك في الثالثة أنه في التطوع ثم شك في الرابعة أنه في الظهر فإنه يتحرى فإن لم يقع تحريه على شيء يتم العصر ويسجد سجدة واحدة لاحتمال أنه تركها من العصر ثم يعيد الظهر احتياطا ثم يعيد العصر فإن لم يعد فلا شيء عليه واختلفوا في معنى قولهم أول مرة فأكثر مشايخنا كما في الخلاصة والخانية والظهيرية على أن معناه أول ما وقع له في عمره يعني لم يكن سها في صلاة قط بعد بلوغه كما ذكره الشارح وذهب تذكر مصلي العصر أنه ترك سجدة ولا يدري أنه تركها من صلاة الظهر أو من صلاة العصر الذي هو فيها الإمام السرخسي إلى أن معناه أن السهو ليس بعادة له لا أنه لم يسه قط
وقال فخر الإسلام أي في هذه الصلاة واختاره ابن الفضل كما في الظهيرية وكلاهما قريب كذا في غاية البيان وفائدة الخلاف بين العبارات أنه إذا على قول سها في صلاته أول مرة واستقبله ثم وقف سنين ثم سها شمس الأئمة يستأنف لأنه لم يكن من عادته وإنما حصل له مرة واحدة والعادة إنما هي من المعاودة وعلى العبارتين الأخريين يجتهد في ذلك كذا في السراج الوهاج وفيه نظر بل يستأنف على عبارة السرخسي وفخر الإسلام ويتحرى على قول الأكثر فقط لأنه أول سهو وقع له في تلك الصلاة فيستأنف على قول فخر الإسلام كما لا يخفى وهذا الاختلاف يفسر قولهم وإن كثر تحرى فعلى قول الأكثر المراد بالكثرة مرتان بعد بلوغه وعلى قول فخر الإسلام مرتان في صلاة واحدة وفي المجتبى وقيل مرتين في سنته ولعله على قول السرخسي
وأشار المصنف إلى أنه لو وإن كان يعرض له كثيرا لا يلتفت إليه كذا في معراج الدراية وفي المجتبى والمبتغى ومن شك في بعض وضوئه وهو أول ما عرض له غسل ذلك الموضع استقبل إن كان أول مرة وإلا فلا ا هـ . شك أنه كبر للافتتاح أو لا أو هل أحدث أو لا أو هل أصابت النجاسة ثوبه أو لا أو مسح رأسه أم لا
بخلاف ما لو فإنه لا يصير شارعا لأنه لا يثبت له شروع بعد الجعل للقنوت ولا يعلم أنه نوى ليكون للافتتاح والمراد بالاستقبال الخروج من الصلاة بعمل مناف لها والدخول في صلاة أخرى والاستقبال بالسلام قاعدا أولى لأنه عرف محللا دون الكلام ومجرد النية لغو لا يخرج بها من الصلاة كذا قالوا وظاهره أنه لا بد من عمل فلو لم يأت بمناف وأكملها على غالب ظنه لم تبطل إلا أنها تكون نفلا ولزمه أداء الفرض لو كانت الصلاة التي شك فيها فرضا فلو كانت نفلا ينبغي أن يلزمه قضاؤه وإن أكملها لوجوب الاستئناف ولم أر هذا التفريع [ ص: 119 ] منقولا إلا أن قول الشارح وغيره أن الاستقبال لا يتصور إلا بالخروج عن الأولى وذلك بعمل مناف يدل على عدم بطلانها بمجرد الشك كما لا يخفى والتحري طلب الأحرى وهو ما يكون أكبر رأيه عليه وعبروا عنه تارة بالظن وتارة بغالب الظن شك أن هذه تكبيرة الافتتاح أو القنوت
وذكروا أن الشك تساوي الأمرين والظن رجحان جهة الصواب والوهم رجحان جهة الخطأ فإن لم يترجح عنده شيء بعد الطلب فإنه يبني على الأقل فيجعلها واحدة لو شك أنها ثانية وثانية لو شك أنها ثالثة وثالثة لو شك أنها رابعة وعند البناء على الأقل يقعد في كل موضع يتوهم أنه محل قعود فرضا كان القعود أو واجبا كي لا يصير تاركا فرض القعدة أو وأحبها فإن وقع في رباعي أنها الأولى أو الثانية يجعلها الأولى ثم يقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى فيأتي بأربع قعدات قعدتان مفروضتان وهي الثالثة والرابعة وقعدتان واجبتان لكن اقتصر في الهداية على قوله يقعد في كل موضع يتوهم أنه آخر صلاته كي لا يصير تاركا فرض القعدة فنسبه في فتح القدير إلى القصور ، والعذر له إن قعوده في موضع يتوهم أنه محل القعود الواجب ليس متفقا عليه بل فيه اختلاف المشايخ كما نقله في المجتبى فلعل ما في الهداية مبني على أحد القولين وإن كان الظاهر خلافه وهو القعود مطلقا وظاهر كلامهم يدل على أن القعود في كل موضع يتوهم أنه آخر صلاته فرض ولو شك أنها الثانية أو الثالثة أتمها وقعد ثم قام فصلى أخرى وقعد ثم الرابعة وقعد
ولو لا يتم ركعته بل يقعد قدر التشهد وبرفض القيام ثم يقوم فيصلي ركعتين ويقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة ثم يتشهد ثم يسجد للسهو وإن شك وهو ساجد فإن شك أنها الأولى أو الثانية فإنه يمضي فيها سواء شك في السجدة الأولى أم الثانية لأنها إن كانت الأولى لزمه المضي فيها وإن كانت الثانية يلزمه تكميلها وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية يقعد قدر التشهد ثم يقوم فيصلي ركعة ولو شك في صلاة الفجر وهو في القيام أنها الثالثة أو الأولى إن كان في السجدة الأولى أمكنه إصلاح صلاته لأنه إن كان صلى ركعتين كان عليه إتمام هذه الركعة لأنها ثانية فيجوز وإن كانت ثالثة من وجه لا تفسد صلاته عند شك في صلاة الفجر في سجوده أنه صلى ركعتين أو ثلاثا لأنه كما تذكر في السجدة الأولى ارتفعت تلك السجدة وصارت كأنها لم تكن كما لو سبقه الحدث في السجدة الأولى في الركعة الخامسة وهي مسألة زه وإن كان هذا الشك في السجدة الثانية فسدت صلاته ولو محمد يقعد في الحال ثم يقوم ويصلي ركعة ويقعد وإن كان قاعدا والمسألة بحالها يتحرى إن وقع تحريه أنها ثانية مضى على صلاته شك في الفجر أنها ثانية أم ثالثة ولم يقع تحريه على شيء وكان قائما
وإن وقع تحريه أنها ثالثة يتحرى في القعدات إن وقع تحريه أنه لم يقعد على رأس الركعتين فسدت صلاته وإن لم يقع تحريه على شيء فسدت صلاته أيضا وكذا في ذوات الأربع إذا شك أنها الرابعة أو الخامسة ولو شك أنها ثالثة أو خامسة فعلى ما ذكرنا في الفجر فيعود إلى القعدة ثم يصلي ركعة أخرى ويتشهد [ ص: 120 ] ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقعد ويسجد للسهو ولو يتم تلك الركعة ويقنت فيها ويقعد ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى ويقنت فيها أيضا هو المختار إلى هنا عبارة الخلاصة ولم يذكر شك في الوتر وهو قائم أنها ثانيته أو ثالثته المصنف رحمه الله سجود السهو في مسائل الشك تبعا لما في الهداية وهو مما لا ينبغي إغفاله فإنه يجب السجود في جميع صور الشك سواء عمل بالتحري أو بنى على الأقل كذا في فتح القدير وترك المحقق قيدا لا بد منه مما لا ينبغي إغفاله وهو أن يشغله الشك قدر أداء ركن ولم يشتغل حالة الشك بقراءة ولا تسبيح كما قدمناه أول الباب لكن ذكره في السراج الوهاج أن ا هـ . في فصل البناء على الأقل يسجد للسهو وفي فصل البناء على غلبة الظن أن شغله تفكره مقدار أداء الركن وجب السهو وإلا فلا
وكأنه في فصل البناء على الأقل حصل النقص مطلقا باحتمال الزيادة فلا بد من جابر وفي الفصل الثاني النقصان بطول التفكير لا بمطلقه .