( قوله ) ; لأن الشيء يبطل بما هو مثله لا بما هو دونه فلا يصلح مبطلا له وروي أن ويبطل الوطن الأصلي بمثله لا السفر ووطن الإقامة بمثله والسفر والأصلي رضي الله عنه كان حاجا يصلي عثمان بعرفات أربعا فاتبعوه فاعتذر ، وقال : إني تأهلت بمكة وقال النبي صلى الله عليه وسلم { } والوطن الأصلي هو وطن الإنسان في بلدته أو بلدة أخرى اتخذها دارا وتوطن بها مع أهله وولده ، وليس من قصده الارتحال عنها بل التعيش بها وهذا الوطن يبطل بمثله لا غير ، وهو أن يتوطن في بلدة أخرى وينقل الأهل إليها فيخرج الأول من أن يكون وطنا أصليا حتى لو دخله مسافرا لا يتم قيدنا بكونه انتقل عن الأول بأهله ; لأنه لو لم ينتقل بهم ، ولكنه استحدث أهلا في بلدة أخرى فإن الأول لم يبطل ويتم فيهما وقيد بقوله بمثله ; لأنه لو من تأهل ببلدة فهو منها فإنه يصلي أربعا ; لأنه لم يتوطن غيره ، وفي المحيط ، ولو كان له أهل باع داره ونقل عياله وخرج يريد أن يتوطن بلدة أخرى ثم بدا له أن لا يتوطن ما قصده أولا ويتوطن بلدة غيرها فمر ببلده الأول بالكوفة ، وأهل بالبصرة فمات أهله بالبصرة وبقي له دور وعقار بالبصرة قيل البصرة لا تبقى وطنا له ; لأنها إنما كانت وطنا بالأهل لا بالعقار ، ألا ترى أنه لو تأهل ببلدة لم يكن له فيها عقار صارت وطنا له ، وقيل تبقى وطنا له ; لأنها كانت وطنا له بالأهل والدار جميعا فبزوال أحدهما لا يرتفع الوطن كوطن الإقامة يبقى ببقاء الثقل وإن أقام بموضع آخر ا هـ .
وفي المجتبى نقل القولين فيما إذا نقل أهله ومتاعه وبقي له دور وعقار ثم قال وهذا جواب واقعة ابتلينا بها وكثير من المسلمين المتوطنين في البلاد ، ولهم دور وعقار في القرى البعيدة منها يصيفون بها بأهلهم ومتاعهم فلا بد من حفظها أنهما وطنان له لا يبطل أحدهما بالآخر وقوله لا السفر أي لا يبطل الأصلي بالسفر حتى يصير مقيما بالعود إليه من غير نية الإقامة ، وكذا لا يبطل بوطن الإقامة وأما وطن الإقامة فهو الوطن الذي يقصد المسافر الإقامة فيه ، وهو صالح لها نصف شهر ، وهو ينتقض بواحد من ثلاثة بالأصلي ; لأنه فوقه وبمثله وبالسفر ; لأنه ضده أطلقه فأفاده أن تقديم السفر ليس بشرط لثبوت الوطن الأصلي ووطن الإقامة فالأصلي بالإجماع ووطن الإقامة فيه روايتان ظاهر الرواية أنه ليس بشرط ، وفي أخرى عن إنما يصير الوطن وطن إقامة بشرط أن يتقدمه سفر ، ويكون بينه وبين ما صار إليه منه مدة سفر حتى لو محمد لا تصير تلك القرية وطن الإقامة ، وإن كان بينهما مدة سفر لعدم تقدم السفر ، وكذا إذا خرج من مصره لا لقصد السفر فوصل إلى قرية ونوى الإقامة بها خمسة عشر يوما لا يصير مقيما ، ولا تصير تلك القرية وطن الإقامة مثاله قصد مسيرة سفر وخرج فلما وصل إلى قرية مسيرتها من وطنه دون مدة السفر نوى الإقامة بها خمسة عشر يوما بلبيس فنوى الإقامة بها نصف شهر ثم خرج منها ، وإن قصد مسيرة ثلاثة أيام وسافر بطل وطنه قاهري خرج إلى ببلبيس حتى لو مر به في العود لا يتم ، وإن لم يقصد ذلك ، وخرج إلى الصالحية ، فإن نوى الإقامة بها نصف شهر أتم بها وبطل وطنه ببلبيس حتى لو عاد إليه مسافرا لا يتم ، وإن لم ينو الإقامة بها لم يبطل وطنه ببلبيس حتى يتم إذا دخله وإن عاد إلى مصر بطل [ ص: 148 ] الوطنان حتى لو عاد إليهما في سفرة أخرى لا يتم إذا لم ينو الإقامة ، ولم يذكر المصنف رحمه الله وطن السكنى ، وهو المكان الذي ينوي أن يقيم فيه أقل من خمسة عشر يوما تبعا للمحققين قالوا : لأنه لا فائدة فيه ; لأنه يبقى فيه مسافرا على حاله فصار وجوده كعدمه
وذكر الشارح أن عامتهم على أنه يفيد في فإنه يتم فيها ; لأنه مقيم ثم خرج من القرية لا للسفر ثم بدا له أن يسافر قبل أن يدخل مصره وقبل أن يقيم ليلة في موضع آخر فسافر فإنه يقصر ، ولو مر بتلك القرية ودخلها أتم ; لأنه لم يوجد ما يبطله مما هو فوقه أو مثله ا هـ . رجل خرج من مصره إلى قرية لحاجة ، ولم يقصد السفر ، ونوى أن يقيم فيها أقل من خمسة عشر يوما
وصحح في السراج الوهاج المجمع عدم اعتباره وقول الشارح ، ولو مر بها أتم لا يصح ; لأن السفر باق لم يوجد ما يبطله ، وهو مبطل لوطن السكنى على تقدير اعتباره ; لأن السفر يبطل وطن الإقامة فكيف لا يبطل وطن السكنى فقوله ; لأنه لم يوجد ما يبطله ممنوع .
[ ص: 147 ]