رب يسر وأعن وتقبل
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.. أما بعد:
فمن المعلوم عند القاصي والداني والسلف والخلف أن الصحيحين هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، وقد تلقتهما الأمة سلفا وخلفا بالقبول، وحكموا لهما بالصحة إجمالا، وأنهما أعلى مراتب الصحة بين كتب الحديث. قال الإمام النووي في (شرح ): اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان: مسلم البخاري ، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب ومسلم أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صح أن مسلما كان يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث، وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير وأهل الإتقان والحذق والغوص على أسرار الحديث. وذهب بعض المغاربة إلى ترجيح البخاري على مسلم ، ووجه ذلك الجمهور بما يرجع إلى حسن الترتيب والسياق وجودة الوضع، وتوقف البعض في الترجيح بينهما، وما أجمل ما قاله الحافظ البخاري عبد الرحمن بن علي بن الديبع: [ ص: 8 ]
تنازع الناس في البخاري ومسلم ... لدي وقالوا أي ذين يقدم
فقلت: لقد فاق البخاري صحة... كما فاق في حسن الصناعة مسلم