الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 277 ] هذا عطف على قوله: "خوف المؤمن" والتقدير باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله، وخوف التحذير من nindex.php?page=treesubj&link=19229الإصرار على النفاق، وكلمة ما مصدرية، ويحذر على صيغة المجهول بتخفيف الذال وتشديدها، والجملة محلها من الإعراب الجر لأنها عطف على المجرور كما قلنا، وآثار nindex.php?page=showalam&ids=12402إبراهيم التيمي nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه فإن قلت: فلم أوقعها معترضة؟ قلت: لأنه عقد الباب على ترجمتين الأولى الخوف من حبط العمل، والثانية الحذر من الإصرار على النفاق، وذكر فيه ثلاثة من الآثار، وآية من القرآن، وحديثين مرفوعين، ولما كانت الآثار الثلاثة متعلقة بالترجمة الأولى ذكرها عقيبها، والآية وأحد الحديثين وهو حديث عبد الله متعلقان بالترجمة الثانية ذكرهما عقيبها، وأما الحديث الآخر وهو حديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة فإنه يتعلق بالترجمة الأولى أيضا على ما نذكره، وهذا فيه صيغة اللف والنشر غير مرتب، والترجمة الثانية في الرد على المرجئة لأنهم قالوا: لا حذر من المعاصي مع حصول الإيمان، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الآية ردا عليهم لأنها في nindex.php?page=treesubj&link=20011مدح من استغفر من ذنبه ولم يصر عليه، فمفهومه ذم من لم يفعل ذلك، وكأنه لمح في ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو مرفوعا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده بإسناد حسن قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=883474 "ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون "، أي يعلمون أن من تاب تاب الله عليه، ثم لا يستغفرون، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرفوعا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي بإسناد حسن: " nindex.php?page=hadith&LINKID=883475nindex.php?page=treesubj&link=34146_29493ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة "، والآية المذكورة في سورة آل عمران وهي: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون يفهم من الآية أنهم إذا لم يستغفروا أي لم يتوبوا وأصروا على ذنوبهم يكونون محل الحذر والخوف، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي: قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما في رواية nindex.php?page=hadith&LINKID=890558nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء: nindex.php?page=treesubj&link=28861نزلت هذه الآية في نبهان التمار أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فضمها إلى نفسه، وقبلها ثم ندم على ذلك فأتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وذكر له ذلك، فنزلت هذه الآية، وفي رواية الكلبي: "أن رجلين أنصاريا وثقيفيا آخى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بينهما فكانا لا يفترقان، قال: فخرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض مغازيه، وخرج معه الثقفي وخلف الأنصاري في أهله وحاجته، وكان يتعاهد أهل الثقفي فأقبل ذات يوم فأبصر امرأته ضاحية قد اغتسلت وهي ناشرة شعرها، فوقعت في نفسه، فدخل عليها، ولم يستأذن حتى انتهى إليها فذهب ليلثمها، فوضعت كفها على وجهها، فقبل ظاهر كفها، ثم ندم واستحيى، وأدبر راجعا، فقالت: سبحان الله، خنت أمانتك وعصيت ربك، ولم تصب حاجتك، قال: فندم على صنعه، فخرج يسيح في الجبال ويتوب إلى الله تعالى من ذنبه حتى وافى الثقفي، فأخبرته امرأته بفعله فخرج يطلبه حتى دل عليه، فوافقه ساجدا لله عز وجل، وهو يقول: رب ذنبي ذنبي، قد خنت أخي، فقال له يا فلان: قم فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله عن ذنبك، لعل الله تعالى أن يجعل لك فرجا وتوبة، فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة، وكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل عليه الصلاة والسلام بتوبته فتلاها على رسول الله عليه الصلاة والسلام: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=135والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله إلى قوله: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=136ونعم أجر العاملين فقال علي رضي الله عنه: أخاص هذا لهذا الرجل أم للناس عامة؟ قال: بل للناس عامة في التوبة، قال: الحمد لله رب العالمين.