الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=1719وكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف، وولد البغي والأعرابي والغلام الذي لم يحتلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=887220 "يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله".
أما هذا الأثر، فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة، عن أبي بكر بن أبي مليكة، أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أعتقت غلاما لها عن دبر، فكان يؤمها في رمضان في المصحف، وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم يقول: كان يؤم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عبد بقراءة في المصحف، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج: أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أنهم كانوا يأتون nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بأعلى الوادي [و] هو وعبيد بن عمير nindex.php?page=showalam&ids=83والمسور بن مخرمة وناس كثير، فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة وهو يومئذ غلام لم يعتق، وكان إمام بني محمد بن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة. وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث هشام، عن أبيه أن أبا عمرو ذكوان كان عبدا لعائشة، فأعتقته، وكان يؤم بها في شهر رمضان، يؤمها وهو عبد. وفي "المصنف": وكان nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين لا يرى به بأسا. وفعلته عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، ورخص فيه nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن بن أبي الحسن وعطاء، ونحوه عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك.
[ ص: 525 ] وقوله: (وكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة)، في رواية: وكان. على أن يضمر في كان الشأن والقصة.
وأما الحديث الذي ذكره: nindex.php?page=hadith&LINKID=887220 "يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله" فهو حديث صحيح ثابت، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم منفردا به في "صحيحه" من حديث أبي مسعود رضي الله عنه، وفيه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد مرفوعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=10512 "أحقهم بالإمامة أقرؤهم". nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: "وليؤمكم أقرؤكم".
وأما فقه الباب: فأما nindex.php?page=treesubj&link=1719إمامة العبد فأجازها أبو ذر، وحذيفة، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة بإسناد صحيح. وعن أبي سفيان أنه كان يؤم بني عبد الأشهل وهو مكاتب وخلفه صحابة: nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة،
[ ص: 526 ] وسلمة بن سلامة. وصلى سالم خلف زياد مولى أم الحسن وهو عبد.
ومن التابعين: nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين، والحسن، وشريح، nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن بن علي، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي، nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم. ومن الفقهاء: nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، وإسحاق. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: تصح إمامته في غير الجمعة. وفي رواية: لا يؤم إلا إذا كان قارئا ومن خلفه من الأحرار لا يقرءون، ولا يؤم في جمعة ولا عيد. وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: لا يؤم إلا أهله. وممن كره الصلاة خلفه: أبو مجلز فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك بزيادة: ولا يؤم من لم يحج قوما فيهم من قد حج. وفي "المبسوط": أن إمامته جائزة، وغيره أحب. قلت: ولا شك أن الحر أولى منه؛ لأنها منصب جليل؛ فالحر أليق بها. وقال ابن خيران من أصحابنا: تكره إمامته بالحر، وخالف سليم الرازي.
[ ص: 527 ] فرع: nindex.php?page=treesubj&link=1727_1719لو اجتمع عبد فقيه وحر غير فقيه، فثلاثة أوجه: أصحها أنهما سواء، ويترجح من قال: العبد الفقيه أولى بما سيأتي: أن nindex.php?page=showalam&ids=267سالما مولى أبي حذيفة كان يؤم المهاجرين الأولين في مسجد قباء، فيهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وغيره؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا. وأما إمامة المولى فقد عرفته آنفا.
وأما nindex.php?page=treesubj&link=1704_27323إمامة ولد البغي، وهو ولد الزنا، فأجاز إمامته nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي - وقال: رب عبد خير من مولاه - nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي، وعطاء، والحسن. وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: ليس عليه من وزر أبويه شيء، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عنه.
وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وإسحاق، وعيسى بن دينار، ومحمد بن الحكم، وكرهها nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك إذا كان راتبا. وذكر في "المبسوط" الجواز، وقال: غيره أحب إلي؛ لأنه ليس له من يفقهه، فيغلب عليه الجهل. وقيل: لئلا يؤذى بالألسنة ويأثم الناس. ولا تكره إمامته عندنا، خلافا للشيخ أبي حامد والعبدري.
[ ص: 528 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: وأكره أن ينصب من لا يعرف أبوه إماما. وتابعه البندنيجي، وغيره صرح بعدمها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: الأعمى والخصي والعبد وولد الزنا وأضدادهم والقرشي سواء، لا تفاضل بينهم إلا بالقراءة وشبهه.
وأما nindex.php?page=treesubj&link=1704الأعرابي، بفتح الهمزة - الذي ينسب إلى الأعراب سكان البوادي. فمن كره إمامته عللها بجهله بحدود الصلاة. وأجازها nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وإسحاق - وصلى nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود خلف أعرابي، ولم ير بها بأسا إبراهيم والحسن وسالم.
وفي nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا: "لا يتقدم الصف الأول أعرابي ولا أعجمي ولا غلام لم يحتلم".
وأما nindex.php?page=treesubj&link=1705الغلام الذي لم يحتلم فمنع الائتمام به في الفرض nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد فيه روايتان.
ومنع داود فيهما، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز، وعطاء. وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيهما.
وفي الجمعة خلاف، وما نقله nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وصاحبيه من الكراهة فقط غريب عنهما. حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حديث nindex.php?page=showalam&ids=260عمرو بن سلمة الآتي في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: أنه كان يؤم قومه وهو ابن سبع سنين أو ثمان سنين. وعند nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن إبراهيم: لا بأس أن يؤم الغلام قبل أن يحتلم في رمضان، وعن الحسن بمثله، ولم يقيده. وفعله الأشعث بن قيس، قدم غلاما فعابوا ذلك عليه، فقال: ما قدمته ولكن قدمت القرآن العظيم. أجاب المانع بأن هذا كان في أول الأمر، ولم يبلغ الشارع صلى الله عليه وسلم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: لو علمنا أنه - عليه السلام - عرف هذا أو أقره لقلنا به، ووجدنا [ ص: 530 ] السنة قوله - عليه السلام -: "إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أقرؤكم" ووجدناه قال: "إن القلم" رفع عن الصغير حتى يبلغ" فليس مأمورا بها، ولا تصح خلفه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: كان الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد يضعف حديث nindex.php?page=showalam&ids=260عمرو بن سلمة. وقال مرة: دعه ليس بشيء بين، قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: قيل nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد: حديث عمرو؟ قال: لا أدري ما هذا. ولعله لم يتحقق بلوغ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد خالفه أفعال الصحابة، قال: وفيه قال عمرو: كنت إذا سجدت خرجت استي، قال: وهذا غير سائغ، وأجاب nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي بأنه يحتمل أن يكون في النافلة.
وابن رشد قال: سبب الخلاف كونها صلاة مفترض خلف متنفل.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم بسنده عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال: لا يؤم الغلام حتى تجب عليه الحدود، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: لا يؤم الغلام حتى [ ص: 531 ] يحتلم، وقد سلف مرفوعا.
وأما جواز nindex.php?page=treesubj&link=26774الإمامة من المصحف: فقال به nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم وعطاء والحسن، وكان nindex.php?page=showalam&ids=9أنس يصلي وغلامه خلفه يمسك له المصحف، فإذا تعايا في آية فتح عليه، وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في قيام رمضان، وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ورواية عن الحسن، وقال: هكذا يفعل النصارى، وفي "مصنف nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة" وسليمان بن حنظلة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير وحماد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: لا يجوز القراءة في المصحف ولا غيره لمصل إماما كان أو غير إمام، فإن تعمد ذلك بطلت صلاته، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب والحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وأبو عبد الرحمن السلمي، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي. كذا نقله عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وهو غريب لم أره عنه. وقد نقل nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن الحسن رواية أخرى جواز ذلك فقال: أجاز الإمامة من المصحف nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة وعطاء والحسن، وأما قوله: لا يمنع العبد من الجماعة بغير علة، أي: أن السيد لا يمنعه من [ ص: 532 ] حضورها لغير علة. قال القاضي حسين - من أصحابنا -: ليس للسيد منع عبده من حضور الجماعات إلا أن يكون له معه شغل، ويقصد تفويت الفضيلة عليه، فحينئذ ليس له منعه.