الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
686 718 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15304أبو معمر قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650677 " nindex.php?page=treesubj&link=1674أقيموا الصفوف، فإني أراكم خلف ظهري". [719، 725 nindex.php?page=showalam&ids=17080 - مسلم: 434 - فتح: 2 \ 207]
حديث النعمان: من طريق سالم عنه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=650676 "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم".
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا وطوله من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب عنه.
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من هذا الوجه. ومن حديث أبي القاسم الحسين بن الحارث الجدلي عنه مطولا.
فهؤلاء ثلاثة رووه عن النعمان وهو صحابي ابن صحابي.
[ ص: 592 ] وفي رواية له من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك عنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=672492كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة فإذا استوينا كبر، وهذه فائدة جليلة لبيان nindex.php?page=treesubj&link=32793وقت تكبير الإمام لا كما يقوله من خالف.
الحديث الثاني:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650677 "أقيموا الصفوف، فإني أراكم خلف ظهري".
وهذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا ولفظه: "أتموا صفوفكم" وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في موضعين آخرين - كما ستعلمه - في باب إقبال الإمام على الناس عند التسوية إثر هذا الباب، وفي باب إلزاق المنكب بالمنكب، كما ستعلمه، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=667065أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "استووا استووا، فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من خلفي كما أراكم بين يدي".
إذا عرفت ذلك فالكلام عليهما من أوجه:
أحدها:
فيهما: الحث على nindex.php?page=treesubj&link=1674تسوية الصفوف وإقامتها، وهو من سنة الصلاة عند الأئمة.
[ ص: 593 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد بن حزم في قوله: "أو ليخالفن الله بين وجوهكم" هذا وعيد شديد، والوعيد لا يكون إلا في كبيرة من الكبائر.
وقال في الحديث الآتي - إن شاء الله -: nindex.php?page=hadith&LINKID=657664 "سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة".
وفي رواية: nindex.php?page=hadith&LINKID=657664 "إقامة الصلاة تسوية الصف": إذا كان من إقامة الصلاة فهو فرض؛ لأن إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض.
ولا يسلم له ذلك؛ فإن لفظ التمام يشعر بالنقصان فقط، فينبغي للإمام تعاهد تسوية الصفوف من الناس، وللناس تعاهد ذلك من أنفسهم.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر وعثمان رجال يوكلون رجلا بتسويتها.
الثاني: وعد من لم يقم الصف بعذاب من جنس ذنبه وهو المخالفة بين الوجوه لاختلافهم في مقامهم، كما توعد من قتل نفسه بحديدة أنه يعذب بها.
ثم قيل: معناه: يمسخها ويحولها عن صورتها - كما سلف - في حق من يرفع رأسه قبل الإمام. وقيل: يغير صفاتها. وقيل: المراد بالوجوه: القلوب، وتؤيده رواية nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان: "بين قلوبكم".
والأظهر عند النووي أن معناه: يوقع بينكم العداوة والبغضاء،
[ ص: 594 ] واختلاف القلوب كما يقال: تغير وجه فلان علي، أي: ظهر لي من وجهه كراهة في، وتغير قلبه علي؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن.
الثالث: مذهب أهل السنة أن قوله - عليه السلام -: "فإني أراكم من وراء ظهري" يجوز أن يكون إدراكا خاصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - محققا انخرقت له فيه العادة، وخلق له عينا وراءه أو يكون الإدراك العيني انخرقت له العادة فكان يرى به من غير مقابلة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: nindex.php?page=treesubj&link=25040_31016كان - عليه السلام - يرى من خلفه كما يرى من بين يديه.
وفي حديث - ليس بالقوي -: كان - عليه السلام - يرى في الظلام كما يرى في الضوء.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك راجع إلى العلم، وأن معناه: إني لأعلم.
وهذا تأويل لا حاجة إليه - كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي - بل حمل ذلك على [ ص: 595 ] ظاهره أولى، ويكون ذلك زيادة في nindex.php?page=treesubj&link=11467_29568كرامات الشارع.
وقد ذكر الزاهدي مختار بن محمود في "رسالة الناصرية" أنه كان - عليه السلام - بين كتفيه عينان مثلي سم الخياط فكان يبصر بهما ولا يحجبهما الثياب، وذكرناه في باب عظة الإمام الناس أيضا.
وأورد nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي سؤالا، فقال: إذا كان يرى وراء ظهره، فما الفائدة أنه أجلس الشاب من وفد عبد القيس وراء ظهره؟ ثم أجاب بوجهين:
[ ص: 596 ] أحدهما: أنه سن للناس والسنة إنما هي فعل ظاهر.
والثاني: أن رؤيته من بين يديه أمر طبيعي يزاحم فيه.