الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
877 919 - حدثنا آدم قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم، عن nindex.php?page=showalam&ids=12أبيه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650868سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر فقال: " nindex.php?page=treesubj&link=283_969من جاء إلى الجمعة فليغتسل". [انظر: 877 - مسلم: 844 - فتح: 2 \ 397]
(قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=856684خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر).
وعن nindex.php?page=showalam&ids=11974أبي حازم بن دينار أن رجالا أتوا nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي، وقد امتروا في المنبر .. الحديث.
[ ص: 528 ] وعن محمد بن جعفر، عن يحيى بن سعيد، أخبرني ابن أنس أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=36جابرا قال: كان جذع يقوم إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث.
nindex.php?page=hadith&LINKID=650868وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر فقال: "من جاء إلى الجمعة فليغتسل".
الشرح:
أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فذكره بعد مسندا في nindex.php?page=treesubj&link=31024حنين الجذع، وغيره.
وحديث سهل سلف في باب الصلاة في السطوح والمنبر
وفي إسناده: يعقوب بن عبد الرحمن القاري، بتشديد الياء المثناة تحت، من القارة، حليف بني زهرة، مدني، ولي الإسكندرية، ومات بها سنة إحدى وثمانين ومائة، اتفقا عليه.
nindex.php?page=treesubj&link=33969وسهل بن سعد مات سنة ثمان وثمانين، أو سنة إحدى وتسعين، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة على قول.
[ ص: 529 ] وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر يأتي في علامات النبوة أيضا أتم منه. وسلف في الاستعانة بالنجار والصناع من [حديث عبد الواحد بن أيمن عن أبيه] بنحوه وتعليق سليمان يأتي مسندا في الباب المذكور عن يحيى عن حفص، وذكر أبو مسعود وخلف أن سليمان هذا هو ابن بلال. قالا: وقد روى هذا الحديث عن يحيى بن حفص سليمان عن كثير العبدي، كما قال ابن بلال، ولم يذكر سماع بعضهم من بعض، كذا ذكرا، والذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أن سليمان بن كثير رواه عن يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، قال أبو مسعود: وإنما لم يسم nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ابن أنس; لأن nindex.php?page=showalam&ids=16936محمد بن جعفر يقول فيه: عن يحيى عن عبيد الله بن حفص بن أنس. فقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: عن ابن أنس؛ ليكون أقرب إلى الصواب. كذا قال أبو مسعود.
وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وقال: عن يحيى عن عبيد الله بن حفص بن أنس أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=36جابرا، والظاهر أن الاختلاف من يحيى، فتارة يقول عن حفص بن عبيد الله، وتارة يعكس، يدل على ذلك أن nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي رواه من طريق يعقوب بن محمد، ثنا عبد الله بن يعقوب بن إسحاق -مولى معاوية- ثنا يحيى بن سعيد، حدثني عبيد الله بن حفص بن أنس.
[ ص: 530 ] قال يعقوب: وإنما هو حفص بن عبيد الله بن أنس، ولكن هكذا حدثنا عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، فقد وافق محمد بن جعفر يعقوب هذا، وكذا سويد بن سعيد. قال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني: وهو الصواب.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في "جمعه": ليس لابن أنس عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في "الصحيح" إلا هذا الحديث. قال: وقد اختلف الرواة في اسمه، فقيل: حفص بن عبيد الله. وقيل عكسه. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "تاريخه": قال بعضهم: عبيد الله بن حفص. ولا يصح.
وفي نسخة أبي ذر: حفص بن عبد الله، وصوابه عبيد الله بالتصغير.
وحفص هذا روى له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، روى عن جده nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: لا يثبت له السماع إلا من جده، كذا قال، وهو في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في علامات النبوة مصرحا به.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فسلف من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عنه، وأخرجه مع nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي.
إذا تقرر ذلك: فالعشار في حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بكسر العين وهي: النوق [ ص: 531 ] الحوامل. قاله في "المطالع". وقال الجوهري: هي جمع عشراء وهي الناقة التي أتت عليها من يوم أرسل عليها الفحل عشرة أشهر، وزال عنها اسم المخائض ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع وبعدما تضع أيضا.
وقيل: هي النوق التي وضع بعضها وبعضها بعد لم يضع. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: هي التي معها أولادها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: هي التي قاربت الولادة، يقال: ناقة عشراء ونوق عشار، على غير قياس.
ونقل ابن التين أنه ليس في الكلام فعلاء على فعال غير نفساء وعشراء وتجمع على عشراوات ونفساوات، والصواب المذكور، مثله بأصواتها عند فراق أولادها.
والجذع أصل النخل، ولما وضع يده عليه سكن حسه، وجاء في رواية: nindex.php?page=hadith&LINKID=677918 "لو لم أفعل ذلك حن إلى قيام الساعة".
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الباب الأحاديث الثلاثة، وهي دالة على ما بوب له، وهو nindex.php?page=treesubj&link=952الخطبة على المنبر، وهو إجماع، وسببه أنه أبلغ في الإعلام، وأعظم في الوقع; لأجل المشاهدة، ويستحب أن يكون على يمين المحراب مستقبل القبلة، فإن لم يكن منبر، فموضع عال، [ ص: 532 ] وإلا فإلى خشبة للاتباع، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب إلى جذع قبل اتخاذه، فلما صنع تحول إليه كما ساقه في الباب.
ويكره المنبر الكبير جدا الذي يضيق على المصلين إذا لم يكن المسجد متسعا، وسلف في باب الصلاة في السطوح والمنبر الكلام عليه، وعلى من عمله، ومن أي شيء كان فراجعه.
وفيه علم عظيم من أعلام نبوته، ودليل على صحة رسالته، وهو حنين الجماد، وذلك بأن الله تعالى جعل للجذع حياة حيي بها، وهذا من باب الأفضال من الرب الذي يحيي الموتى بقوله: كن.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي في كتابه "أنوار الفجر" وذكر فيه ألف معجزة لنبينا وأنها على قسمين: منها ما هو في القرآن وهو تواتر، ومنها ما نقل آحادا، ومجموعها خرق العادة على يديه على وجه لا ينبغي إلا لنبي بتحد أو لولي تكرمة له.
إن nindex.php?page=treesubj&link=31024حنين الجذع اليابس وأنينه أغرب من اخضراره وإثماره، فإن الإثمار والاخضرار يكونان فيه بصفة، والحنين والأنين لا يكونان في جنسه بحال، وإنما حنت على فقد ما كانت تأنس به من الذكر، وخصت به من الشرف والبركة.
وفيه كلام ما لا يعرف له الكلام من الجمادات وشبهها، إذا أتانا ذلك من طريق النبوة كانت هي آية معجزة أراد الله تعالى أن يريها عباده; ليزدادوا إيمانا، وما جرى على مجرى الإعجاز فهو خرق العادات، وأما نحن فلا يجوز كلام الجمادات إلينا، كذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال في البيوع في باب النجار، ويجوز أن يقع ذلك منا على [ ص: 533 ] وجه الكرامة، فما كان للنبي معجزة جاز أن يكون للولي كرامة.
وحكى ابن التين عن ابن القزاز أن فيه ردا على القدرية; لأن الصياح ضرب من الكلام، وهم لا يجيزون الكلام إلا ممن له فم ولسان. وفي "شرح nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال": إذا كان الخليفة هو الذي يخطب فسنته أن يجلس على المنبر إذا خطب، فإن كان غيره قام إن شاء على المنبر أو شاء على الأرض.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: ومن لا يرقى بأعلى المنبر عندنا فجلهم يقوم عن يسار المنبر ومنهم من يقوم عن يمينه، وكل واسع. وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق نزل بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - درجة من المنبر تواضعا منه، ولم ير نفسه أهلا لذلك الموضع، وكذلك فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، نزل بعده فكان يخطب على الأولى، وكان المنبر من ثلاث درجات.
فرع:
جماعة الفقهاء على أن nindex.php?page=treesubj&link=929الخطبة من شرط الجمعة لا تصح إلا بها، ومتى لم يخطب الإمام صلى أربعا، وشذ الحسن فقال: تجزئهم جمعتهم خطب الإمام أو لم يخطب، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عنه، وذكر عبد الوهاب أنه قول أهل الظاهر (وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون عن ابن [ ص: 534 ] أبي زيد عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وشارح "الرسالة" عن عبد الملك) ويرد قولهم الاتباع فيما نقله الكافة عن الكافة، ومن لا يجوز السهو عليه، ولو كانت الجمعة تجزئ بغير خطبة لبينه.
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=2الفاروق: إنما قصرت الصلاة من أجل الخطبة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: إن الخطبة جعلت مكان الركعتين.
أحدها: ادعى بعضهم أن حديث سهل: "أعوادا أجلس عليهن" [ ص: 535 ] يعارض حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر: وكان جذع يقوم إليه. ولا تعارض عندي، فإن المراد بالجلوس الأول القيام. وحمل بعضهم حديث سهل في غير الجمعة; لوعظ أو تعليم، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فيها، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال وابن التين، وليس بطائل، وأيده nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحفظ عنه أنه خطب للجمعة قط إلا قائما.
وقد قال بعض العلماء في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وتركوك قائما [الجمعة: 11] أي: قائما تخطب، قال: ويؤيدها حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وقد ترجم له (باب: nindex.php?page=treesubj&link=931الخطبة قائما) كما ستعلمه.
ثانيها: قيل: إن المنبر المقام الذي ذكره الله تعالى، وصنعه; ليراه أقصى من حضره ويسمع كلامه، ويكون ذلك سنة لأمته; ليسمع موعظته وليتأهب به; ولتكون الصلاة أول ما تفعل عليه، وذلك مستحب أن يفعل في كل جديد، وصلاته على المنبر شكرا لله وتواضعا، وكونها فوقه يحتمل أن يكون للارتفاع يسيرا، ولا يعلل هنا بالكبر; لأنه ليس من شأنه، ونزوله وصعوده احتمل للتعلم، قال ابن التين: والأشبه أن ذلك له خاصة، وجوزه بعضهم إذا كان معه بعض المأمومين. وصلى nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز على أرفع مما عليه أصحابه، وليس للمنع وجه إذا لم يرد التكبر.