(مُؤْتَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْهَمْزِ قَرْيَةٌ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ أَيْ: بِأَدْنَاهَا مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، وَكَانَتْ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ، وَالْفَتْحُ بَعْدَهَا فِي رَمَضَانَ.

وَأَمَّا الْمُوتَةُ بِلَا هَمْزٍ فَضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّهَيْلِيُّ ،

[ ص: 408 ] لَكِنْ فِي "أَمَالِي" أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَخْفَشِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: لَا تُهْمَزُ مُوتَةُ.

وَقَالَ صَاحِبُ "الْمَطَالِعِ": أَكْثَرُ الرُّوَاةِ لَا يَهْمِزُونَهَا. وَأَمَّا nindex.php?page=showalam&ids=15611ثَعْلَبٌ فَلَمْ يَحْكِ فِي "فَصِيحِهِ" غَيْرَ الْهَمْزِ ، وَتَبِعَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ. وَفِي "الْوَاعِي" وَ"الْجَامِعِ" بِالْهَمْزِ وَدُونَهُ، وَاقْتَصَرَ nindex.php?page=showalam&ids=13417ابْنُ فَارِسٍ عَلَى الْهَمْزِ .

وَلَمَّا ذَكَرَ nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ مُؤْتَةَ قَرْيَةٌ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ قَالَ: لَقِيَهُمْ -يَعْنِي: nindex.php?page=showalam&ids=138زِيدَ بْنَ حَارِثَةَ وَمَنْ مَعَهُ- جُمُوعُ الرُّومِ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ يُقَالُ لَهَا: مَشَارِفُ، ثُمَّ دَنَا الْعَدُوُّ، وَانْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: مُؤْتَةُ .

وَهَذَا مِنْهُ يُؤْذِنُ أَنَّ مَشَارِفَ غَيْرُ مُؤْتَةَ. وَقَدْ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ: الْمَشْرَفِيَّةُ سُيُوفٌ تُنْسَبُ إِلَى الْمَشَارِفِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُلَقَّبُ بِمُؤْتَةَ .

فَصْلٌ:

وَكَانَ nindex.php?page=treesubj&link=29333سَبَبُهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ الْحَارِثَ بْنَ عُمَيْرٍ الْأَزْدِيَّ أَحَدَ بَنِي لِهَبٍ بِكَسْرِ اللَّامِ بِكِتَابِهِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ -وَقِيلَ: إِلَى مَلِكِ بُصْرَى- فَعَرَضَ لَهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْغَسَّانِيُّ، فَأَوْثَقَهُ (رِبِاطًا) ثُمَّ قُدِّمَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ

[ ص: 409 ] صَبْرًا وَلَمْ يُقْتُلْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَسُولٌ غَيْرُهُ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَنَدَبَ النَّاسَ فَأَسْرَعُوا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ nindex.php?page=showalam&ids=138زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ. وَقَالَ: ("إِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ أُصِيبَ nindex.php?page=showalam&ids=82فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ") فَتَجَهَّزُوا ثُمَّ تَهَيَّئُوا وَعَسْكَرُوا بِالْجَرْفِ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَأَوْصَاهُمْ أَنْ يَأْتُوا مَقْتَلَ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَأَنْ يَدْعُوا مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوا وَإِلَّا اسْتَعَانُوا عَلَيْهِمْ بِاللَّهِ وَقَاتَلُوهُمْ. وَخَرَجَ مُشَيِّعًا لَهُمْ حَتَّى بَلَغَ ثَنِيَّةَ الْوَادِعِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: دَفَعَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَرَدَّكُمْ صَالِحِينَ غَانِمِينَ: فَلَمَّا وَدَّعَ nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بَكَى، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا بِي حُبُّ الدُّنْيَا وَلَا صَبَابَةٌ بِكُمْ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ يَذْكُرُ فِيهَا النَّارَ nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا [مَرْيَمَ: 71] فَكَيْفَ بِالصَّدْرِ بَعْدَ الْوُرُودِ، ثُمَّ قَالَ:

لَكِنَّنِي أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ مَغْفِرَةً وَضَرْبَةً ذَاتَ فَرْغٍ تَقْذِفُ الزَّبَدَا أَوْ طَعْنَةً بِيَدَيْ حَرَّانَ مُجْهِزَةً
بِحَرْبَةٍ تَنْفُذُ الْأَحْشَاءَ وَالْكَبِدَا حَتَّى يُقَالَ إِذَا مَرُّوا عَلَى جَدَثِي
أَرْشَدَهُ اللَّهُ مِنْ غَازٍ وَإِنْ رَشَدَا

ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى نَزَلُوا مَعَانَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ بِضَمِّ الْمِيمِ. وَقَالَ الْوَقْشِيُّ: الصَّوَابُ فَتْحُهَا فَبَلَغَ النَّاسَ أَنَّ هِرَقْلَ نَزَلَ مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ فِي مِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّومِ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ وَالْقَيْنِ وَبَهْرَاءَ وَتَغْلِبَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْهُمْ، عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ بَلِيٍّ يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ زَافِلَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ فَأَقَامُوا عَلَى مَعَانَ لَيْلَتَيْنِ يَنْظُرُونَ فِي أَمْرِهِمْ، وَقَالُوا: نَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُخْبِرُهُ بِعَدَدِ عَدُوِّنَا، فَإِمَّا أَنْ يَمُدَّنَا بِالرِّجَالِ، وَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرٍ فَنَمْضِيَ لَهُ، فَشَجَّعَ النَّاسَ nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَقَالَ: يَا قَوْمِ، وَاللَّهِ إِنَّ الَّذِي تَكْرَهُونَ لَلَّذِي خَرَجْتُمْ تَطْلُبُونَ الشَّهَادَةَ، وَمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ بِعَدَدٍ وَلَا قُوَّةٍ وَلَا كَثْرَةٍ، مَا نُقَاتِلُهُمْ

[ ص: 410 ] إِلَّا بِهَذَا الدِّينِ الَّذِي أَكْرَمْنَا اللَّهُ بِهِ، فَانْطَلِقُوا فَإِنَّمَا هِيَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِمَّا ظُهُورٌ وَإِمَّا شَهَادَةٌ، ثُمَّ الْتَقَى النَّاسُ فَقُتِلَ الثَّلَاثَةُ كَمَا أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، زَيْدٌ، ثُمَّ جَعْفَرٌ، ثُمَّ ابْنُ رَوَاحَةَ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَدَفَعَ الْقَوْمَ وَتَحَاشَى بِهِمْ، ثُمَّ حَازَ وَانْحِيزَ عَنْهُ، حَتَّى انْصَرَفَ بِالنَّاسِ كَمَا ذَكَرَهُ nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ الْمُحَازُّ. وَحَكَى ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْهَزِيمَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَحَكَى أَيْضًا أَنَّ الْهَزِيمَةَ كَانَتْ عَلَى الرُّومِ ، كَمَا سَيَأْتِي فِي nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ. وَرُفِعَتِ الْأَرْضُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى مُعْتَرَكَهُمْ فَلَمَّا أَخَذَ خَالِدٌ اللِّوَاءَ قَالَ: "الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ" .

وَعَدَّدَ nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْهُمُ الْأُمَرَاءُ الثَّلَاثَةُ كَمَا سَلَفَ ، وَلَمَّا قَدِمُوا اسْتَقْبَلَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَحْثُونَ فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ، وَيَقُولُونَ: يَا فَرَّارُونَ، فَيَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَيْسُوا بِفَرَّارِينَ وَلَكِنَّهُمْ كَرَّارِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" .

وَقَدْ ذَكَرَ nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ شِعْرَ nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ لَمَّا وَدَّعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَقِّ زَيْدٍ: "دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ يَسْعَى". وَقَالَ فِي حَقِّ جَعْفَرٍ: "فَإِنَّهُ شَهِيدٌ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ يَطِيرُ فِيهَا بِجَنَاحَيْنِ مِنْ يَاقُوتٍ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الْجَنَّةِ" وَذَكَرَ شِعْرَهُ لَمَّا عَقَرَ فَرَسَهُ، وَهُوَ nindex.php?page=treesubj&link=34020_31563أَوَّلُ مَنْ عَقَرَ فَرَسًا فِي الْإِسْلَامِ وَقَاتَلَ. ثُمَّ ذَكَرَ شِعْرَ nindex.php?page=showalam&ids=82ابْنِ رَوَاحَةَ وَقَتْلَهُ، وَأَنَّهُ دَخَلَ مُعْتَرِضًا .

[ ص: 411 ] وَعِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ أَنَّ جَعْفَرًا أَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَمِينِهِ فَقُطِعَتْ وَأَخَذَهَا بِشِمَالِهِ فَقُطِعَتْ، فَاحْتَضَنَهُ بِعَضُدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً .

وَفِي "الدَّلَائِلِ" nindex.php?page=showalam&ids=13933لِلْبَيْهَقِيِّ: لَمَّا أَخَذَ خَالِدٌ اللِّوَاءَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ فَأَنْتَ تَنْصُرُهُ" فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ خَالِدٌ سَيْفَ اللَّهِ . زَادَ ابْنُ عَائِذٍ: وَنِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ.

وَفِي حَدِيثِ الْعَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ: لَمَّا أَصْبَحَ خَالِدٌ جَعَلَ مُقَدِّمَتَهُ سَاقَتَهُ وَسَاقَتَهُ مُقَدِّمَتَهُ، وَمَيْمَنَتَهُ مَيْسَرَتَهُ، وَمَيْسَرَتَهُ مَيْمَنَتَهُ، فَأَنْكَرَ الرُّومُ ذَلِكَ وَقَالُوا: قَدْ جَاءَهُمْ مَدَدٌ، فَرُعِبُوا وَانْكَشَفُوا مُنْهَزِمِينَ فَقُتِلُوا مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلْهَا قَوْمٌ . وَفِي حَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَ أَمْتِعَةِ الْمُشْرِكِينَ.

إِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَقَدْ سَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ:

أَحَدُهَا: عَمْرٌو، عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15987ابْنِ أَبِي هِلَالٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ قَتِيلٌ، فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي دُبُرِهِ.

وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَهُ (فَوَجَدْنَاهُ فِي الْقَتْلَى، وَوَجَدْنَا فِي جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ) وَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا; لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدَّ الرَّمْيَ فِي الْأُولَى.

وَ nindex.php?page=showalam&ids=15987 (ابْنُ أَبِي هِلَالٍ) هُوَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ اللَّيْثِيُّ الَّذِي وُلِدَ بِمِصْرَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَنَشَأَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَلَاثِينَ أَوْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ.

[ ص: 412 ] ثَانِيهَا: حَدِيثُ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ: "إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ" .. إِلَى آخِرِهِ.

سَلَفَ، رَوَاهُ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12154أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15290الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْهُ. وَلَيْسَ لِلْمُغِيرَةِ فِي "الصَّحِيحِ" غَيْرُهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَإِنْ ضَعَّفَهُ nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ. عَرَضَ عَلَيْهِ الرَّشِيدُ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ وَجَائِزَةً أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ فَامْتَنَعَ فَأَجَازَهُ بِأَلْفَيْنِ ، وَكَانَ فَقِيهَ الْمَدِينَةِ بَعْدَ مَالِكٍ، وَمَاتَ سَنَةَ سِتٍّ أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَرَوَى عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ النُّعْمَانُ بْنُ مَهْضٍ الْيَهُودِيُّ

فَوَقَفَ مَعَ النَّاسِ وَقَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَبَا الْقَاسِمِ إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَسَمَّيْتَ مَنْ سَمَّيْتَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أُصِيبُوا جَمِيعًا; لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا إِذَا اسْتَعْمَلُوا الرَّجُلَ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالُوا: إِنْ أُصِيبَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ فَلَوْ سَمَّى مِائَةً أُصِيبُوا جَمِيعًا، ثُمَّ جَعَلَ الْيَهُودِيُّ يَقُولُ لِزَيْدٍ: اعْهَدْ فَلَا تَرْجِعُ إِلَى مُحَمَّدٍ أَبَدًا، إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا، قَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ صَادِقٌ بَارٌّ.

فَائِدَةٌ: ظَوَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ زَيْدًا أُصِيبَ أَوَّلًا، ثُمَّ جَعْفَرٌ، ثُمَّ nindex.php?page=showalam&ids=82ابْنُ رَوَاحَةَ. بَلْ صَرِيحُ حَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ الْآتِي، وَكَذَا حَدِيثُ nindex.php?page=showalam&ids=14152الْحَكَمِ السَّالِفُ.

وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ: قَوْلُ nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُصَدِّقُ أَنَّ جَعْفَرًا كَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَهُوَ:

إِذْ يَقْتَدُونَ بِجَعْفَرٍ وَلِوَائِهِ قُدَّامَ أَوَّلِهِمْ وَنِعْمَ الْأَوَّلُ
حَتَّى تَفَرَّجَتِ الصُّفُوفُ وَجَعْفَرٌ حَيْثُ اللِّقَاءِ تَحْتَ الصُّفُوفِ مُجَدَّلُ

وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ أَنَّهُ أَوَّلُ قَتِيلٍ، ثُمَّ زَيْدٌ، ثُمَّ nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ

[ ص: 413 ] اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، ثُمَّ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ أَسْوَأَ هَزِيمَةٍ رَأَيْتُهَا قَطُّ، حَيْثُ لَمْ أَرَ اثْنَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَهُ لِخَالِدٍ -فِي حَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ: فَأَخَذَهُ ثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ الْعَجْلَانِيُّ، ثُمَّ تَسَلَّمَهُ خَالِدٌ - فَحَمَلَ عَلَى الرُّومِ، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ أَسْوَأَ هَزِيمَةٍ رَأَيْتُهَا قَطُّ حَتَّى وَضَعَ الْمُسْلِمُونَ أَسْيَافَهُمْ حَيْثُ شَاءُوا .

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ:

حَدِيثُ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - nindex.php?page=hadith&LINKID=653929أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا nindex.php?page=showalam&ids=82وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: "أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ nindex.php?page=showalam&ids=82ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ -وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ- حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ".

هَذَا الْحَدِيثُ سَلَفَ فِي الْجِهَادِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَصْرِهِ عَلَى الْكُفَّارِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الْجَنَائِزِ وَالْجِهَادِ: "ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدٌ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ".

وَمَعْنَى: (نَعَى زَيْدًا) .. إِلَى آخِرِهِ أَخْبَرَ بِمَوْتِهِمْ، وَقَوْلُهُ: (تَذْرِفَانِ) أَيِ: الدَّمْعَ، وَقِيلَ: (تَدْمَعَانِ) وَهُوَ مِثْلُهُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ:

حَدِيثُ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي قَتْلِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ: جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ.

سَلَفَ بِطُولِهِ فِي الْجَنَائِزِ. وَ (صَائِرُ الْبَابِ): شَقُّهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيهِ.

[ ص: 414 ] وَقَوْلُهُ: ("فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ") وَقَعَ هُنَا بِكَسْرِ الثَّاءِ وَفِيهِ لُغَتَانِ كَمَا سَلَفَ. حَثَا يَحْثُو، وَحَثَى يَحْثِي حَثْيًا.

وَ (الْعَنَاءُ): النَّصَبُ. يُقَالُ: عَنَا عَنَاءً إِذَا نَصَبَ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ:

حَدِيثُ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ.

هُوَ مِنْ مَنَاقِبِهِ الظَّاهِرَةِ.

السَّادِسُ:

حَدِيثُ nindex.php?page=showalam&ids=16834قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُوتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلَّا صَفِيحَةٌ يَمَانِيَّةٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ: لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَصَبَرَتْ فِي يَدِي صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَّةٌ. أَصْلُهَا أَنْ تُقْرَأَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ; لِأَنَّهَا يَاءُ النِّسْبَةِ، إِلَّا أَنَّهُمْ خَفَّفُوهَا، يُقَالُ: سَيْفٌ يَمَانٍ، وَالْأَصْلُ يَمَانِيٌّ.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ:

حَدِيثُ nindex.php?page=showalam&ids=114النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي: وَاجَبَلَاهْ وَاكَذَا وَاكَذَا. تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ؟!

وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِهَذَا، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ.

كَذَا أَوْرَدَهُ nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ هُنَا، وَإِغْمَاؤُهُ كَانَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأُخْتُهُ لَمْ تَكُنْ إِذْ ذَاكَ مَعَهُ. وَقَدْ سَلَفَ الْكَلَامُ عَلَى النَّوْحِ فِي بَابِهِ.