الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4101 [ ص: 532 ] 64 - باب: ذهاب جرير إلى اليمن.

                                                                                                                                                                                                                              4359 - حدثني عبد الله بن أبي شيبة العبسي، حدثنا ابن إدريس، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير قال: كنت بالبحر فلقيت رجلين من أهل اليمن: ذا كلاع، وذا عمرو، فجعلت أحدثهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له ذو عمرو: لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك، لقد مر على أجله منذ ثلاث. وأقبلا معي، حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة، فسألناهم فقالوا: قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستخلف أبو بكر، والناس صالحون. فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله. ورجعا إلى اليمن فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال: أفلا جئت بهم. فلما كان بعد قال لي ذو عمرو: يا جرير، إن بك علي كرامة، وإني مخبرك خبرا، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر، فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك. [فتح: 8 \ 76]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث قيس، عن جرير قال: كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن: ذا كلاع، وذا عمرو، فجعلت أحدثهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له ذو عمرو: لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك، لقد مر على أجله منذ ثلاث. وأقبلا معي، حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة، فسألناهم فقالوا: قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستخلف أبو بكر، والناس صالحون. فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله. ورجعا إلى اليمن، فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال: أفلا جئت بهم. فلما كان بعد قال لي ذو عمرو: يا جرير، إن بك علي كرامة، وإني مخبرك خبرا، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر، فإذا كانت بالسيف كانت ملوكا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 533 ] ما ذكر له ما يكون إلا عن كتاب أو كهانة، والذي قاله ذو عمرو لا يكون إلا عن كتاب من كتب الله المتقدمة، وكان بعثه هذا في سنة إحدى عشرة، بعثه - عليه السلام - إلى ذي الكلاع يدعوه إلى الإسلام، فأسلم.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى: (تأمرتم): تشاورتم. وذكر ابن عبد البر أن ذا عمرو وذا الكلاع أقبلا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلمين، ومعهما جرير بن عبد الله أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهما في قتل الأسود العنسي وهو صحيح. وقيل: بل كان جرير معهما مسلما وافدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان الرسول إليهم جابر بن عبد الله في قتل الأسود فقدموا وافدين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما كانوا ببعض الطريق. قال ذو عمرو لجرير .. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وذو الكلاع: اسمه اسميفع، وقيل: (سميفع) بغير همز، وقيل: أفع وهو حميري. يكنى: أبا شرحبيل، وقيل: أبو شراحيل.

                                                                                                                                                                                                                              ذكر ابن عبد البر أنه أعتق عشرة آلاف بيت .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن دريد في "المنثور": كان ذو الكلاع ادعى الربوبية في الجاهلية، وإن إسلامه كان أيام عمر; لأنه - عليه السلام - كتب له مع جرير، وجرير إنما قدم بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية