الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4725 [ ص: 78 ] 12 - باب: فضل سورة الفتح

                                                                                                                                                                                                                              5012 - حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلا ، فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، فقال عمر : ثكلتك أمك ، نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك . قال عمر : فحركت بعيري حتى كنت أمام الناس ، وخشيت أن ينزل في قرآن ، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ . قال : فقلت : لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن . قال : فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه فقال : " لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " . ثم قرأ إنا فتحنا لك فتحا مبينا [الفتح : 1 ] . [انظر : 4177 - فتح: 9 \ 58 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث زيد بن أسلم عن أبيه السالف في سورة الفتح من التفسير .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف أن معنى نزرت : ألححت ، وأنه روي بالتشديد والمعروف التخفيف .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه حديث عائشة رضي الله عنها : "وما كان لكم أن تنزروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصلاة " . أي : تلحوا عليه فيها .

                                                                                                                                                                                                                              وقول عمر : (فحركت بعيري ) . . إلى آخره . رواه ابن أسلم عن عمر ، ولا شك فيه .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (فما نشبت ) أي لبثت .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 79 ] فصل :

                                                                                                                                                                                                                              فإن قلت : فما معنى قوله - عليه السلام - : "لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " . مع خساسة قدر الدنيا عنده وضعة منزلتها ؟

                                                                                                                                                                                                                              قلت : له وجهان :

                                                                                                                                                                                                                              أحدهما : أن المراد بما ذكر أنها أحب إليه من كل شيء لا شيء إلا الدنيا والآخرة ; فأخرج عن ذكر الشيء بذكر الدنيا ، إذ لا شيء سواها إلا الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                              ثانيهما : أنه خاطب بذلك على ما جرى في الاستعمال في المخاطب من قولهم إذا أراد أحدهم الخبر عن نهاية محبته الشيء : هو أحب إلي من الدنيا وما أعدل به من الدنيا شيئا ، كما قال تعالى : لئن لم ينته لنسفعا بالناصية [العلق : 15 ] ومعنى ذلك المذلة بذلك فخاطبهم بما يتعارفونه .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية