الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4746 5033 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12137محمد بن العلاء ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15526بريد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11935أبي بردة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=654645 " nindex.php?page=treesubj&link=18628_16369تعاهدوا القرآن ، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها " . nindex.php?page=showalam&ids=17080 [مسلم : 791 - فتح: 9 \ 79 ]
حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=654643nindex.php?page=treesubj&link=18628_28897 "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة ، إن عاهد عليها أمسكها ، وإن أطلقها ذهبت " .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا .
[ ص: 136 ] ثانيها :
حديث محمد بن عرعرة ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل ، عن عبد الله قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=654644 "بئس ما لأحدهم أن يقول : نسيت آية كيت وكيت ، بل نسي ، واستذكروا القرآن ، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم " .
ثم ساق من حديث جرير ، عن منصور ، مثله . تابعه بشر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة . وتابعه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن عبدة ، عن شقيق قال : سمعت عبد الله : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي .
ثالثها :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة حماد بن أسامة ، عن بريد ، عن أبي بردة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى رضي الله عنه -وهو عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=654645 "تعاهدوا القرآن ، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها " .
الشرح :
المتابعة الأولى أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي بنحوها عن nindex.php?page=showalam&ids=14898الفربري ، ثنا مزاحم بن سعيد ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة .
والمتابعة الثانية أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في "اليوم والليلة " بنحوها عن عبد الوارث بن عبد الصمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12161أبي معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة ، عن عبدة ، به .
وقوله : ("أشد تفصيا" ) أي : تفلتا وذهابا ، وهو بالفاء والصاد المهملة . قال صاحب "العين " : فصى اللحم من العظم : إذا انفسخ ، والإنسان تفصى من الشيء إذا تخلص منه والاسم التفصية ، والإبل والبقر والغنم لا واحد له من لفظه ، والمعنى أنه شبه من يتفلت منه بعض القرآن بالناقة التي انفلتت من عقلها .
فصل :
قوله : ("آية كيت وكيت" ) وهو مثل إلا أنه لا يقال للمؤنث ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي ، وهي كلمة يعبر بها عن الجمل الكثيرة . قال : كيت نقلت كناية عن الأفعال ، وذيت وذيت إخبار عن الأسماء ، وزعم أبو السعادات أن أصلها كية بالتشديد ، والياء فيها بدل من إحدى التاءين ، والهاء التي في الأصل محذوفة ، وقد تضم التاء وتكسر .
[ ص: 138 ] وقوله : ("بل هو نسي" ) يعني أنه عوقب بالنسيان على ذنب كان منه أو على سوء تعهده له ، والقيام بحقه ، وقيل : إنه خاص بزمانه - عليه السلام - والقرآن ينسخ ويرفع فيذهب رسمه وتلاوته ويشتد حفظه عن حملته فيقول القائل منهم : نسيت آية كيت وكيت ، فنهاهم عن هذا القول ; لئلا يتوهموا على محكم القرآن الضياع ، فأعلمهم أن الذي يكون من ذلك إنما هو بإذن الله ; ولما فيه من الحكمة والمصلحة في نسخه ومحوه من قلبه ، وأما قول المرء : نسيت كذا . فجائز ; قال فتى موسى - عليه السلام - : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63فإني نسيت الحوت [الكهف : 63 ] .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : اختلف العلماء في متعلق هذا (الذنب ) فقال بعضهم : هو على نسبة الإنسان لنفسه النسيان إذ لا صنع له فيه ، فالذي ينبغي له أن يقول أنسيت مبنيا لما لم يسم فاعله ، وهذا ليس بشيء ; لأنه - عليه السلام - قد نسب النسيان إلى نفسه ; ففي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري -كما سيأتي - عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها nindex.php?page=hadith&LINKID=652461سمع - صلى الله عليه وسلم - رجلا يقرأ فقال : "يرحمه الله لقد أذكرني بكذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا " وفي لفظ : "أنسيتها " . وفي آخر : زاد nindex.php?page=showalam&ids=16288عباد بن عبد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت nindex.php?page=showalam&ids=4582عباد بن بشر يصلي في المسجد . الحديث .
[ ص: 139 ] ننسها [البقرة : 106 ] بضم النون وترك الهمزة أي : ننسكها ، (فلا ) كان هذا كأنه نهى عن ذلك القول ; لئلا يتوهم في كثير من محكم القرآن أنه قد ضاع لكثرة الناس ، وفيه بعد . فمن أضاف النسيان إلى الله فإنه خالقه وخالق الأفعال كلها ومن نسبه إلى نفسه فلأنه فعله يضاف من جهة الاكتساب والتصرف ، ومن نسب ذلك إلى الشيطان كما قال يوشع nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63وما أنسانيه إلا الشيطان [الكهف : 63 ] فلما جعل الله له من الوسوسة فلكل إضافة منها وجه صحيح . وقيل : إنما يكون نسيان القرآن لترك تعهده والغفلة عنه كما أن حفظه إنما يكون بتكراره والصلاة به ، كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : "لو أقام صاحب القرآن يقرأه بالليل والنهار ذكره ، وإن لم يقم به نسيه " .
فماذا قال الإنسان : نسيت آية كيت وكيت ، فقد شهد على نفسه بالتفريط ، وترك معاهدته ، وهو ذنب عظيم كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس من عند nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=891075 "عرضت علي أعمال أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها " ، وهو نص ، وعلى
[ ص: 140 ] هذا فتعلق الذم ترك ما أمر به من استذكار القرآن وتعاهده ، والنسيان ترك ذلك فتعلق الذم عليه ، ولا يقال : حفظ جميع القرآن ليس واجبا على الأعيان ، فكيف يذم من تغافل عن حفظه ; لأنا نقول من جمعه فقد علت رتبته وشرف في نفسه ، وكيف لا ، ومن حفظه فقد أدرجت النبوة بين جنبيه كما سلف ، وصار ممن يقال فيه هو من أهل الله وخاصته فإذا كان كذلك فمن المناسب تغليظ العقوبة على من أخل بمرتبته الدينية ومؤاخذته ما لا يؤاخذ به غيره ، nindex.php?page=treesubj&link=28897_18628وترك معاهدة القرآن تؤدي إلى الرجوع إلى الجهالة . ويدل على صحة ذلك قوله في آخر الحديث : "بل نسي " وهذه اللفظة رويناها مشددة مبنية لما لم يسم فاعله .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : وقد سمعتها من بعض من لقيته بالتخفيف وبه ضبط عن أبي بحر والتشديد لغيره ، ولكل وجه صحيح ، بالتشديد معناه أنه عوقب بتكثير النسيان عليه لما تمادى في التفريط ، والتخفيف معناه تركه غير ملتفت إليه ولا معتن به ، كما قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67نسوا الله فنسيهم [التوبة : 67 ] أي تركهم في العذاب أو تركهم من الرحمة .