الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
527 [ ص: 179 ] 14 - باب: nindex.php?page=treesubj&link=26724_32774إثم من فاتته العصر
552 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650519 " nindex.php?page=treesubj&link=32774_26724الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله". [مسلم: 626 - فتح: 2 \ 30]
ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650519nindex.php?page=treesubj&link=26724_32774 "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله".
هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع nindex.php?page=showalam&ids=12300وابن شهاب، عن سالم. وأخرجه الكشي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب، عن نافع، وزاد في آخره: وهو قاعد. وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث نوفل بن معاوية.
وزعم أبو القاسم في "الأوسط" أن نوفلا رواه عن أبيه معاوية بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=842025 "لأن يوتر أحدكم أهله وماله خير له من أن تفوته صلاة العصر".
[ ص: 180 ] ثانيها:
(وتر) بضم الواو أي: نقص، يقال: وترته: إذا نقصته، فكأنه جعله وترا بعد أن كان كثيرا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره: نقص هو أهله وماله، وسلبهم فبقي بلا أهل ولا مال، فليحذر من يفوتها كحذره من ذهاب أهله وماله.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر: معناه عند أهل اللغة أنه كالذي يصاب بأهله وماله إصابة يطلب بها وترا، والوتر: الجناية التي يطلب ثأرها، فيجتمع عليه غمان: غم المصيبة، وغم مقاساة طلب الثأر.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي من المالكية: معناه يتوجه عليه من الاسترجاع ما يتوجه على من فقد أهله وماله، فيتوجه عليه الندم والأسف؛ لتفويته الصلاة. وقيل: معناه: فاته من الثواب ما يلحقه من الأسف كما يلحق من ذهب أهله وماله.
وهذا كله على رواية من روى أهله وماله بالنصب، وهو الصحيح [ ص: 181 ] المشهور على أنه مفعول ثان لوتر، وأضمر فيه مفعول ما لم يسم فاعله عائدا إلى الذي فاتته الصلاة. وقيل: معناه وتر في أهله وماله، فلما حذف الخافض انتصب. ومن رواها بالرفع فعلى ما لم يسم فاعله.
وقال بعضهم على أنه بدل اشتمال أو بدل بعض، ومعناه: انتزع منه أهله وماله وذهب بهم، وهو تفسير الإمام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك.
ثالثها:
اختلف في المراد بفوات العصر في الحديث، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب وغيره: فيمن لم يصلها في وقتها المختار.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون: هو أن تفوته بالغروب، وقيل: إلى الاصفرار. وقد ورد مفسرا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في هذا الحديث، قال فيه: وفواتها أن تدخل الشمس صفرة.
وروي عن سالم، عن أبيه أنه قال: هذا فيمن فاتته ناسيا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: هو في العامد. وهو الأظهر للحديث الآتي في الباب بعده: "من ترك صلاة العصر حبط عمله". وهذا إنما يكون في العامد.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب: هو فواتها في الجماعة لما يفوته صلاة من شهود الملائكة الليلية والنهارية، ولو كان فواتها بغيبوبة أو اصفرار لبطل الاختصاص؛ لأن ذهاب الوقت كله موجود في كل صلاة.
وفي "موطأ" nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: تفسيرها ذهاب الوقت. وعند ابن [ ص: 182 ] منده: الموتور أهله وماله من وتر صلاة الوسطى في جماعة وهي صلاة العصر.
وفي "تفسير nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري" عن سالم أن أباه كان يرى لصلاة العصر فضيلة للذي قاله - صلى الله عليه وسلم - فيها، ويرى أنها الصلاة الوسطى.
وفي "علل nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم": "من فاتته صلاة العصر" وفواتها أن تدخل الشمس صفرة... الحديث. قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: التفسير من قبل نافع.
رابعها:
تخصيصه - صلى الله عليه وسلم - بالعصر يحتمل أن يكون على حسب السؤال، وعدا هذا فالصبح والعشاء ملحق بها، وخصت العصر لفضلها؛ ولكونها مشهودة الملائكة عند تعاقبهم، وعلى هذا يشاركها الصبح، أو خصت بذلك تأكيدا وحضا على المباشرة عليها؛ لأنها تأتي في وقت أشغال الناس، وعلى هذا فالصبح أولى بذلك؛ لأنها تأتي في وقت النوم، والأظهر أنها خصت بالذكر؛ لأنها الوسطى على الصحيح، وبها تختم صلوات النهار كما أسلفناه عن "تفسير nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري".