الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=685167nindex.php?page=treesubj&link=18738لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في الحق آناء الليل والنهار .
(الحديث الثالث) وعن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=685167لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله [ ص: 72 ] القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في الحق آناء الليل والنهار . (فيه) فوائد : (الأولى) أخرجه الأئمة الستة خلا nindex.php?page=showalam&ids=11998أبا داود من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن عيينة وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن أبيه وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني سمعت من nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان مرارا لم أسمعه يذكر الخبر ، أي يذكر أخبار nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري له إنما أتى بلفظ قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري . قال وهو صحيح من حديثه .
(الثانية) قال النووي قال العلماء nindex.php?page=treesubj&link=18737_18735الحسد قسمان حقيقي ومجازي فالحقيقي تمني زوال النعمة عن صاحبها وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة ؛ وأما المجازي فهو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة وإن كانت طاعة فهي مستحبة والمراد بالحديث لا غبطة محمودة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما انتهى ولهذا بوب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وهو بمعنى حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا باب الاغتباط في العلم والحكمة فأشار إلى أن إطلاق الحسد في هذا الحديث مجاز ، وإنما هو اغتباط ويدل على أنه ليس المراد في هذا الحديث تمني زوال نعمة الإنفاق والقراءة عن صاحبها ، وإنما المراد أن يكون له مثلها قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وهو في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=656974لا تحاسد إلا في اثنين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه من آناء الليل وآناء النهار فهو يقول لو أوتيت مثل هذا فعلت كما يفعل ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في حقه فيقول لو أوتيت مثل ما أوتى هذا عملت فيه مثل ما يعمل .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي بسند صحيح من حديث أبي كبشة الأنماري مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=664617إنما الدنيا لأربعة نفر ، عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا [ ص: 73 ] لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء ، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل ، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء
وذكر أبو العباس القرطبي أن الحسد الحقيقي الذي هو تمني زوال نعمة الغير قد يكون غير مذموم بل محمود مثل أن يتمنى زوال النعمة عن الكافر أو عمن يستعين بها على المعصية ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي في معنى هذا الحديث فكأنه قال لا غبطة أعظم أو أفضل من الغبطة في هذين الأمرين (قلت) فكأن هذين الأمرين لعظم الغبطة فيهما بولغ في شأنهما حتى نفيت الغبطة عما سواهما كأن الغبطة في غيرهما ليست غبطة بالنسبة لعظم الغبطة فيهما والله أعلم .
(الثالثة) قوله رجل مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف بتقدير مضاف محذوف أي هما خصلة nindex.php?page=hadith&LINKID=685167رجل آتاه الله القرآن ورجل آتاه الله مالا ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه .
(الرابعة) قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=685167فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار يحتمل أن يراد بالقيام به تلاوته وعليه يدل قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=654638فهو يتلوه من آناء الليل وآناء النهار ويحتمل أن يراد بالقيام به تفهمه والاستنباط منه والتفقه فيه وتعليمه للناس وعليه يدل قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وهو في الصحيحين nindex.php?page=hadith&LINKID=650071ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها قال النووي والحكمة كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح ا هـ .
على أنه يحتمل أن يكون قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فهو يتلوه معناه يتبعه من التلو لا من التلاوة ، وقد ذكر الاحتمالان في قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=92وأن أتلو القرآن ويحتمل أن المراد بالقيام به الأمران تلاوته والتفقه فيه وتعليمه فكل ذلك قيام به ، وقد قام على إرادة كل منهما دليل وهذا أظهر nindex.php?page=treesubj&link=18469_18468والاشتغال بالتعلم والتعليم أفضل من الاشتغال بالتلاوة والله أعلم .
(الخامسة) وبتقدير أن يجعل تعليمه للناس داخلا في القيام به فهل يشترط في ذلك أن يكون متبرعا به أم يدخل فيه nindex.php?page=treesubj&link=18632تعليم بأجرة أيضا قال النووي في قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فهو يقضي بها ويعلمها معناه يعمل بها ويعلمها احتسابا .
(السادسة) ويدخل فيه أيضا nindex.php?page=treesubj&link=15083_26022القضاء بالعلم وفصل الخصومات به ويأتي فيه ما تقدم عن النووي أنه لا بد أن يفعل ذلك احتسابا ، وقد بوب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على حديث [ ص: 74 ] nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود باب أجر من قضى بالحكمة .
(السابعة) قوله آناء الليل بالمد أي ساعاته وواحد الآناء إناء وأناء بكسر الهمزة وفتحها وإنو وإني بالواو والياء مع كسر الهمزة فيهما أربع لغات .
(الثامنة) قوله فهو ينفقه في الحق أي في الطاعات والحق هنا واحد الحقوق وهو يستعمل في المندوب كما يستعمل في الواجب ومنه الحديث إن في المال حقا سوى الزكاة رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، وقد يراد بالحق هنا ضد الباطل ولكن يلزم عليه أن يكون المباح باطلا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال nindex.php?page=treesubj&link=2686_13346_13022إنفاق المال في حقه ثلاثة أقسام .
(الأول) أن ينفق على نفسه وأهله ومن تلزمه النفقة عليه غير مقتر عما يجب لهم ولا مسرف في ذلك كما قال الله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=67والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وهذه النفقة أفضل من الصدقة ومن جميع النفقات (والقسم الثاني) أداء الزكاة وإخراج حق الله تعالى لمن وجب له (والقسم الثالث) nindex.php?page=treesubj&link=18045_23467صلة الأهل البعداء ومواساة الصديق وإطعام الجائع وصدقة التطوع كلها ؛ فهذه نفقة مندوب إليها مأجور عليها لقوله عليه الصلاة والسلام الساعي على الأرملة واليتيم كالمجاهد في سبيل الله .
(العاشرة) لا يخفى أن ذكر الرجل خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له فالمرأة كذلك .
(الحادية عشرة) قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال فيه أن nindex.php?page=treesubj&link=19913_19912الغني إذا قام بشروط المال وفعل فيه ما يرضي ربه عز وجل فهو أفضل من الفقير الذي لا يقدر على مثل حاله