[ ص: 338 ] ذكر إيجاب محبة الله للمتناصحين
والمتباذلين فيه
577 - أخبرنا حدثنا أبو يعلى مخلد بن أبي زميل حدثنا عن أبو المليح الرقي حبيب بن أبي مرزوق عن عن عطاء بن أبي رباح ، قال : أبي مسلم الخولاني : والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك ، ولا قرابة بيني وبينك ، قال : فلأي شيء ؟ قلت : لله ، قال : فجذب حبوتي ، ثم قال : " أبشر إن كنت صادقا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء ، ثم قال : " فخرجت فأتيت لمعاذ بن جبل ، فحدثته بحديث عبادة بن الصامت فقال معاذ : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عن ربه تبارك وتعالى : " حقت محبتي على المتحابين في ، وحقت محبتي على المتناصحين في ، وحقت محبتي على المتزاورين في ، وحقت محبتي على المتباذلين في ، وهم على منابر من نور ، يغبطهم النبيون والصديقون بمكانهم عبادة بن الصامت قلت " .
[ ص: 339 ] قال : أبو حاتم ، يماني ، تابعي ، من أفاضلهم وأخيارهم ، وهو الذي قال له أبو مسلم الخولاني اسمه عبد الله بن ثوب العنسي : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : لا ، قال : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم ، فأمر بنار عظيمة ، فأججت وخوفه أن يقذفه فيها إن لم يواته على مراده ، فأبى عليه ، فقذفه فيها ، فلم تضره فاستعظم ذلك ، وأمر بإخراجه من اليمن ، فأخرج فقصد المدينة ، فلقي فسأله من أين أقبل ؟ فأخبره ، فقال له : ما فعل الفتى الذي أحرق ؟ فقال : لم يحترق . فتفرس فيه عمر بن الخطاب أنه هو ، فقال : أقسمت عليك بالله ، أنت عمر ؟ قال : نعم ، فأخذ بيده أبو مسلم حتى ذهب به إلى عمر ، فقص عليه القصة ، فسرا بذلك ، وقال أبي بكر : [ ص: 340 ] الحمد لله الذي أرانا في هذه الأمة من أحرق فلم يحترق مثل أبو بكر إبراهيم صلى الله عليه وسلم .
وقيل : إنه كان له امرأة صبيحة الوجه ، فأفسدتها عليه جارة له ، فدعا عليها ، وقال : اللهم أعم من أفسد علي امرأتي . فبينما المرأة تتعشى مع زوجها إذ قالت : انطفأ السراج ؟ قال زوجها : لا ، فقالت : فقد عميت ، لا أبصر شيئا ، فأخبرت بدعوة أبي مسلم عليها ، فأتته فقالت : أنا قد فعلت بامرأتك ذلك ، وأنا قد غررتها وقد تبت ، فادع الله يرد بصري إلي ، فدعا الله وقال : اللهم رد بصرها ، فرده إليها .